وتنَ سمعها في دخول أصواتٍ متشابكة،
تعلو،
تنخفض تارةً،
فتزداد علوًا و زهدًا.معاهدة الأمر عادةً لها،
لكن ليس لرغبتها،
التي دانت لأصواتهما نهار ومساء كل يوم.أنهت ما غلفَ صحنها من طعام،
أسندت معلقتها إلى الصحن،
مسحت فمها بمنديلٍ مزخرف،
وقامت من المائدة كبيرة الطول متمللة،
فتولى الخدام مهمة إزالة ما أبقته بعد رحيلها.تناولت هاتفها،
حذائها،
وما بقي منها من صبرٍ بات يستنزف،
وشطر مخرج البيت راحت."آنسة ليزا، لا يجب عليكِ الخروج بهذا الوقت المتأخر." قالت خادمةً شابة لدى فتح قصيرة الشعر للباب، فتبسمت الأخيرة بهدوء.
"هم يتشاجرون كالكلاب الجائعة وحتى لم يلاحظوا قيامي من المائدة، لن يلحظ أحد إن كنت بالخارج فلا بأس." أجابت، و استجابت مع أقدامها خارجةً من البيت، ذو الطراز الكلاسيكي، وولت كل شيئٍ دبرها.
***
"يا ذوو العقول الصغيرة!" صرخت.
في طريقٍ بالكاد يسعها،
تبحث عن أحدٍ،
فلا تجد،
فتعيد الصراخ."حبتي جوزٍ بعقل حبة أرزٍ دون ملح، مقززون غير مراعون! اذهبوا للجحيم!!"
"يستحسن ألا يكون كلامكِ موجهًا لنا يا صغيرة." قال رجل شبه ثمل، يبدو من عصابةٍ ما، مع عدةِ ندباتٍ بوجهه الأسمر.
"هل علي النفي؟" قالت مبتسمة، ابتسامةً مستفزة دفعت به الغضب.
"ماذا تفعل فتاةً بالابتدائية هنا؟ تمرحين مع أحدهم؟" متناسيًا غضبه، أردف مع ذات ابتسامتها، وفعل الرجلان الآخران، اللذان يشاهدان دون أدنى اهتمام.
"تصحيح، فتاةً بالثانوية يمكنها عصرك يا حبة العنب الفاسدة.. وأيضًا لا أمرح، لكن إن أردت يمكننا المرح معًا، هذا إن كنت تستمتع بضرب صغيرة بالابتدائية لك."
"بدأت ألفاظكِ تزعجني يا صغيرة"
"وماذا أفعل إن كان وجهك البشع يحفز هرمون الشتائم بي؟"
رفع حاجبه منزعجًا،
يحافظ على ابتسامةِ وجهه وماءه،
فيما يقترب منها قائلًا :"أنتِ حقًا لا تبالين بحياتكِ، ألستِ كذلك؟"
"لأقول الحقيقة، بعد رؤية وجهك الشنيع، بدأت أفكر أن علي الموت لئلا أراك." نبست تقهقه مستمتعة، لا تحرك من جسدها شلوًا ضد اقترابه، فما كان إلا أن وقف أمامها يشد شعرها مع غضبٍ يعلوه.
