خفايا يكشف عنها السّتار

185 12 10
                                    

فتحت عيناي على ضياء النّجوم، بين أسوار الفضاء الواسع و الكواكب تحوم حولي. "ذاك عطارد...هاهو أورانوس...ذلك نبتون...لكن أين الارض؟" حرّكت رأسي مستديرةً خلفي لألمح ما محى البسمة عن شفتاي، لقد كانت الأرض شمساً متفكّكةً أو إن صحّ التّعبير أرضاً مشتعلةً يسودها الخراب و الدمار، لا تعرف شرقها من غربها و لا شمالها من جنوبها.

نعم...كدت لا أعرف كوكبي من بين المجرّة، ثم التقطت مسامعي صوتاً حنونا،ً حكيماً و هادئاً.

"شيرين...أنا ضمير الكتاب القرمزي...كتاب مجرّة الأجيال... منّي لك ثلاث دررٍ...اسرارٌ مبهمةٌ تفكّ عقدتها بمرور الزمن، لن يفتح بعدها الكتاب و سيغلق من وراءه الأبواب...
الشّمعة تحترق لتنير غيرها فكوني مثلها.
تذكّري أنّه لا حياة مع اليأس و لا يأس مع الحياة.
إن ساءت الأحوال فلا مانع من قلب الموازين لكن بحذرٍ و انظري دائماً إلى الجانب المشرق"

إلتففت يمينا ًو يساراً و ناديت مستفسرةً لكن الصوت انقطع و ظهر ذلك الضّياء مرّةً أخرى ليسحبني ثانيةً...

فتحت عيناي مذهولةً ممّا جرى تحت جدران الحجرة، و الكتاب بين يدي تصفّحته مراراً و تكراراً لكن دون جدوى، صفحاته بيضاءٌ لا أثر للحبر عليها و بدأ اللّون القرمزي يتلاشى شيئاً فشيئاً حتّى صار سواداً.

رميت بالكتاب جانباً، لتشتعل في روحي شعلة أملٍ لا تنطفئ، و أمسكت أوراق الأبحاث لأواصل ما بدأت تارةً و أمسك الكتب العلمية أتصفحها تارةً اخرى، و لا زلت على حالتي هذه حتى صادفت عيناي و أن لمحت جملةً اقشعرّ لها بدني و طرأت على قلبي بالرعب.

"انعدام الجاذبية الأرضية"

نعم...هذه نتائج الأبحاث العلمية، بعد أن تلقّى المركز نبأ الموجات التي باتت تهدّد حياتنا.

عاد صوت طرق الباب ليطغو على مسامعي و وقع الأقدام قد أشار إلى اقتراب شخصين، اكتفيت بلفظة "ادخلا" فإذا هو نفسه البروفسور كالاهان رفقة الدكتورة أماني.

أسند جذعه على الجدار بعد أن عقد ذراعيه، رددت على غرابته هذه قائلةً: "بطريقةٍ أو بأخرى اكتشفت أن الجاذبية تتقلّص شيئاً فشيئاً، لا أدري كيف؟ أو لماذا؟لكن هذا آخر ما أظهرته نتائج الأبحاث، الموجات الكهرومغناطيسية تنبعث من باطن الأرض، تحديداً من نواتها و هذا ما يجلب الذّعر...شغفك لم يصل بعد إلى مراده، هل تريد ان أواصل؟"

فعاد ليقاطعني في تجهمٍ "لقد اكتفيت"، حينها قلت في منتهى الجدّية "لا بدّ من اقامة مؤتمر لتبليغ اللّجان الفيزيائية و العلمية"

بعد هنيهة من الصّمت استدار بوجه الباب بعد أن شدّ ذقنه بأنامله "طبعاً...نعم" لتتبعه الدكتورة أماني متحيّرةً صامتةً، تظهر على وجهها بصمات الرّعب والغموض واضحةً.

بلا رجعة...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن