الجزء 1

459 17 1
                                    

نعم ! أنا من فعلت ذلك !لقد كنت أنا ، و أقولها بكل افتخار حين يتعلق الأمر بوطني ، وطني الذي كبرت فيه و ترعرعت بين أحضانه ، أكلت من أرضه و شربت من نهره ، و قد أكرمني دون بخل و لا محاسبة . لم يحاسبني على حَبٍّ أكلته ، و لا على ماء شربته ، و لا على ورد قطفته ، و لا
على أمن عشته ! لقد أحسن ضيافتي و أكرمني ، و كان سخيا و حريصا على أن أكبر . و ها قد كبرت يا وطني ، كبر ذلك الصبي الذي كان يلعب في طرقك ، كان يجري في حقولك و لا يأبه . لم يكن يفكر حينها في شيء و لم يكن يتوقع أن الذي آواه قد يتعرض للإغتيال .
و كيف أصمت و من رباني محاصر ؟ لست ممن يرد الجميل بالإساءة صدقني . لقد كنت الأب الذي حرمت منه . و قد قبلتني كما أنا رغم أنني كنت سيئا في طفولتي .فقد كنت أسرق العنب من جنة جارنا أبو الحسن ، و كنت أتسلل ليلا لأرى إن باضت دجاجة السيدة حكيمة بيضا ، فآخذ البيض كله و أنتظر الصباح لأبيعه في السوق . و كنت أسرق الخبز من السوق . كنت مضطرا لذلك لأن ثمن السلال التي أصنعها لا يكفي لإطعام أمي و أختي الصغرى . قالت لي أمي أن تلميع الأحذية أسهل بكثير ، لكنني لا أقبل أن أنحني ذلا لتلميع حذاء أحدهم . تعلمت في حياتي ألا أنحني ، و علمت أن السارق سيكشف يوما ما لا محالة مهما هرب ، و أن العيش بدون أب يحملك مسؤلية رعاية عائلة لتعرف بعدها كم هو صعب أن تكون أبا ، لكنه يشعرك بالسعادة حين تقدم الخدمة لعائلتك ! كنت أذهب للمدرسة و أعمل أيضا . تعلمت الإعتماد على نفسي حتى في أصعب الظروف ، رغم أن التوفيق بين العمل و الدراسة ليس بالشيء الهيِّن . و تقول لي أن أن أترك وطني ينهار أمامي ؟ أأبقى واقفا أنتظر انتصار الخونة لأصفق في آخر المسرحية و أتقدم لتهنئتهم ؟ و ما ذنبي أنا ماذا فعلت ؟ عمري خمس و عشرون عاما و لدي عائلة ! لدي ...يا إلاهي !

بقلم سجين Where stories live. Discover now