شدَا أدِيب

18K 782 1.1K
                                    





مُلَاحظة؛الأحداثُ تعُود للقرن الثَامن عشّر،الأماكِن بالقصة غيرُ حقيقية ولا تمد بالواقع أيِ صلة .





-

حُر للبشرِ أَن يعيشُوا لأنفُسهم ، وحُر للبشرِ أْن يعملُوا لأنفُسهم ، ولا تكبُد أنفاسُهم بتراً سِوى لأنفُسهم ، فِي أصغرِ التفصِيلات لأنفُسهم .


الإعتقادُ المُتجذِر الذِي رسختُه في ذهنِي ، وبنيّت نفسِي من خلالِه ، ولم أُغيّر ذلك الإعتقَاد أبداً ، فما دهرُ الزمَان يمرُ الا ويُثبت لِي صحتهُ أكثر وأكثر ، بناءً على مُشاهداتِي لكلِ المشادِ التي تنتهِي بمأساوِية ، وكُل ذلِك الدَجل الذِي يبثُه البَشر لبعضِهم ، حتى ينتهِي بتهشِيم نفسٍ طيّبة وساذجةٌ لا تفقّه طبِيعة الأمُور حولها .


أنا أُؤمن كامِل الإيمان ، بَأن لا أحد يستحقُ تضيِيع فُرصة العمر الواحِدة سوى لنفسِي ، أنا لن أهرُم بذاتِ النُقطة من أجلِ شخصٍ يدعُو نفسه بقريبٍ منِي ، ذلِك كان أحد آخرِ الأشياءِ التي قد تحصُل في حياتِي .


أعلمُ تماماً بِما سيحصُل لو...


رائحةُ الزنجبِيل الدافئة نفذت لأنفِي ، وصوتُ الصفِير الحاد تخلل مسامعِي ، لأستوِي واقِفاً من كُرسيي الخشبِي ، مُتوجهاً ناحِية الفُرن بنهايةِ الغرفة ، الإبرِيق يهتزُ بخفة ، دلِيلاً على الغليانِ بداخله ، اطفئتُ النار التِي تحته ، وهممتُ بتناولِ قدحِي ، والسكبُ لي بمقدارٍ ضئِيل .


عُدت لكُرسيي الذِي خُتم بِي ، فقد أصبح جُل وقتِي أجلسُ هُناك ، ولو بدرت منِي حركة بعيداً ، فأننِي سأعُود له من جدِيد ، وكأنهُ صُنع لمقامِي الأبدي ، وضعتُ كوبِي جانِباً ، ثُم حلقت أناملِي لتِلك الأوتارِ الرفِيعة ، خدرُها الدائِم ، وملجَأها الآمِن ، وشغفُها المُولع .


لم يقتصِر هذا العِشق على أناملِي فقط ، بل كُنت كذلِك ، كُنت متيماً أشد المتامةِ بِها ، بتِلك المعدنِ الثُلاجي ، باردةٌ حوافُها ، الرمادِي هو سِترها ، أحبُ إلي من نفسِي ، ملازمةً لِي طوال المدَى ، أحفُر على أعلَاها إكنانِي وكُل ماحتُجز وراء محبسِ وجدِي ، لأصنع مِنها غداً تدبيجُ كِتاب يُعرض على الناس كبار صِغار ، تِلك الأوراقُ البيضاءُ المرهفة ، التِي دُمست بكلماتٍ لا يفهمُها سوى مُطلعٍ يُدرك ذلِك العُمق بالحضِيض ، يُدرك النوايا الحقِيقية خلف السِتار المُنسدل ، يُدرك بأن كُل مايجرِي هو خُدعة ماكِرة .


حررتُ أنفاسِي المُحتجزة ، بيّنما أخذتُ رشفةً صغِيرة من الزنجبِيل الساخِن ، ثُم أعدت بصرِي لنصفِ الورقة الخارِجة من هامِش الآلة ، والأحرُف السوداء الصغِيرة متراصةٌ هُناك جنباً لجِنب ، منظُرها الغيرُ مُكتمل يجعلُني أودُ تقيِيد نفسِي هُنا واستئنافُها حتى تُصبح تامة ، لكِن خمُول دِيسمبر يُسيطر كُلياً علي .


 شدَا أدِيبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن