كانت أشبه بلفحةٍ ربيعية لي؛ لأنني علمتُ ما خطب جسدي الذي أمسى في ليلةٍ خريفية يضيع مني!.
لا زلتُ أرتجف كما قبلاً، لكن على الأقل تلاشت الغصة من نصف حنجرتي و انسابت الى فؤادي .. هناك، هناكَ دفنتها كما سابقاتٍ مماثلات.
كان ذاك السر في عدم تدفق الدمع من عيناي، و كان الدفن يتم على مراسمٍ أتبعها بخفيةً شديدة..!
مراسمٍ تكللُ بالأنين الداخلي، بالتذمر الصامت .. ببكاءٍ يتضرع الرحمة الإلهية دون دموع يمتلكُ نخزةً حقيرة، كان ألم الروح أصعب و أدق تعذيبً من الجسد فلماذا أحزن و أعتبرها صفعةً مدوية كما أمي؟!..
ألمي مُختلفٌ عن ألمها ..
وجدانها لن يسمح بترحيب ذلك الخبر، أما أبي فقد رمقني نظرةً مُستاءة و كأنما كَبُر أعواماً شاقة الأحداث في ثوانٍ معدودة ..!رباه.. عدة أحرفٍ كوّنت جملة تسببت بكسر قلبين الى أشلاءٍ متناثرة!.
ايعقل؟! .. ام لأنهم والدين! تلك علاقةً روحية بين الطفل و الأبوين لا يشعر أحدهم بالمحبة و الثبات إلا عندما تهب رياح متثلجة تتقصد هز الشجرة .. !هدأ جسدي تدريجياً، لم تبقَ سوى رفرفاتٍ خفيفة في عيني اليُمنى، وجدتُ أمي تحضني، تمسح على شعري، تقبل خدايَّ و جبيني و أبي يجلس القرفصاء في عجز!!.. يسوّر رأسه بكفيه جل نظراته على الأرض.
كان ذلك صعبٌ عليَّ أن أبصر والدي يمسد جبينهُ و يتظاهر بمسح وجهه من الصدمة إلا أنه كان في محاولاتٍ فاشلة لبتر دموعه!.
- ما سببها أيها الطبيب؟!.
سأله بعد أن وقف و أستل أنفاساً عالية الرنة، كان شهيقٍ عالي و ذلك لمنع دموعه الصلبة من الانجراف..- خلقية، ولادتهُ تمت في المنزل صحيح!.
كان نطقهُ آلياً، أعتقد أنه معتادٌ على تلك المناظر من الأسى حتى استطاع إرتداء اقنعة البرود ..!-صحيح..
همست أمي و إزداد نحيبها..-لا تبكي.
قُلت علّها تتوقف فذلك يؤلمني أكثر من آلام جسدي و يدي و كلُّ جرحٌ ينزف في داخلي.مضى وقتٍ ليس بطويل وصف لي أثناءها الطبيب أدويةً .. مُهدئة، عصبية، ضد الإكتئاب ..!
الإكتئاب!! هذا ما جعلني أقطب حاجبيَّ مُستنكراً و حينما سألت بصوتٍ قوي يظهر اعتراضي اجابني الطبيب بأبتسامة ..
- لأنك تفكر و تسأل كثيراً.أفكر، اسأل!.. هل يجب على الإنسان الإمتثال لأي شيء حتى يكون طبيعياً؟!..
أكان الإنسان حقاً بتلك القناعة البالية!.
كم مرةً عليَّ أن أتعجب في اليوم؟!..
من الخطأ ومن الصواب!!..
![](https://img.wattpad.com/cover/110097129-288-k833057.jpg)
أنت تقرأ
الديجور
Spiritualو كم رغبتُ بدمعٍ يغسل صفحتي المُلطخة!، كانت تلكَ أشبه بأمنيةً عقيمة الولادة يا أمي.. ولكم قُلت أنني لم أقصد!، كانت تلك جملةً بكماء لا تُسمع و كفيفة للرؤية لأبتي.. يا أماه. ما الشرور الذي زرعت في رحمكِ حتى أجني الشوكَ في مهدي و ما تبقى لي من حياة؟. ...