أشرقت الشمس بعد وقت طويل و بعد استحضار للذكريات أليم.
الطقس حار اليوم و النجمة الصفراء حارقة. لكن ريحا طفيفة تزور الكوخ من آن إلى آخر، حاملة معها نسيم قعر البحر و رائحة الياسمين و الأقحوان، مزيج طيب يبهج الأعماق.شربت كوب قهوة، صرت مدمنة على ذلك السائل الأسمر المر، مر و لا أستطيع قضاء يومي من دونه... اتجهت نحو البحر، حيث الهدوء و صوت الأمواج، حيث السعادة و الاسترخاء.
في هذه الأثناء أنا مغمورة في الماء الباردة ... صرت كالحوريات، جميلة و عارية في البحر، ثم اختلط الواقع بالخيال . و فجأة تملكني إحساس رهيب، رغبة تقودني نحو العمق، و هنا تذكرت...
قبل عقدين، كان صيفا، كنت في مثل هذا المكان في منطقة أخرى، كنت شابة و كان المعتوه الآخر يزعج راحتي برسائله السخيفة، رسائل تحمل بين ثناياها، دفئ و حنان و رغبة في الاطمئنان...
قبل عقدين، كنت حمقاء متعجرفة، أنانية و ملعونة، كنت أملك ملكا، بكل ما تعني هذة الكلمة . و قد أحبني أكثر من أي شخص مضى، و على سبيل الغباء تركته يمضي...
قبل عقدين، كان بحوزتي شاب تحمل كل قصوتي و لم يغير في كياني شيء، عشق ذلك المعتوه كل تفاصيلي وتركته كئيبا وحيدا، خيبت ضنه، استأصلت نبضه ثم تركته. كنت أصغر من أن أحافظ عليه. كم كنت حقيرة و كم أنا نادمة.
على طول العقدين يحمل قلبي وجعا ثقيلا، أعاني فقدان ذلك الآمن الوفي وأحس بالذنب أيضا .
أتألم في صمت، لا أخبر أحدا، اغير قلبي المحترق و أتلدذ العداب من جديد و استنشق عطر البن .