"لقد كُنت وحيدًا، حينما كان يحاوطني الكثير. لقد كُنت هادئًا، حينما كان يحاوطني الضجيج. لقد كُنت تائهًا، حينما كان كل شئ حولي ثابتًا. حاولت إبقاء عقلي منشغلاً حتىٰ لا أرهق ذاتي أكثر من ذلك، لكن الأمر صعبُ للغايه. أنا مليئ بالكثير من التناقضات، التى ت...
مر أسبوعان منذ تلك الحادثة الغريب. أستيقظت إيلينا فى اليوم التالى، لتجد نفسها نائمة على الأرضية ومازالت ترتدِ المنشفة. ومن بعدها أصبحت تشعر بوجود شخصٍ ما حولها طوال الوقت. داخل منزلها، فى المقهى، فى الجامعة، مع أختها وحتى مع أصدقائها. تشعر بأحدٍ يراقبها ويلاحقها، لكنها فقط لا تستطيع رؤيته. هى فقط تشعر بوجوده، وهذا ما زادها خوفًا. أضافة إلى سماعها لهمسات مُبهمة داخل عقلها أحيانًا. تكاد تفقد عقلها بسبب ما تمر به. وذلك الكائن، هو لا يتركها وشأنها. لقد أصبح يزورها يوميًا بأحلامها، لكن الغريب هو أنه يكون منقذها لا مهلكها. أستيقظت إيلينا بفزع أثر نفس الكابوس. أشخاص يرتدون عباءات سوداء قاتمة، تغطى وجوههم. لم تكن تسمع سوى صوت أنفاسها المتسارعة أثر ركضها منهم، فهم دومًا ما يحاولون قتلها. ملامح وجههم مطموسة تمامًا، وأجسادهم غير بشرية أبدًا. ظلت تركض منهم حتى سقطت على الأرض وهى تنزف من قدمها بشدة أثر سقوطها. الدموع تملئ عينيها، وتكاد تلتقط أنفاسها. ليختفى كل شئ حين يظهر ذلك الشخص ذو الأعين المشعة، ويقوم بحملها بعيدًا عنهم. فى النهاية تعود لتستيقظ وهى تتنفس بصعوبة وتتصبب عرقًا، لتشعر بوجود أحدٍ معها فى الغرفة..
مؤخرًا أصبحت إيلينا تكره النوم، وقد قلت عدد ساعات نومها. حالتها ساءت وأصبحت شاردة طوال الوقت. عقلها لا يستطيع التوقف عن التفكير بما تراه فى أحلامها وما تشعر به فى واقعها. نهضت إيلينا من سريرها بعد نفس الكابوس وهى تشعر بالضعف. جسدها منهك للغايه وحالتها سيئة. توجهت نحو الحمام، لتستحم. أستغرقت وقتًا فى الحمام وهى تفكر بلعنتها، لتخرج ثم ترتدى ملابسها.
وضعت أشياءها فى حقيبتها ثم خرجت من غرفتها. توجهت نحو المطبخ، لتجد كارلا تُعد الفطور. جلست بتعب على أحد الكراسى، لتضع كارلا صحون الفطور على الطاولة. " تبدين متعبة إيلينا. هل مازال يراودكِ ذلك الكابوس مجددًا؟ " تحدثت كارلا بقلق على أختها، لتجيبها إيلينا " بل أصبحت أسوء. " " مازلتِ ستذهبين للمقهى بعد الجامعة؟ أرتحِ قليلًا إيلينا. " سألتها كارلا، لتخبرها " يجب أن أذهب، فـ ميلي متعبة اليوم وأنا لن أترك جوشوا يدير المقهى بمفرده كارلا. " أومئت لها، لتنهض إيلينا وتتجه نحو الجامعة بمفردها.
توجهت إيلينا نحو القاعة الخاصة بمحاضرتها، لتجد أصدقاءها فى طريقها. تقدمت نحوهم قائلة " مرحبًا رفاق. " " أوه يا فتاة. ما بكِ؟ " تحدث نايل بقلق على حالتها، لتقول بايج " تبدين مرهقةً للغايه إيلينا. " أبتسمت إيلينا بتعب قائلة " لا بأس بايج. أنا بخير. " لتنفعل لـورا بعصبية قائلة " إيلينا يجب أن تذهبِ للطبيب. لقد أزدادت حالتكِ سوءً. " زفرت إيلينا بضيق قائلة " لـورا لقد تحدثنا فى هذا من قبل. أنه مجرد أرق ليس إلا. " أومئت لها لـورا بقلة حيلة لعناد صديقتها. ودعتهم إيلينا ثم أكملت سيرها نحو القاعة. دلفت لداخل القاعة وجلست بعيدًا عن أى تجمع، فهى تكاد تُقسم بأن حتى صوت أنفاس من حولها يزعجها. دلف البروفيسور أيزيك، ليبدأ محاضرته المتعلقة بالكتابة والنثر. ظلت إيلينا تُحاول التركيز معه بقدر الإمكان حتى إنتهاء المحاضرة. خرج الجميع وكانت إيلينا على وشك الخروج، لكن أوقف البروفيسور أيزيك قائلاً " إيلينا، أريد التحدث معكِ قليلاً. " أومئت له إيلينا ثم تقدمت نحوه، ليخرج الصورة التى صورتها الأسبوع الماضى المتعلقة بمحاضرته ليخبرها " حقًا لقد أعجبت بإبداعكِ. " تفحص الصورة مجددًا وهو يقرأ ما كتبته لتعبر عن الصورة مُبتسمًا..
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
' هو يُشبه تمامًا أجواء مدينةً عريقةً وهادئة، لكن هدوءها مُبهم وغامض. يدفعك لقتل نفسك فى سبيل معرفته. '
" كتاباتكِ بحد ذاتها غير متوقعة، فصورة كتلك سيكون وصفها رومنسيًا نوعًا ما، لكن رومانسيتكِ مُختلفة وغامضة. أحب إبداعكِ حقًا إيلينا. " تحدث البروفيسور بمدح، لتخبره " شكرًا لك بروفيسور أيزيك. " " أنتِ تستحقين ذلك، وأعلم بأنكِ ستبهرينى دومًا. " أخبرها وهو ينظر لها، لتشكره إيلينا مجددًا قبل أن ترحل. لامحت إيلينا نفس الشخص الذى تراه بكابوسها، لكنها لم تستطع سوى رؤية عينيه المشعة فقط، فهناك هالة من السواد تحاوط جسده الكامل. نظرت خلفها، لتجد البروفيسور أيزيك لم يلاحظ وجوده. ألتفت مجددًا لتجده مازال يطالعها بسكون، لتتقدم نحوه سريعًا لكنه فقط تلاشى. ظلت إيلينا تلتف يمينًا ويسارًا، لكنها لم تجده وكأنه لم يكن هنا من الأساس. شعرت إيلينا بالضيق، لتتجه نحو الحمامات وتقوم بغسل وجهها مرددة " أنها فقط مجرد هلاوس أثر قلة النوم. " نشفت وجهها ثم طالعت نفسها فى المرآة قائلة " هو ليس حقيقى إيلينا. " ألتقطت أنفاسها ثم توجهت لمحاضرتها الأخرى، لكى لا تفقد عقلها بسبب ما تراه...
