غربان الليل

6K 519 34
                                    

"منذ الآن فصاعداً ستصبحين دراقون ابنة كالدويل ابن سيقار -كرووتيلان" قال الزعيم سيقار بغلاضة و أكمل:" انتِ الآن تحمليين لقب كروتيلان العظيم، احترمي الإسم الذي تحملينه من الآن فصاعداً" قال بنبرة آمره
ابتعلت ريقي بسرعه و قلت بإحترام:" أجل يا سيدي"
كان الغضب يبعث من القاعه بشكل واضح و كنت أعلم انني المعنية بكل هذا الغضب و الحقد، و لكن لم أهتم لأنني سرعان ما استوعبت انني اخيراً حققت مرادي سأعيش في هذا المكان اخيراً بسلام ، فالبطبع كنت مستاءة من نفسي فقد تخليت عن اسمي السابق و لكن هذا ارحم علي مئة مره من ان اكون تحت رحمة لوكي.
"بلاكسون، دراقون اتبعاني" قال كالدويل بهدوء و هو يقف و أكمل و هو يحادث ابيه "أنا استأذن يا أبي"
"أجل ، مسموح انصرف" قال الرجل الكبير بشئ من الراحة
خرجت و انا لا أفهم شئ كل ما فعلته هو انني تبعتهم بهدوء
و اخيراً وصلنا لغرفة اخرى في جانب غريب من القصر بدى فيه شئ من الإختلاف، كانت غرفة اجتماعات مصغرة، دلفت خلفهم بسرعة، وجدت بلاكسون يغلق الباب خلفي بقوة، بينما جلس كالدويل على أقرب كرسي بهدوء كعادته.
"ما الذي تفكر فيه يا عمي؟؟" صرخ بلاكسون و و هو يلكم الطاولة بعصبية واضحة، و أكمل:" بقيت صامتاً و لكن الآن انا عاجز عن تخمين ما تفكر فيه، هل ستبقيني بعيداً عن مخططك لوقت طويل!؟ ما الذي يحدث!؟"قال و هو يرمقني و اكمل:" في ماذا قد تفيدنا هذه الفتاة الضعيفة انها بلا قيمةٌ هنا في كروتيلان"
كنت انظر اليه ببلاهة و هو يصفعني بكلماته لا أفهم ما الذي بجري هنا تحديداً و لكني و بشكل غريب شعرت ان هذان الإثنان كانا مختلفان عن بقية الكروتلانديين و الآن انا معهم اصبح الأمر اكثر غرابة.
رفع كالدويل رأسة بهدوء و قال ببساطة:" بلاك اجلس الآن و سأشرح كل شئ، و انت دراقون اختاري لكِ مقعداً"
وجدت بلاكسون يجلس بهدوء و هو يرمقني و بدا واضحاً انه يغلي من الداخل، بينما انا بحيرة و شئ من الخوف جلست على اقرب كرسي ، كنت اشعر بأنه لا يحق لي ان اختار الكرسي الأريح انما فقط ارمي نفسي على اقرب كرسي.فقد كنت لا زلت تحت تأثير الصدمة.
" استمعي الي يا دراقون" قال كالدويل و هو ينظر الي بهدوء، بدت ملامحه اكثر رقة من ما اعتدت عليه سابقاً، ربما لأنني لم اتمعن جيداً في ملامحة سابقاً.
"الآن انتي جزء من قبيلة كروتيلان، و سيتم معاملتك كفرد من القبيلة رغماً عن انف الجميع" قال كالدويل و هو يرمق بلاكسون بتهديد، و أكمل:" فأنتِ الآن لستِ كرووتلاندية عادية بل انك من العائلة الحاكمة للقبيلة، سيتم اضطهادكِ بشكلٌ او بآخر، و لكن هم الكروتلانديين هكذا، العنصرية متأصلة في قومنا و كأننا خلقنا من ذهب"
نظرت اليه بإستغراب فقد كنت اتخيل بأن كروتيلان هي جنة من الترابط و التماسك.
و أكمل:" لا شئ مثالي حتى في كروتيلان و لا سيما في هذه الفترة التي نعيشها، كما تريين نحن نعيش في انقسام، حتى فيما بيننا نحن الإخوة، فلم يعلن عن ولي للعهد من قبل ابي، مع ان الجميع يتحدث عن نايجل، و لكن هناك دوجال، أنا و حتى ماك او بلاكسون كلنا هنا ورثاء محتملون، و لذلك هناك صراع داخلي على العرش، يظلم فيه الجميع"
لم افهم من حديثه ما الذي يريد ان يصل له فهو كان يشرح لي و بكل صراحة ما يجري في كرووتيلان، كانت صدمتي كبيرة بالواقع فقد بنيت امالاً على ان تكون كرووتيلان مختلفه لا انقسام فيها و لا صراعات، و المرء فيها يعيش بهدوء، كنت اخاف سابقاً الكروتلانديين فهيئتهم مرعبه و سمعت عنهم الكثير من القصص الدمويه. و لكن كونهم قبيله واحدة اعتقدت انهم متماسكين.و اخيراً قررت ان انطق و قلت:" و ما فائدة وجودي قربكم!؟"
نظر الي كالدويل لبعض الوقت و قال:" حسناً جيد، انتي تفهمين ان وجودكِ ليش عطفاً فقط، كما تريين هناك صراع على كرسي الزعامة و كل واحد من اخوتي يطمع لشئ من خلف هذا الكرسي، فنايجل يعتقد انه حقه الطبيعي، فهو ولد و هو يسمع انه الأحق به، و لكن نايجل بالرغم من قوته الظاهرية الا انه ضعيف فزوجته تتحكم به و دوقال يتحكم به، بينما دوقال طموح ان لم يحصل على الكرسي قد يقيم حرباً كبيرة، لا يهمه الناس كل همه السيطرة فهو يريد ان يجعل كرووتيلان اكبر و اكبر، سيدخل الكروتلانديين في حروب كثيرة ليرضي طموحاته"
نظرت اليه لفترة و سألت بحزم:" و ماذا عنك!؟"
"أنا لا أطمح للحكم" قال ببساطة
"ماذا!؟ و لماذا اذاً!؟" قلت بإستغراب
"مهمتي هي حماية كروتيلان و لذلك كونت لنفسي جماعة اضمن من خلالها ان اسيطر بشكل بسيط او ان تكون لي الصلاحية لإتخاذ بعض القرارات، لا احتاج لحكم مطلق كل ما اريده هو ان تسمع آرائي و آراء الناس"
و سألت:"و ما دخلي انا في كل هذا!؟"
"بكل بساطة اجد فيك اصرار و عزيمة ستكونين ذات فائدة لحماية كروتيلان نستطيع الإستفادة من خبراتكِ" قال بهدوء و اكمل:" كما ترين نحن جماعة تحت اسم "غربان الليل" نحن اقرب للكتيبة نقوم بحماية كروتيلان من الخارج، و من الداخل نقدم المساعدات للناس بشكل طوعي نبني لهم بيوتهم و نساعدهم في المناجم و في زراعة الأرض، و ان وقع لهم ظلم نوصل صوتهم للحاكم"
كنت انظر اليه بشئ من الأمل كان يتحدث عن كلام جميل، مثالي بعيداً عن الطمع فهدفه هو حماية كرووتيلان، لا السلطة ولا الجاه يهمانه، و لكن هذا ذكرني بحركة حقوق الشعب هم لديهم أهداف مشابهة، و لكن!؟ و لكن ؟! ، كنت أريد ان اثق بهم و اريح نفسي من
هم التفكير و لكن تجاربي السابقة جعلتني لا اثق بأحد ابداً .
"بلاك يمكنك ان ترشد دراقون لغرفتها" قال كالدويل و هو يقف و يهم بالخروج، و اكمل" يمكنكِ ان ترتاحي الآن و غداً ستفهمين أكثر"
"و لكن يا عم أنا.." اعترض بلاكسون قبل ان يقاطعه عمه و يقول بحزم:" كما امرتك انتهى النقاش هنا"
خرج كالدويل من الغرفة و تركني مع بلاكسون الغاضب ، كان يغلي غضباً كأنه بحر هائج بعينيه الغريبتيين.
"لا احتاج لإحسانك، فقط ارشدني لغرفتي و انا سأتصرف" قلت بهدوء.
"ارى بأنكِ بدأتي تأخذين راحتكِ في المكان كثيراً، ما رأيكِ ان تزيلي جدي ان الكرسي و تحكمي مكانه" قال بتهكم
"اسمعني جيداً يا سيد بلاكسون، مثلما انت حفيد الحاكم سيقار كروتيلان ، فأنا اصبحت ابنة كالدويل كروتيلان و حفيدة الحاكم سيقار و أحوالنا متشابهة" قلت بغضب
وجدته يكتم غضبه في داخله بصعوبة بدى هذا جلياً في ملامحه و لكنه سرعان رسم ابتسامة تهكمية و قال بسخرية:" تفضلي يا ابنة عمي لأرشدكِ لغرفتكِ الجديدة"
مشيت خلفه وأنا قد وضعت الكثير من الآمال و رسمت لنفسي الكثير من الأحلام، كنت متخوفة من المستقبل.
أوقفني أمام باب متواضع مصنوع من خشب غامق ، بدى فاخراً فقد حفرت صوراً لزهور غريبة على الخشب.
"هنا غرفتكِ يا جلالة الأميرة" قال بلاكسون و هو يكتم غيضه
"شكراً" قلت بهدوء و أنا أضع يدي على المقبض الحديدي، قمت بتدوير المقبض و أخذت نفساً عميقاً و دخلت ، كانت الغرفة متواضعاً بأثاثها الغامق، كان وجود الأبيض مع الأسود فخماً بهر عيني تماماً ، كنت دائماً أعشق الأخضر و لكن في ذلك اليوم أصبح مزيج الأسود بالأبيض لوني المفضل الجديد.
رميت نفسي على السرير بتعب ، و غرقت في بكاءٌ مرير كنت أفقتد قريتنا و حتى أهلها الذين ظروني و السيد العمدة و أبي ومعلمي و ماريام و الأهم من كل هذا و ذاك كنت أفتقد أخي ، إيليوس، كنت أدركِ ان برحيل إيليوس ستغيب نصف سعادتي ان لم تغب كلها، كنت في تلك اللحظة، انني سأمضي ليالي طوال و أنا ابكي حتى يلتأم جرحي و ينجبر خاطري و ربما حينها سأفكر كيف أعيش من جديد ككل البشر، فقد كانت وحدتي شديدة، ففعلياً بقيت بلا سند، بالرغم من انني اصلحت ابنة الكرووتلاندي إلا أن نواياه في تلك اللحظه لم تكن واضحة، نمت بعدما شعرت انني بت كالجثة الناشفة من فرط البكاء.
استيقظت صباحاً و قد كانت تراودني نوعٌ من اللوعة، استيقظت بسرعة، و تذكرت انه انه لا توجد لدي ملابس او حتى اغراض، ىةو فقط حينها سمكت طرق الباب، قلت و انا انظر للباب بإستغراب::"تفضل"
وجدت سيدة غريبة ببشرة حنطية و عينان خضراوتان وشعر كساه بالبياض بالرغم من مقاومة السواد فيه، و خمنت ردائها انها عاملة هنا، وجدتها تقول بإنزعاج بسيط:" آنسة دراقون، هنا هذه الملابس لكِ، و حينما تعودين لغرفتكِ ستجدين المزيد من الملابس "
"شكراً يا سيدتي" قلت و انا آخذ منها الثوب الأسود ذا الياقة الطويلة التي تغطي أغلب الرقبة و الأكمام الطويلة التي انتهم بفرو بني، كانت الثوب بجماله و فخامته يفوق تواضع ملامحي و يفوق أقصى أحلامي، كنت أشعر بنفسي قبيحة جداً أمام هذا الثوب المبهر، لم أكن أعلم ان ثوبٌ كهذا بالنسبة للكروتلانديات هو أمر عادي.
خرجت السيدة فهممت بتغيير ملابسي و معه قمت بصنه جديلة جانبية بشعري المبعثر.
و من هناك ظننت انني يجب ان اخرج، فتحت الباب و في انتظاري كان بلاكسون و الذي قال بإنزعاج واضح:" أخيراً استيقظت جلالة الأميرة" و أكمل و هو ينظر لعيني مباشرتاً :" هيا أيتها النارية اتبعيني، لنتناول الفطور مع البقية، سآخذكِ للمدينة لأطلعكِ على أعمال غربان الليل"
لحقته بهدوء دون ان انطق بكلمة لم اكن بمزاج جيد، فقد بكيت كثيراً الليلة الماضية، و نحن في طريقنا لغرفة الطعام وجدنا السيد كالدويل يتجه لقاعة الطعام.
"صباح الخير" قلت للسيد كالدويل
"صباح النور يا دراقون" قال بإبتسامة غير معتادة ، فهو كان دائماً متجهمٌ و صامت و لكت لم تكن ملامحه قاسية كملامح ابيه او ملامح اخوته.
دخلنا لقاعة الطعام و هناك كان جميع حضور اجتماع البارحة موجوداً ، نايجل و زوجته و ابنه و ايضاً دوقال ،كان الجميع بإنتظار الزعيم سيقار لتناول الفطور.
كنت ارى الغضب في وجوههم، و لكن كنت لا أستطيع أن افعل شئ اكتفيت بإختيار اقرب كرسي و جلست بهدوء، كانت الطاولة على عكس الوضع التقليدي مستديرة، كانت كل الكراسي فيها متشابهة إلا كرسي الزعيمو الذي بدى أكثر فخامة، و على الفور قبل ان يبدأ اي احد فيهم بإهانتي و الذي بدت ان هذه نيتهم منذ البداية دخل الحاكم سيقار ، وجدتهم يقفون ففعلت مثلهم، فراحوا يحيونه بطريقتهم و هي ضرب الكف بالقبضة، فقمت بالمثل و وجدت الزعيم يرد بحركة مماثلة.
جلسنا فوزع الطعام و و الذي كان عبارة عن حساء الشعير و و بعض الخبز، تناولت طعامي بنهم فقد كنت اشعر بجوع شديد.
و حينما فرغ الجميع من الطعام وجدتهم يستأذنون الحاكم و يخرجون ، بينما بقيت أنا و بلاكسون فقط في النهاية فقد استأذن الزعيم قبلنا.
"هل انتهيتي يا جلالة الأميرة لقد تعبت الإنتظار" قال بلاكسون بإنزعاج
"ماذا عساي أفعل انني جائعة هل أمثل عكس ذلك" رددت بتذمر
"حسناً لا يهم الحقي بي الآن" قال بهدوء
رحت الحقه، فمؤخراً اصبحت كل ما افعله في كرووتيلان هو ان الحق بلاكسون، لقد كان الشخص الوحيد الدي استطيع ان اتحدث معه بحرية في هذا المكان. وجدتنا نخرج من القلعة فخرجنا للمدينة و كانت عالماً آخر،كنت دائماً اتخيل ان الكروتلانديين شعبٌ همجي يعيشون في كهوف وسط الجبال كالدببة و اقصى مستوى معيشي تهيلته لهم هو انهم يعيشون في اكواخ صغيرة مهترئة و لكني صدمت من تحضرهم و تمدنهم، كانت كروتيلان أشبه بمدينة كبيرة و لكن نشطة و غنية كان الشعب في حالٍ جيد ارتسمت على وجووهم سمات الراحة و الطمأنينة، ما جعلني اعتقد ان كروتيلان تشبه القرية وذلك لأنهم بدوا متآخين جداً و الجميع هنا يعرفون بعضهم البعض عكس ما وصفه لي كالدويل.
لاحظت و نحن في الطريق الناس ينظرون إلينا أنا و بلاكسون و يشيرون الينا و يهمسون، و قد كانت على وجوههم امارات الإستغراب و على وجه البعض امارات الإشمئزاز و الإزدراء، كنت اعي بأنني ابدو غريبة و مختلفة و لكني لم افهم ما شأن بلاكسون في كل هذا؟!
--------------------------
ما رأيكم بالجزء الجديد!؟
هل تعتقدون ان كالدويل كان صريحا مع دراقون ام ان له نوايا خفية!؟
و ماذا عن بلاكسون!؟
ماذا تعتقدون سيكون دور دراقون في جماعة غربان الليل!؟
اتمنى لكم قراءة ممتعة و اعتذر على التأخير و رمضان كريم

النار التي لا تنطفئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن