٢٩

248 17 0
                                    

تلقيت اتصالا من السيد سمير يخبرني أن الميتم قد تم بناؤه و يمكنني الذهاب لرؤيته، رافقت العميل ي ٦٤ ، و هو شاب في الثالث و العشرين من عمره، هو الأقرب إلي في المنظمة بعد السيد سمير، لأنه لا يسمح لنا التعامل مع العملاء الآخرين، و بما أن العميل ي ٦٤ شريكي فقد كان بمثابة صديق لي، و لطالما ساعدني، وقفت بجانبه نتأمل المبنى المتوسط أمامنا، و الذي تم بناؤه كمنزل عادي، بناءا على طلبي، لقد تم بناؤه بالأموال التي جنيتها من مهامي كعميلة، قررت أن يكون ميتما ليضم من فقدوا آباءهم و يدفءهم و يحميهم من التشرد و مشط أرصفة الطرقات، ليكون بصمة لي في هذه الحياة، وقف مدير الميتم أمامي و صافحني ثم بدأ بالشرح :" يتكون المبنى من ثلاث طوابق، و بناء على طلبك لم نبني درجا ليؤدي إلى السطح لتفادي أذى الأطفال كما طلبتي آنستي، و كل طابق يتكون من أربع غرف يتكون كل منها من حمام إضافة إلى مطبخ كبير و غرفة معيشة و غرفة طعام، و كل غرفة سيتقاسمها طفلين " تمتمت و أنا أحسب عدد الأطفال الذي سيسعه هذا المنزل قائلة " 24 " ليومئ المدير إيجابا، فابتسمت له و هممت بالمغادرة رغم إلحاحه علي لرؤية المبنى من الداخل، أكملت رحلتي القصيرة مع العميل ي ٦٤ بصمت، ثم انعطف من أحد الشوارع أما أنا فقد أتممت سيري إلى محطة سيارات الأجرة لتعيدني للمنزل، دخلت و عانقت والدتي بقوة تمنيت لو أمكنني إخبارها أنني قد لن أعود من تلك المهمة غدا، لتنزل دمعة من عيني فأبعدتني عنها بخفة لتسألني ما الخطب لكن ما كان علي إلا أن أكذب قائلة أنني حصلت على علامة ضعيفة في مادة الرياضيات، فقالت أن لا بأس بذلك و يمكنني تعويضها في امتحانات أخرى، فعانقتها مجددا و قبلت رأسها ثم اتجهت إلى غرفتي في الطابق الثاني، فمنزلنا متواضع، يتكون من قبو حيث المطبخ و غرفة صغيرة، و في الطابق الأرضي غرفة المعيشة و غرفة نوم و حمام، أما الطابق الثاني ففيه غرفتي نوم بكل منها حمام صغير، ثم السطح، و برغم من صغر حجمه إلا أن شكله رائع كما أنه يحتضن ذكرياتا جميلة في كل مكان به، سمعت صوت جرس الباب لأسرع للفتح، و كانت وجدان، أختي بالتبني، لقد مات والديها حين كانت في الرابعة من عمرها بسبب نشوب حريق في منزلهم، بينما هي كانت بالمدرسة، بالرغم من أنهم كانوا جيراننا فحسب إلا أننا كنا كالأقرباء، و بعد إتمام إجراءات التبني صارت وجدان فردا من عائلتنا، و بالرغم من أنها تعرف الحقيقة إلا أنها تعتبرنا عائلتها، صارت وجدان في ال١٢ من عمرها، و قد التأم جرحها، عانقتها بقوة ثم أبعدتها قليلا لأنظر إلى مظهرها، لقد كانت ترتدي تنورة قصيرة سوداء و قميصا زهريا بدون أكمام و أحذية بنفس اللون، و ربطت خصلات شعرها الذهبية في تسريحة ذيل حصان، أطلقت تصفيرا كتعبير عن إعجابي ثم بدأت أغيظها :" أختي الصغيرة بدأت الاعتناء بمظهرها، لابد من سر خلف هذا، هل هناك من سلب تفكيرك ؟" مشت باتجاه خزانة الأحذية لتغير أحذيتها و هي تطلب مني أن أكف عن إزعاجها، لكن رؤية وجنتيها المحمرتين خجلا جعلتني أتشبث بالأمر فسارت نحو الأعلى إلى غرفتها التي تقع بجانب غرفتي، و وضعت محفظتها على السرير و لم ينقذها من أسئلتي سوى صوت جرس الباب، فنزلت السلالم لأفتح و هو أخي مراد الذي يصغرني بسنتين، عانقته ثم نزلت إلى المطبخ لأساعد أمي و وجدان بإعداد الغذاء .

العميلۃ ي٦٣  [ مكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن