2

23.3K 311 9
                                    

لفصل الثاني

خرجت "ريحانة" فزعة لجدها الذي تلقاها بين ذراعيه مهدئا .. وربت "يوسف" على كتفيها .. ثم جلس بين "ريم" ووالدته يمسك بيد كلا منهما مهدئا .. وأنصت الجميع لتفاصيل الخبر المعلن عاجلا في التلفاز ...

تفاصيل وأحداث مصابين ووفيات .. تتابع "ريم" و"ريحانة" الخبر تكاد عيناهما الخروج من مقلتيهما .. فلم تشهدا طيلة حياتهما حدث كهذا .. حتى يوسف وإن كان متماسكا ..

مسئولون ومدانون .. تصريحات وتبريرات .. تنديد بم حدث .. لوم على الحكومة وانتفاضة للشعب .. يرى الجد تلك الأحداث حوله ويبتسم ساخرا في نفسه .. لم يمر يومان إلا وقد توقف العمل في الخط الحديدي المنسوب له الحادث لحين تصليح العطل الموجود .. ولم يمر يومان آخران إلا وقد أقيل المسئول عن الحادث وتحول آخرون للتحقيق ... وبعد أسبوع عاد العمل واستخدم الخط الحديدي مجددا .. وهدأت ثورة النفوس .. فثقتهم في حكومتهم لم تخيب ...

ووسط فرحتهم اختفى حزنهم على أمواتهم .. فلطالما عاد حقهم لن يضيرهم شئ .. وإيمانهم يتزايد بأن قدرهم الموت في هذا الوقت ..
وأما عن المهمل المتسبب في الحادث فقد تلقى وعيده .. ولن تقف بلدهم عند هذا الموقف .. ينتظرهم ثورة صناعية كبرى ...

---------------------

رنيم ... تأثرها بالحادث كان أشد وطأة .. فبحكم عملها كطبيبة شرعية .. ممكن أن يعرضها لمشاهدة الجثث وتشريحها لتعرف ذويها عليها .. وقد كان ..رغم قلة عدد الجثث الذي لم يصل لعشرة أشخاص .. ولكن تمسكها بالحق دائما كالسيف فيه لا تحيد عنه جعلها حانقة على كل مسئول في النقل والمواصلات ولم تسترح إلا وقد عوقب المذنب وأقيل المسئول من عمله ...

حديثي عن "رنيم" لا يجب أن يمر دون أن أتوقف عندها وعند جمالها خاصة .. وكما قيل أن الصمت في حرم الجمال جمال .. فستعجز كلماتي عن وصف جمالها ... ولا أعرف سره أهو في شخصيتها الآسرة المسيطرة على كل من حولها سيطرة المحبين .. أم قدرتها على كسب القلوب .. أو جذب مستمعيها إليها بلسانها اللبق .. وقد يكمن جمالها في رزانة عقلها وحكمته ..

أما عن شكلها وددت ألا أحدثكم عنه لشدة ضيقها من ذلك .. فكل أنثى تسعد بامتلاك ولو واحدة من علامات الجمال لتصبح من الجميلات ... فكيف بمن امتلكتهم أجمع .. عينين نجلاوين كحلاوين تزينهما رموش كثيفة .. ويتعاكس بياض بشرتها مع سواد شعرها المرسل لآخر ظهرها كما لو كان التقى الليل مع النهار ... رؤيتها تجعل ناظريك لا يحيد عنها .. وكأن بوجهها مغناطيس يجذبك لها وبها ...

كل ذلك سبب في ضيقها .. بل وحنقها من أي متهور يحاول الاقتراب من باب بيتهم .. وليس منها .. فمن يتهور ليتقدم لها تعلم جيدا أن نهايته قد اقتربت إما على يدها أو بسبب ما ستفعله فيه ...

ولما كانت ترى ذلك نقصا فيها .. حاولت أن تعوضه في شئ آخر .. فكانت مستميتة في دراستها لأبعد حد .. وأنهت دراستها في الجامعة قبل قريناتها بسبب تفوقها .. فكانت تدرس السنتين في سنة واحدة .. ولم تنتظر كثيرا بل أنهت تحضير الماجستير ومن بعده الدكتوراه في وقت قياسي وفي أهم جامعة في مصر إن لم تكن في العالم .. وتستعد الآن لعمل دكتوراه ثانية ...

روح وريحانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن