لحظةٌ لا تغيب عن الذّاكرة (مفتاح الموضوع)

525 21 3
                                    

في مدينة الضّياء تلك، التّي بات نورها يتلاشى مع مرور الأيام.

استقرّت عيناي على النّجوم المتلألئة التّي صار ضياؤها يختفي شيئاً فشيئاً و أنا أغوص في الأرض، و على عاتقي حملٌ كبيرٌ و همّ سعته السّماوات و الأرض.

رغم أنّ البذلة كانت مجهّزة لمقاومة الحرارة و ضبط كلّ عوامل الحياة البشرية، إلاّ أنّ ما كانت توحيه إليّ عيناي من الحمم و السًخونة الشّديدة في قاع الأرض كان يجعل الخوف و الذّعر يجري في عروقي، و ما زالت المركبة المقاومة تمضي نحو الهدف المنشود، و ما زالت الخواطر و الهموم في قلبي تَنشُد من يفتح عنها الباب؛ تفريغاً لقلبي و تفريجاً لكربي، تلك الذّكريات الجميلة تلوح في الأفق البعيد.

اهتزّت المركبة و أحسست بأنّي أصول و أجول في الهواء دون وزن، جوارحي انفصلت عن جسدي، فما صرت قادرةً على التّحكم، و زاد الضّغط على المركبة لتنفجر دون سابق إنذارٍ، مخلّفةً عنها أكواماً من الحديد و الأجهزة المتطوّرة و المتناثرة، لكن الحمد للّٰه، لم يمسّني أي ضررٍ و أنا بداخلها.

بدأت أطفو بغير ارادتي و كم حاولت التّوازن و لكن لم أستطع، لم يكن ذلك الجسد لي حينها، بل كان مِلكاً لتلك الجاذبية الهوجاء، ألحت بعيناي يميناً و يساراً فإذا هو كالمجال العازل عن الجاذبية، و بينما أنا هكذا وقعت عيناي على بلّورة تجتمع كلّ ألوان الطّيف لتنيرها، لا يوصف لها جمالٌ، بريقها كالنّور الوضّاء الذي يخترق الشفق كيفما شاء.

شعرت و كأنّ البلورة تسحبني إليها ببطئ و أنا عاجزةٌ عن الحراك أسبح في ذاك المجال فاقدةً ما أملك من القوى و التّوازن، لتلتقط أذناي صوتاً ناعماً جذّاباً.


"أنا الأمّ...الأرض..."

بلا رجعة...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن