الفصل الخامس عشر

6.9K 433 56
                                    

الفصل الخامس عشر

قطر الحياة يسير رغم انفنا، لا يتوقف لمرض، ولا يحزن لوفاة، ونحن العالقين بداخله، ماضين في طريقنا معه، رغم كل ما نواجهه من ويلات، يدفعنا الامل في الوصول بالمثابرة والتحمل .
حتى تجبرنا الظروف على أشياء كنا نستنكرها قبل ذلك، بل ونمقت من يفعلها ، فتدور الدائرة ونجد أنفسنا بين شقي رُحى، إما التنازل والتكيف مع الواقع، وإما ان نصارع طواحين الهواء؛ في حرب بذل الجهد بلا نتيجة تذكر، او ربما هزيمة تصيبنا بالدهس تحت عجلاته.

ترى هل سيأتي ذلك اليوم ويتوقف بنا في محطة السعادة، ام هي النتيجة الحتمية والمتوقعة، ولا ينتظرنا سوى المحطة الوحيدة التي نعلمها جميعا، علّ بها نجد الراحة الأبدية من كل شيء.

بنت_الجنوب

بداخل احد المطاعم الفاخرة.

وقد اتى بها بعد اتصالها مباشرةً به، لتجلس امامه الاَن مقابلة له، على طاولة جمعتهما وحدهما في ركن مميز ومنزوي عن البشر، حتى تأخذ حريتها وتتحدث دون خجل:

- ها يا بهجة، تحبي اطلبك ايه؟
بادرها بالحديث، ينتشلها من شرود اكتنفها، وكأنها سبحت بعالم اخر، بتأملها لتلك التفاصيل الصغيرة، والمعبرة عن شيء مضاد تماما عن مغزى الجلسة، الاضاءة الخفيفة وهذه الشموع التي تزين وسط الطاولة، والموسيقى الهادئة، وكأنه يسخر منها بهذه الأجواء الرومانسية.

ابتسامة جانبية لاحت على زاوية فمها، لتلتف اليه قائلة:
- شكرا يا باشا، انا مش عايزة اي حاجة، خلينا ندخل في الموضوع اللي جينا عشانه.

اومأ ملوحًا بيده امامها كي تتريث قليلًا، لينظر للنادل الواقف بالقرب منهما، يخبره بإسم اجنبي للمشروب الذي يريده له ولها.

لتزفر هي متغاضية عن الاعتراض، وانتظرت حتى انتهى، ليعطيها اهتمامه بالكامل قائلا بابتسامة هادئة اثارت استفزازها من الداخل:

- انا طلبت لنا احنا الاتنين نفس المشروب، لأني متأكد انه هيعجبك، وان كان ع الكلام، احنا لسة في بداية القعدة.

سحب شهيقًا طويلاً قبل ان يزفره، في فعل فضح توتره، رغم اتزانه المبالغ فيه، ليستطرد:

- يلا يا ستي اتفضلي قولي شروطك.

تطلعت اليه ببعض الجمود وكأن العدوى اصابتها، لتجيبه بثبات:

- أولًا عشان نبقى واضحين من اولها، الجواز حتى لو في السر مش هيتم غير على ايد مأذون.

تحمحم يحك جانب فكه الشمال في لفتة اظهرت إعتراضًا هم بالتعبير به، ولكنها سبقته قاطعة، ناجزة، تجاهد غضبها من الداخل:

- لا حضرتك دا مش محتاج تفكير، لأن انا مبعترفش بأي حاجة تانية غيره، لا ورقة عادية ولا حتى مسجلة في الشهر العقاري، حتى لو كانت مباحة، في شرعي انا اسمها زنا وانا عمري ما كنت خاطية.

حان الوصال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن