/\12/\انيسي

78 6 1
                                    

[-سارة ؟ سارة ؟ , ماما استيقظي لقد حان وقت الافطار"
فتحت عيناي لاجد امي تقف فوقي وهي تنظر لي بتلك العيون الحنونة ولانقض عليها بشغف اقبل وابكي وسط تعجبها
-ماما واخيراً كنت في كابوس الحمد لله انه كابوس"

فتحت عيناي ليقاطع حلمي بسبب اصوات الممرضين حول غرفة اختي بينما الرجل الحطاب يحاول ايقاظي وفزعت لاقف وانظر حولي واتسأل
-اين زهرة ؟ , ليرحمكم الله اتوسل اليكم اين اختي ؟"
بكيت وانا اتكلم ليقاطعني صوت
-في غرفة العمليات"
استغربت لكون احد ما يتحدث بالعربية لانظر له واسأل
-أانت عربي ؟"
-الم تعرفيني ؟"
-لا اعتقد ؟"
لم يقل شيء اخر وذهب فلم اعر هذا الشيء اهتمام وبقيت انتظر اختي التي لم يغب لي جفن وانا أانب نفسي كيف رفعت صوتي عليها ؟ كيف انبتها مرات وكيف كنت اتشاجر معها وانا ابكي بحرقة ولكن لم اجد دموع لتخرج فقط حطام واهات في قلبي
حتى مرور ساعة تقريباً خرج الدكتور وتقاسيم وجهه لا تتدل على الخير فهرعت لامسك قميصة وانا اسأل
-كيف حالها , ستعود اليس كذلك ؟"
هز رأسه بأسف وخلع الكمامة وقال
-البقية في حياتكِ "
ابتعدت بعدما سمعته وانا اضع يدي على وجههي وعبرتي قد تخطت الحدود ليست ثواني حتى اخرجوا السرير المتحرك عليه جسم مغطى بالابيض اسرعت لاجلس قربها واتحدث بعتاب وانا ابكي
-زهرة الم نتواعد على عدم الانفصال , الم نتواعد على الذهاب اليهم معاً"
امسكت فمي لكي لا يخرج صوتي وتعدت دموعي على يدي واردت رؤيتها قبل دفنها وازلت الغطاء عن وجهها لتمزق قلبي اثر تلك الابتسامة التي رسمت بأدق التفاصيل على وجهها الرقيق ليأخذوها واسقط ارضاً مع اجزائي المحطمة فلم تعد لدي القدرة للحركة كان الحياة سلبت من اطرافي
-استبقين هكذا ؟"
لم ارد واكتفيت برمي نفسي بحضنه والبكاء بحرقة ولا اعلم سبب ارتياحي لتلك الرائحة فانا حقاً وصلت لمرحلة احتاج حضن لابكي وارمي كل احزاني فيه
بكيت وبكيت حتى ارتاح قلبي ولا تزال ابتسامتها تعرض امامي حتى اصيب رأسي بالصداع لكثرة البكاء ونمت في حضنه
×××××××
خرج الصباح ليعلمني اني لا زلت على قيد الحياة فتتحت عينياي لاطالع بالسقف الابيض ببرود تام فأنا اعلم اني اليوم سأدفن اخر ما تبقى من عائلتي تسللت احدى الدموع الحقيرة على وجنتاي وسمعت صوته يقول
-الن تستيقظي ؟"
-ليتني انام فلا استيقظ ولا ارى نور ابداً"
-لماذا ؟"
بمجرد طلبه للسبب انهرت باكية واحتضنت فراشي لاخفف من صوت شهقاتي وصراخي فلم اعد اتحمل جبل اخر من الالم يكفي ما حصل اريد اي شيء يحدث لكي اموت
اقترب الرجل ووضع يده على رأسي ليقول
-قولي الحمد لله على كل حال"
هدأت بمجرد مسحه على رأسي كاني طفل احتاج احداً لكي يراضيني بقطعة سكاكر وجلست لانزل من السرير واقف لادرك اني بالمشفى وتم تضميد جروحي ايضاً
-كيف حالك ؟"
لم استطيع الكلام من الالم في حنجرتي من كثر حبس البكاء داخلي فأشرت برأسي ايجابياً فرتسم ابتسامة هادئة على شكله وقال
-تعالي لندفن اختكِ"
مشيت امامه وانا ارتجف من صعوبة الموقف الذي اعيشه
ولم يكن بيدي سوى دفنها فقط لتدفن احاسيسي كلها تحت التراب فلم يعد لعائلة ابو يوسف ذكر يذكر او مترحم يرحم عداي بعدها لم يكن بيدي سوى حمل ما تبقى من احساس والاتجاه نحو بيت ابنة عمي الاء فطرقت بابهم ثلاث طرقات ميتة ففتح الباب لارى صاحبة الوجهه الدائري والعريض وكل الخير يسكن فيه الاء نظرت لها بابتسامة مزيفة لتسألني
-من انتِ ؟"
نزلت دموعي واصدرت اهه كبيرة لاقول
-انا من اجتمع الدهر والزمان لكسر جناحيها , انا من اتهكت عذرية حياتها بالموت والحروب , انا من دفنت احاسيسه بالتراب مع الاعزاء الم تتذكري ؟"
وقفت امامي لتسأل مرة اخرى
-من انتِ ؟"
-سارة يا ناكرة الجميل سارة عبدالله"
شهقت لتقول وهي تحضنني بقوة
-ماذا حدث لكِ ضنتكِ عجوز لوهلة واين البقية ولما قلت كلامكِ قبل قليل ؟"
لم يكن بيدي سوا احتضانها ورأيت اطفالها يأتون خلفها مع زوجها
-من هذه الاء ؟"
ابتعدت الاء ومسحت دموعها وقال مجيبة وهي تتدخلني
-انها سارة"
تعجب الكل وساد الصمت بينما انا جالسة على اريكة فخمة وبيدي كوب الماء وصوت المروحة هو السائد
قطعت الصمت الاء بسؤالها الدي غرست خناجره بوسط قلبي
-اين البقية ؟"
-ذهبوا لله تاركيني وحيدة مع الدهر في الحياة لينتهك عذرية راحتي"
تعجبت
-ماذا تقصدين ؟"
-ما سمعتيه لا يحتاج شرح الاء"
بكت وهي تسألني عن الحكاية وانا ابكي واحكي بحرقة واحياناً اتوقف لحرقة قلبي والم حنجرتي حتى نمت في مكاني في حضنها وانا احلم عدم رؤيتي للضوء اليوم الثاني وكانت احلامي عبارة عن كوابيس تسلب مني النوم كل دقيقة وتجعلني اقفز وفي اليوم التالي اصبت بحمى قوية بحيث تبلل فراشي من العرق وذهب صوتي ادراج الرياح وارتفعت الحرارة بجنونية وتم نقلي للمشفى لابقى بعد اربع ايام وعلى اثر هذه الحمى القوية وصداع رأسي بدأت افقد نظري شيئاً فشيئاً حتى اضطررت للبس النظارات
ومضى على حالي اربع اشهر بدون كلمة وبالكاد اكل وهزلت بطريقة جنونية وشبح اهلي لا يكاد يفارق عيني الى ان في احدى ايام بداية الشتاء القارس زار الاء اولاد عمتها الكبيرة فبقيت بغرفتي ولم اخرج ابداً حتى طلبت مني الاء التعرف عليهم بغية ان اغير حياتي او ان انطق بكلمة
خرجت لالقي التحية بصمت وجلست استمع لاحاديثهم المملة بينما عقلي منغمس في عالم الموتى فسأل احدهم بأستهزاء
-اي قصة تجعلكِ لا تتحدثين ولا تخالطين البشر اهو عشق ام وله ؟"
نظرت له لابتسم وانزع نظاراتي واقول كلمة بعد اربع اشهر
-الذي جعلني لا اتحدث او اخالط البشر اكبر من ان يتحمله عقلك الصغير الذي اكبر هموه الحب والعشق الذي تؤدي بالبشر الى ادنس نقطة"
صدم هو والبقية للرد هذا بينما ذهبت لغرفتي وتشاجرت مع الاء لأنها طلبت مني ان اخرج لهم واعتذر ولكن ما لم اتوقعه هذا
-تعتذرين وغصب عنكِ , فوق جلوسها على قلبي تتدلع ايضاً اين تعيشين كلك يتيمة ؟"
صدمت وجفت عيناي لقولها هذا فادركت اني عالة عليها فقلت ببسمة لها
-لا بأس سأغادر غداً"
وعزمت امري اني سأغادر ولن ابقى مع شخص يهين كرامتي حتى ما دخل الليل بكحله الجميل جلست على النافذة بعدما حضرت اغراضي للرحيل انظر لشبكة النجوم المرصعة الرائعة وتتمثل بألون عدة
-يا خالق كل هذا لديك القدرة على كل شيء فخذ روحي فهو والله لأمر بسيط لعظمتك يا ربي"
قلت هذا ليقاطعني صوت اسف
-اسف لم اقصد قول ما قلته"
-الم يعلمك احداً طرق الباب قبل الدخول ؟"
-علموني ولكني رأيتكِ مشغولة"
استدرت ونظرت اليه بغرور مكسور
-اخرج واطرق الباب بأدب"
-ولك……'
-اششش بدون ولكن اخرج واعد الكرة"
فلم يكن بيده سوى الخروج وطرق الباب
-تفضل" فدخل هو بملل ووقف امامي وقال بندم
-اسف على ما فعلته"
-مالذي فعتله ؟"
تعجب الفتى مما قلته وقال محاول ان يذكرني
-اليوم عندما قلت كلامي"
ضحكت كوني تذكرت واستدرت لانظر للنجوم وقلت له
-لا بأس اصلاً لم انتبه للقصة"
تعجب هو وسأل
-لماذا كلماتي يجب ان تكون جارحة لكِ"
-لا انكر انها جرحتني ولكني الم شوكة صغيرة لا يقارن بالموت"
-ماذا تعنين"
سرحت تلك الدموع الطاغية على وجنتي بالوقت الذي اردت ان اظهر به بالقوة ولكن تهب الرياح بما لا تشتهي السفن
-اقلت شيء مزعج لكِ ؟"
مسحت دموعي بباطن يدي وابتسمت له بانكسار
-لاا ابداً , صحيح ماهو اسمك ؟"
-اسمي امير ! ماذا عنكِ"
-غريب الا تعرفني ؟ , انا سارة"
-انتِ العربية صحيح ؟"
-نعم"
جلس ارضاً ونظر في عيني مطولاً ثم قال
-عيناكِ تحكي قصص طويلة لا تحكى وتفوق المي اعتقد وهذه اول مرة ارى فيها عيون كهذه "
-وانا ايضاً وضعت النظارة لكي لا يرى احد تلك القصة"
-اخذني الفضول لاغوص في اعماق اسطر حكايتكِ"
-همم اتريد سماعها ؟"
-نعم"
ابتسمت لعقله الكبير وجلست مقابلة له
-ايجب علي الابتسام ؟"
-نعم فالابتسامة ساحرة عليكِ لما قد لا تتبسمين ؟"
-ههه ماذا ان اخبرتكَ اني لي سبع اعزاء ماتوا في حضني واخرون لا اعلم اين هم ايجب ان ابتسم هكذا ؟"
بقي مفتوح الفم وهو ينظر في وجهي بغباء تام
-نعم ماتوا في حضني خلال يوم فقدت اثنين وفي شهر اثنين اخرين ثم ثلاث في اسبوع فوق فراقي لموطني الحبيب وفقداني لراحتي"
انزل رأسه وهزها بأسف تام
-انا اسف لم اكن اعلم لو كنت اعلم لما قلت هذا"
نظر حولي وكأنه يرغب بتغيير الموضوع فقال وهو ينظر لحقيبتي
-استخرجين غداً "
نظرت انا الاخرى للحقيبة وقلت
-افضل من الذل"
-اووه لديكِ عزة نفس ولكن اين ستذهبين فأنتِ مغتربة ؟"
ارتسمت ابتسامة كسر على وجهي تشبه ابتسامة زهرة قبل موتها
-انا لست مغتربة انا ميتة , اي مكان اعتقد اني سأعيل نفسي بالعمل"
-اين ؟"
-لله العلم , يجب ان اخرج صباحاً ايمكنك ان تذهب ؟"
تعجب من صراحتي وهز رأسه ووقف مرة اخرى ونظر لي
-اتمنى ان اراكِ كرةً اخرى"
-شكراً"
ذهب وانا
انغمست في عالم الاشتياق وعالم الموتى والكوابيس في كل يوم يجب ان يمروا علي في منامي ويحرقوا قلبي , لا اعلم عن ماذا اتحدث فالان علمت ما هو ذلك الحلم الذي راودني في حفل زفاف الاء
كان يعبر على الموت نعم الموت آه يا قلبي لا اعلم كم ستصمد امام الايام المقبلة فأنا خائفة من كل شيء
اليس كذلك ؟ انا نفس الزهرة التي نبتت في وسط الحرب وتراقب تلك الحرب بهدوء حتى تذبل وتموت اثر دوس احدهم عليها , لقد قطعوني من الجذر حرموا طعم الراحة علي
وها هي افكاري حتى نمت وليتها تمسح النون وارتاح
استيقظت على صوت زقزقة العصافير قبل طلوع الشمس فرتبت حاجاتي وارتديت ملابسي وجلست اكتب لابنة عمي
«شكراً لكِ كونكِ اؤويتيني في منزلكِ لفترة وكنتِ حقاً حق الاخت الكريمة واسفة لكل ما فعلته وضايقتكِ ولكن اعذري ضعفي الذي لا تعلمين سببه الدفين وشكراً جزيلاً لكِ توقيع سارة»
كتبتها وخرجت من البيت خلسة واستقللت حافلة جلست فيها افكر وانظر من النافذة
-اين انتِ ذاهبة ؟"
نظرت له لاجده نفس الرجل الذي ساعدني في المشفى لاجيبه
-الى لا مكان"
-اتذهبين معي لمكان سيعجبكِ ؟"
-لا اذهب مع الغرباء لأماكن مشبوهه"
-ههههه احسنتِ ولكني اقصد مكان فيه سترتاحين مع اولاد بلدكِ وسماعكِ لقصصهم وكما هم في حاجة لمساعدتكِ"
-اين تقصد ؟"
-تعال وستعرفين"
ادركت انه انسان رائع لهذا تبعته لهذا المكان الذي كان بمثابة صدمة قوية بالنسبة لي
وقفت امام تلك الحشود التي امثلها بالنمل واسمع اصوات الانين والبكاء والعجائز تنقل الادوية لاولادها المصابين والبقية يجلسون ويأنون على حضهم
-ماذا هذا المكان اخبرني ؟"
-هذه المخيمات التي يسكنها الهاربين من العراق لأيران , اعهد بهم اليكِ"
-ماذا عساي ان افعل ؟"
-سأذهب"
بقيت مغلقة الفم وهو ذهب بدون كلمة اخرى فجلت بنظري حولي لأجد محل صغير يخرج منه الدخان فاتجهت نحوه لاسأل
-سلام , اهناك فرصة عمل هنا لي ؟"
نظر الكل الي وابتسموا بسعادة فأقترب مني احدهم وقال لي
-اتتقنين الطبخ ؟"
-نعم"
فرح كثيراً واخبرني انهم محتاجين لطباخة فوافقت مقابل مكان للعيش و راتب شهري ممتاز فوافقت فانا اساعد اولاد بلدي واحصل على ما اريد فقطنت في شقة صغيرة قريبة من المخيمات وعملت في ثاني يوم بالطبخ مع الموجودين
فشغلت كثيراً وانا اطبخ واعمل واتي هنا وهناك حتى انهكت ولكن في نهاية اليوم لاح من بعيد ظل شخص على دراجة هوائية بعدما رحل الكل من المطبخ الكبير عدا الرجل العجوز بقيت احدق به حتى بان لي وادركت انه امير فأستغربت وسألت نفسي
-كيف له ان يعرف مكاني او هل تبعني ؟"
هي ثواني وخرج العجوز يمسح يديه بثيابه ويبتسم
-لقد جاء اخيراً "
نظرت له بتعجب وسألت بينما امير يقف قربي متعب
-من هو ؟"
اجابني امير وهو يضحك
-أنا أمير اوصل الطعام للمتضريين في وسط القضاء"
تعجبت وادركت اني سأعمل معه طوال فترتي فطلبت منه سراً عدم اخبار ابنة عمي بما حدث وجرى فوافق على طلبي وكانت ايامي عادية واقمت صداقة مع أمير هذا واعود واذهب للعمل معه وفي يوم وانا اعمل واطبخ جاء العجوز يصرخ بفزع
-اهنا احداً يجيد الطب هنا ؟"
رفعت يدي لأني كنتُ اتعلم من مدرستي بعض الاشياء واخبرني بسرعة
-تعالي ابنتي هناك من يحتاج العلاج اسرعي"
هرعت لاترك عملي وتستلمه صديقة لي وخرجت مع العجوز لارى شخص عشريني العمر ملقى على الارض ومثخن بجراح بليغة ولكن تراوى لي انها اختي وهي تغرق بدمها لهذا اسرعت وضمدت جرح قدمه ونظفت جراحه الاخرى وانا اقول
-اصمدي زهرة لن يحدث شيء ستكونين بخير سنبقى معاً"
لقد دخلت في عالم وحدي معه على انه اختي وانا ابكي واعالج واقول "لا تذهبي" وبعدما انتهيت اعتنيت به اعتناء كبير حتى اني تركت عملي لاجلس قربه ولكني لم ارى رجل ارى زهرة امامي قد عادت للحياة وكانت تبتسم لي كما في السابق
-اين انتِ سارة ؟"
نظرت للاعلى ورأيت الشرار يتطاير من عيني امير فقال بغضب واخافني
-لما تمسكين يد رجل محرم عليكِ ولما تجلسين قربه ؟"
بكيت وانا اردد وانظر له
-ليس رجل انها اختي الم تنتبه ؟"
رأيت الشرار يتحول لرماد وينظر بتعجب ويسأل "اي اخت تتحدثين عنها"
ابكي ولا اردد اي كلمة وجل نظري لا يفارق طيف اختي الجميل حتى اجبرني امير بالقوة عن القيام من قربه واخبرني عدة مرات انه رجل وليس اختي حتى ادركت ما انا فيه في حقيقة مرة فأرتميت في حضنه باكية وشاكية من ظلم البشر لي فلم يكن بيده سوى التربيت على ظهري وجعلي ارتاح قليلاً وذهبت ذلك اليوم مبكرة لبيتي وجلست اطبخ بسعادة لغير سبب لاني تعبت من كلمة الحزن و زارني اهلي تلك الليلة البيضاء فاعددت طعام ما يكفي عائلة وبدأت اسيقظ على صوت امي كالمعتاد واتحدث كأن عائلتي عادت وعادت لي ابتسامتي الاولى والكل متعجب مما اصبحت عليه وادركوا انه هناك خطب في عقلي بعدها
وفي احدى الايام بعدما بدأت افقد ذاكرة اني فقدت عائلتي وصدقت انهم احياء جلست مع ذلك الذي تمثل لي بأنه اختي وبدأنا نتحدث
-احضرت الطعام "
-شكراً لكِ لولاكٍ لاصبحت في عداد الاموات"
-ليس من واجبكَ"
بان عليه الحيرة فسألت
-اهناك شيء في خاطرك ؟"
-في الحقيقة لا استيطع النوم وانا اتذكر ذلك المنظر !"
انقبض قلبي وسألت
-اي منظر ؟"
-قبل ان اتي هنا خرجت من منزلي على ان اجلب لقمة لاهلي فهم جياع جداً وخرجت وذهبت ابحث وابحث حتى جاء الجيشش وهرب الكل الموجود في المنطقة وتم سحبي معهم ولكن اثناء الهروب عبرنا جسر وكان يقف في نهايته الجيش فتم الامساك بكل النسوة وتم اقتيداهن لحافلات كبيرة اما الرجال فاجلسوهم عن الشاطئ يتحضرون لقتلهم ولا انكر ان قلبي مات عندما رأيت اطنان من الشباب الذين هم في عمر الزهور على شكل جبال اصغرها طوله 10 امتار وادركت اني سادفن معهم في تلك الجرافات الكبيرة ولكن بفضل احد العجائز الجالسين الذي قطع الحبل باسنانه القوية لذا هربت مع بعض الفتيان وضمن هربي اصبت اصابتي هذه فحملوني ووضعت في قارب ليجيئ بي الى هنا"
نظر لي ليجد دموعي قد اغرقت ثيابي وانا ابتسم
-لماذا قد ابكي انا ؟"
-اتسأل عن سبب مناداتكِ لي باختي زهرة ؟"
-لا اذكر عن ماذا تتحدث سأذهب"
وقفت لاهرب ولا اعلم ما هي تصرفاتي التي افعلها الان اجننت ؟
لم اهتم فحملت اغراضي وقد انتهى دوامي لاذهب للبيت فصادف ان امير موجود فسالني
-الديكِ ظيف اليوم ؟"
ابتسمت وقلت له بسعادة
-امي قد اوصت عليها"
بدت علامات التعجب عليه وسألني
-ايمكنني ان اتي معكِ اود ان اتعرفهم ؟"
فوافقت واصطحبته معي لمنزلي وعندما فتحت الباب قلت بسعادة
-لقد عدت امي احضرت ما طلبتيه معي"
تعجبت لعدم سماعي رداً منها وسألت
-اين انتم هل انتم خارجون ؟"
بدأت ابحث ولا زال امير واقف متعجب من كلامي فسأل
-الم تقولي انهم ماتوا"
وقفت وجفت عيناي وصرخت بصوت واحد اسكته
-لاا لازالوا احياء"
ساد الصمت ثواني واقترب مني لانظر له واقول
-سيعودون ، خرجوا فقط"
ضربني بقوة بيده لاسقط ارضاً وتعاد ذاكرتي شيئاً فشيئاً وهو يتكلم
-الم تقولي لي ان اخواتكِ الصغار ياسمين ونرجس ماتا في صاروخ بالحرب الايرانية العراقية واخوكِ مات في الحرب ايضاً وامك وابوك ماتوا في نفس اليوم واضيفي اختكِ اين ذهب عقلكِ اجننتِ او تناسيتي ؟"
بدأت ابكي بحرقة وانظر له بتوسل ان يقول كلامه مزاح ولكن اصر ولم يقل فبدأت اشهق واصرخ بطريقة مؤلمة مما جعله يجلس امامي ويحضنني الى صدره فبكيت بقوة وانا احكي ما حدث واعاتب بهم حتى حاول ان يسكتني لأني اطلت وفاقترب قليلاً مني فسرعان ما انتبهت لنفسي فصفعته بقوة وابتعدت عنه وصرخت
-احتسبتكَ اخي لهذا بكيت في حضنك ولكن ان تتجاوز حدودك هذا كثير , اخرج من هنا حالاً"
قلتها دفعة واحدة ليمسح فمه بيده ويقف بخذلان ويخرج من البيت مطئطئ رأسه بدون كلمة واما أنا فاستلقيت وانا ابكي حتى طلوع الفجر ولم يسكن لي خاطر تلك الليلة وشعرت ببعض التعب ولكني نهضت مبكراً وذهبت للعمل كما العادة ولكني اشعر بدوار وتغاضيت عنه رأيت أمير ولكني لم اسلم عليه ولم اتحدث معه ايضاً
جلست مع احدى العوائل اضع لهم بعض الطعام وكانت مكونة ابنه وام فقط فسألتهم
-أين زوجكِ ؟"
اجابتني بعد حسرة تقطع القلب
-مات"
شهقت وجلست قربها وانا انظر للطفلة
-كيف مات"
-صاروخ اثر صاروخ "
-وكيف نجوتي"
-ههه سأحكي لكِ لقد ذهبت لأمي مع طفلتي الوحيدة وتركت ابناي وابيهم بالبيت لأنها مريضة وعندما عدت وجدت ان البيت اصبح مع التراب وقد قتلوا تحته "
انزلت رأسي بأسف
-اسفة لاجلكِ ولكن ماذا عسانى ان نفعل"
-ايه هذا الحال"
وقفت لاقول بيأس
-حسناً سأذهب"
-اراكِ"
فور خروجي من الخيمة رأيت مرأة تصرخ وتفتح حجابها والكل ينظر اليها
-ابني لحگو ابني سيموت أين لي الطرييق ان مات"
اسرعت لاهدئها واجعلها تعيد الحجاب فتعلقت بثيابي وقال متوسلة
-سيموت اقسم عليكِ بأهلكِ وكل عزيز لديكِ انقذيه"
تمزق قلبي لحالها فسألت عن مكان ابنها فأسرعت له وجلست قربه لاتفحص حرارته كانت مرتفعة جداً بحيث بدأ يهلوس صرخت بأعلى صوتي
-أمير مستلزمات الطوارئ الاولية اسرع واطلب لي اي طبيب تعرفه"
اسرع امير بجلب ما احتاجه وذهب لينادي الطبيب فجلست اداوي الطفل البريئ وامه تبكي وتنحب وترمي التراب على رأسها بينما اقف قربي اخته وتمسك بلعبه صغيرة وفستان قصير يظهر سيقانها البيضاء وتنظر الي والكل فوق ينظر ويساعد بما يستطيع
لا اعلم ولكني شعرت بمسؤلية حياته اردت ان انقذه بكل خواطري وجوارحي
بعدها بثوانٍ جاء الطبيب وانا اساعده بكل قوتي حتى تحسن الطفل فاخبرني الدكتور بعدما خرجنا
-يحتاج عناية طول الليل من فضلكِ سارة لدي الكثير من المرضى ساعديني هنا"
ابتسمت له وقلت بهمة عالية
-اعتمد علي"
-شكراً , انا ذاهب اعتمد عليكِ"
ذهب وتركني مع امه واخته فجلست قرب امه وقربه وانا ابتسم لها وهي تسألني بشغف
-كيف هو ؟"
-لا بأس كان لديه حمى وجفاف فقط سيعافى بعدما يتلقى العلاج"
فقبلتني المرأة وتشكرت مني واحسست انها مثل طيبة امي وحنانها فتذكرت كيف عندما نمرض لا تفارق رؤسنا وتبقى الليل ساهرة.
ابتسمت وقلت"عفواً"
وبقيت طوال الليل مع امه واساعده بكل قوتي وبينما اخته تضع رأسها في حضني وتبكي فسألت امها عن سبب بكائها فأجابتني
-هذه ليست ابنتي وليست اخته وانما وجدتها مع امها الواقعة ارضاً وكانت قد اجهضت طفلاً فماتت اثر نزيفها وبقيت هذه الطفلة تقف قرب امها وتبكي وعندما رأيتها اخذتها معي لأنها في حال مرثية"
نظرت للطفلة واردت ان ابكي على حالها فكانت حقاً جميلة وقلت بهمس في آذنها
-عزيزتي لن يصيبكِ شيء"
نظرت للأم وقلت لها
-امكنني ان أخذها واعتني بها وبنفس الوقت ابحث عن اهلها"
-لا استطيع اشعر بأنها مثل ابنتي"
-ارجوكِ انا اعيش وحدي اريد أنيس لي في وحدتي المخيفة"
-اطلبي انتِ هذا منها فهي عنيدة"
-هممم صغيرتي اتذهبين معي واجلب لكِ الكثيير من الحلوى"
نظرت لي ومسحت دموعها واحتضنت لعبتها وقالت بعبرة
-أمي قالت لي قبل موتها وذهابها للسماء أن ابحث عن ابي هو يعرف شكلي"
ابتسمت بقوة وقلت لها
-سأجده لكِ باسرع وقت ممكن"
-طيب عديني انكِ لن تذهبي كـ البقية ؟"
صدمت لكلام الطفلة وقلت لها
-اعدكِ لن اترككِ"……]
قاطع قراءة سعيد اتصال من خطيبته شهد فاسرع والتقط هاتفه ليجيبها
-اهلاً صباح الخير يا وردتي"
-ههه صباحك نور يا حبيبي كيف حالك وحال عمتي ؟"
-انا وعمتكِ بخير وانتِ"
-تدوم هه وانا ايضاً بخير"
-لما تتصلين منذ الصباح الباكر ؟"
-اردت ان اخبرك ان لدي ما سينفعكَ"
-مثل ماذا وبماذا ؟"
-الست تبحث عن قصص للحروب لكي تتطلع عليها اكثر"
-ايه نعم"
-اخي محمد قد عاد امس"
-اوووه حقاً يالسعادتي كيف حاله ؟"
-بخير يسأل عنك"
-واوو اريد المجيئ سأنتظر حضور اهلي لكي اتي اليكِ"
-ههه وهو مشتاق اليك كثيراً"
-وانا حقاً اشتقت له"
-حسناً اراك لاحقاً سعيد فالظيوف اليوم بتهافت"
-ههه جيد سأتي ايضاً اراكِ لاحقاً"
اغلقت الخط وسعيد بالكاد تحمله ارضه من السعادة محمد صديق طفولته العزيز فاخذ وبحث في الهاتف ليجد اخته ياسمين ويتصل عليها
-ياسمين ؟"
-هااا سعيد لما تتصل من الصباح الباكر"
-محمد اخ شهود عاد"
-اووه حقاً منذ متى"
-لم اسأل حقاً ولكن تعالوا بسرعة اريد الذهاب اليه"
-ولكن ماذا عن عصر اليوم انسيته ؟"
-ما هو عصر اليوم ؟"
-سيعقد قراني مع حسين "
-لا لم انسى وسنذهب معاً"
-شكراً ولا تنساني اريد رؤية محمد ايضاَ"
-لا بأس"
-حسناً سأزف الخبر لابي ذاهبة"
-اراكِ على خير"
انتهت ياسمين من المحادثة لتنطلق لابيها وتخبره ليطير امير من الفرح وتمنى لو زوجته تشاركه الفرح ولكن لا بأس
-سنذهب اولاً لرؤية محمد ثم للمشفى"
-طيب"
اسرعت لتتصل بحسين وتخبره ليسعد لسعادتها وقد عزم الثلاثة ان يذهبوا معاَ لرؤيته ويدعون سعيد يذهب وحده, سرعان ما وصل حسين واليهم ليذهبوا لبيت ابو شهد ودخلوا فبدأت الاحضان والتقبل للاشتياق وامه تقطع القلب تنظر له من بعيد وتبكي بسعادة فجلس الكل بالديوانية وبدأؤ يتلاقون اطراف الحديث
-اذاً محمد كيف كانت حربك ؟"
سأل حسين ليجيبه محمد بسعادة
-دائماً نحن في تقدم عالي ولكن يموت البعض ونموت معه الف مرة ولكن هذه الحياة ماذا نفعل"
-اوه هذا مؤسف
يتحدثون وياسمين بدأت تتذكر كلام علي و يوسف وتبتسم تارة وتعبس تارة اخرى فضحك الاخرون عليها
وبداؤو يتحدثون عن حادثة سبايكر الذي ذهب جرائها 1700 شاب ظلماً ويتقطع لهم الاكباد
وبعدها اتصل سعيد على ياسمين  وعندما علم انهم قرب محمد انزل عليهم وابر من الكلام السيئ وياسمين تضحك وخطيبته تضحك بدورها فستأذوا منهم وذهبوا للمشفى وغادر سعيد ايضاً ليرى صديقه
اما ياسمين و حسين ذهبا معاً لكِ لكي يغيرا ثيابهما للأفضل
-اتذهبين وحدكِ"
-لاا سأتصل بـ زهراء لكي نذهب معاً"
-همم طيب حسناً لنذهب لها"
ذهبت ياسمين لصديقتها واخذتها معها للمنزل وذهب حسين ايضاً ليعد نفسه
-ما رأيكِ بهذا زهراء ؟"
نظرت زهراء بعينيها الرمادية للفستان الاحمر والذي يتخلخله الاسود وقالت بقرف
-لاا اردتي ثياب بيضاء افضل"
نظرت ياسمين لخزانتها وتنهدت بقوة
-ليس لدي ما اردتيه"
-لما لا تشترين جديد ؟"
-ههههه ثيابي كلها جديدة ولكني استعملتها ولا املك النقود للشراء"
-اتقصدين انكِ ترتدين الثياب مرة واحدة فقط"
-نعم"
وقفت زهراء لتبعد ياسمين وتبدأ بتقليب الثياب
-سأجد لكِ ثياب افضل"
-هممم طيب"
بدأت تفتش وتنظر جيداً حتى اخرجت لياسمين فستان رمادي خفيف وفوقه سترة رمادية
-هذا جميل لعروس"
-حقا
-طيب ساردتيه اعطيني اياه"
اخذته وذهبت للحمام لتغير ثيابها حتى خرجت وفصدمت زهراء من جمال الفستان عليها
-ما هذه اللعنة بحقكِ , الفستان راقي على جسدكِ"
-حقاً"
-نعم نعم هيا اتصلي بالعريس لنذهب , اريد العود لبيتي"
-حسناً"
اخذت الهاتف وقبل ان تضغط على اسم حسين اتصل هو بها فأبتسمت لزهراء واجابته
-هههه لقد كنت على وشك الاتصال"
-مما يعني انكِ انتهيتِ"
-نعم
-اووه ضننت انكِ ستبقين العصر كله تقولين ليس لدي شيء لاردتيه"
-هههههه اين انت؟"
-قرب الباب واحضرت ابيكِ ايضاً"
اتجهت نحو الستارة وفتحتها لتراه يتكئ على السيارة وينظر لباب المنزل فضحكت وقالت له
-مستعجل لهذه الدرجة"
-حسناً سنتحدث لاحقاً اسرعي"
-قاادمة"
اغلقت الهاتف وانطلقت مع زهراء للاسفل وفور خروجها بدأ حسين يبتسم بخجل ويدير نظره
-ان شاء الله تتهنون بس على حفل الخطوبة الرسمي يجب ان اكون موجودة"
-ههه بالتاكيد اختي واجبكِ علي"
-حسناً اعدوني لمنزلي"
ركبنا السيارة وبدأنا نتحدث ونضحك وابي يقول"اسرعوا" ونضحك عليه لانه لا يستطيع مفارقة امي , اوصلوا زهراء لبيتها وانطلقوا بسرعة نحو المحكمة وعقدوا قرانهم القانوني وبعدها بسرعة للشيخ
جلسا ووفاقا كلانا بسعادة ووقعا على وثيقة الزواج الشرعي وبعد تلاوات خرجوا وليذهب امير في طريقه مستقل سيارة اجرة وهما ذهبا لمدينة الالعاب فجلسوا حول منضدة مقابل الثاني ساد الصمت للحظات عدة
-همم حسناً ستبقين ساكتة ؟"
-لا اعلم كيف افتح المواضيع "
-وانا ايضاً"
-طيب تبدو مستعجل على عقد القران"
ضحك ضحكة لطيفة وقال لي
-وكيف لا اريد ان اكون قريب من من سلبت النوم من عيني"
تعجبت لاقول
-أكنت تحبني ؟"
-تبدين لطيفة بهذه الملابس"
-بحقك لا تغير الموضوع"
-ههه طيب احضرت لكِ هدية"
-حقاً وما هي ؟"
فتح الكيس الذي معه واخرج منه علبة لطيفة باللون الاحمر ودفعها ناحية ياسمين
-ما هذا ؟"
-انظري وستعرفين"
استغربت وفتحت اللعبة ولتتعجب من تلك القلادة التي تتوسط اللعبة التي نقش عليها ياسمين بالذهب
-اوووه حسين لما كل هذا ؟"
-هذا قليل "
-شكراً لكَ حقاً شكراً"
-اووه دعيني اضعها لكِ"
ابتسمت بخجل بينما هو يلتقطها ووقف خلفها ليضعها حول عنقها والخجل يغطيها بالكامل , حتى اكمل عاد امامي ليبتسم وقبل ان يفتح فمه قاطعه صوت يقول
-أنتً حسين ؟"
………يتبع……

سارة Where stories live. Discover now