في فترةٍ من ماضٍ جرى، يُوشِكُ الظلامُ أن يَلُفَّ السماء بلَوْنٍ داكن ..
أرخى جهاز الإستماع عن أُذُنَيْه و بحث بعينيه عن شَمْسِه الغائبة.
إنقبض قلبه عندما افْتَقدَ وُجُود ملاكِهِ الصغير، خرَجَ من بيته المُهْتَرِئ مُتَمنِّياً رؤيتها بالقُرْبِ من مَأْوَاهُم.
:" مِيسا ! ".. تفقَّد المكان و لَمْ يجدها، كذلك بحَثَ في الأماكن التي اعتادت اللعب فيها، نادى باسمها عدة مرات لكن لَمْ يتلقَّى أيَّةَ إجابة.
- مِيسا، لستُ في مِزَاجٍ مُناسبٍ لأُجَارِي مزحتكِ.
إرتعدت أطرافه و جلس بصعوبة، خارت قُوَاهُ و بدأت الأفكارُ المُرْعِبة تُسَمِّمُ عقله.
" أين ذهبت ؟ "
فاجأتهُ صرخةُ الإستغاثة القوية التي صدرت من قَلْبِ الغابة، ركَضَ بأسرع ما يمكنه لإيجادها، و ما إن وقعت عيناهُ على منظر الدماء التي غطَّت الأرض، حتى تجمَّد من صدمته !
ما ترَاءَى له أن حيواناً قد هاجمها بوحشية، إقترب بخطوةٍ مُتَردِّدة، عيناها تحدِّقُ به بجمود !
إحتوى جسدها النحيل بذراعيه، عانقها بقوة و دمعَاتُهُ تنهمرُ بألم
ردَّدَ بهمس :" آسف، آسف، أختي، ملاكي "...
بكَى و جَوْفُهُ يحترقُ على ما أصاب شقيقتَهُ من أذى.:" مِـيـســا ".. خَسِرَ يومها روحَهُ التي كانت أملاً له في إكمال مسيرةِ حياته، و صرخاتهُ مُتَعالية لا مَن يَسْمعُها أو يُلَبِّيها.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
:" كايري ".. وجدها بين الأشجار تبكي، مُمْسِكَة بسَاقِها النحيلة:" ماذا تفعلين هنا ؟ ".. صاحَ بها وهو يحملها إلى خارج المكان
- أردتُ أن ألعب .. فسقطت.
مسَّدَ لها ساقها و شعورٌ يُخَالِجهُ بأن شقيقتَهُ
أمامه الآن !.- أعتقدُ أنها صارت بخير.
أوْمَأت له و مسحت دموعها، إبتسم لها واحتلَّهُ الصَّمْتُ إلى أن نطَقَ فجأة
- كايري، لا تذهَبِ إلى أيِّ مكانٍ دون إعلامي بذلك، ولا تختفي عن ناظِرَيْ، إتَّفقنا ؟
همست: حسناً.
عندما أراد النهوض، إستَوْقَفتْهُ قائلة
:" مهلاً ، للتو .. هل قُلْتَ كايري ؟ "تذكَّر أنه يعمَلُ لديها، و أدرك خطأَهُ الفادح
- كيف تجرؤ ؟ أنا لم أسمح لك بهذا، لا تنسى أنك خادمي هنا فقط لا أكثر.
نهضت عن الأرض و نفضت ثيابها، تقدَّمت أمامَهُ بخطواتٍ صغيرة
:" هل كُنْتَ تبكي ؟ ".. تصلَّبت قدَمَاهُ لحظةَ سؤالها
![](https://img.wattpad.com/cover/104540451-288-k34845.jpg)
YOU ARE READING
رماد و جليد
Short Storyأحدهما نقيضٌ للآخر .. أن تموتَ الإنسانية في روحٍ طُفوليَّة .. و تعيشُ في روحٍ مُثْلِجَة. الرَّماد : أُوذِيَتْ لِتَكُون مُماثِلةً له تبحثُ في الشَّرِّ عما يُشْبِعُ انكسارها المُتَألِّم. الجَلِيد : سُلِبَ منه الشيءَ الوحيدَ الذي عاش لأجله فَـ باتَ الج...