41

8.9K 694 47
                                    

زمـــن الضيــــــاع
الجزء الثانـــي
حلقة ... 26 ....
كانت فرحة ابوي برجعة كرار لنا ما تنوصف .. باليوم الثاني اخذنا وسجلناه بالمدرسة ..
من يومها ازدادت مسؤولياتي .. وصرت ام لكرار ولفطومة .. وبديت بمرحلة ثانية .. صار كل همي بيها المحافظة عليهم والاعتناء بيهم وتربيتهم احسن تربية ..
بنفس الوقت بدت مرحلة التفكير الجدي للارتباط بمظفر باي شكل من الاشكال .. على ان يكتسب ارتباطي بي صفة الشرعية ..
طبعا بعد ان احصل على ورقة الطلاق الرسمية من عباس ..
كنت مستعدة للقبول باي وضع ممكن ان يجعلني قريبة من مظفر .. حتى لو كان زواجي منه بدون علم زوجته واهله .. المهم يجي يخطبني من اهلي .. كل ما التقي بمظفر الح عليه حتى يحصل لي على ورقة الطلاق ..
بعد ان تكفل بمتابعة الدعوى بالمحكمة ..
كان لابد من حضور والدي وامي فضيلة وغازي وكريم وشهود اثنين الى المحكمة لتثبيت الحالة .. وحصلنا مضبطة من المختار ياي دبيها اختفاء عباس وعدم مراجعته لي طيلة الفترة الماضية ..
استعان ابوي باثنين من اقاربه حتى يقتنع القاضي بصحة ادعائنا حول تغيب عباس عن البيت لفترة طويلة ..
بيوم المرافعة اخذت ابوي وامي فضيلة .. وبقية الشهود اللي استعان بيهم ابوي ..
والحمد لله عدَّت المسالة على خير .. واقتنع القاضي بافاداتنا ..
من خلصت المرافعة غادرنا المحكمة .. وتعهد مظفر يكمل بقية اجراءات الطلاق ..
كان لقاء ابوي بمظفر نقطة مهمة .. مظفر كان مهذب جدا وي ابوي .. وحاول دائما يتحاشي النظر لي .. حتى لا يثير شكوك اخوتي وابوي .. مما ولد انطباع ايجابي عند كريم وعند غازي وابوي .. خصوصا بعد ان عرض مظفر على كريم مسألة حضوره للمكتب للتدريب على اعمال المحاماة بعد تخرجه من الكلية .. واتمامه للخدمة العسكرية .
كان كريم بسنته الاخيرة في الكلية .. وكنت على يقين بان كلام مظفر بخصوص عمل كريم بمكتبه ليس سوى محاولة للتقرب من اهلي اكثر واكثر ..
اما ابوي اللي ما كان يعجبه العجب .. فابدى اعجابه وحبه لمظفر .. وبدا كل الطريق يشيد بي وباخلاقه ..
داخل نفسي كنت احس بالفخر من يشيدون بمظفر ويحمدون بي .. حسبالك دا يشيدون بيَّ ..
ومن يتطرقون لموضوع زوجته .. على اعتبارها كانت السبب بوقوفه ويانا والمرافعة عنا مجانا .. حسب الكذبة اللي سوقتها عليهم .. بعد الاتفاق مع مظفر طبعا .. مثل ما بينت سابقا ..
كنت ابتسم لان انطلت عليهم الكذبة .. وبنفس الوقت يعصرني كلبي من القهر لان يبدون يحمدون ويمجدون بزوجة مظفر ويتمنون لو يتعرفون عليها حتى يشكروها ..
&&&
بعد ايام او اسابيع .. ما عاد اتذكر بالضبط ... حصّل لي مظفر على ورقة الطلاق ..
اصبحت حرة مثل ما يكولون ..
وبديت باولى خظوات السعيالجدي للزواج من مظفر ..
كل ما التقي بمظفر اطلب منه ان يحضر باقرب فرصة ويخطبني من اهلي .. اذا فعلا يحبني .. وبكل مرة يتذرع بحجةشكل ويوعدني يحضر بالايام القادمة .. متناسية ادعائي السابق بان زوجته صديقتي ..
من صار امام الامر الواقع .. بدا يفرض شروطه ..
وكانت الصدمة الكبرى ..
اول شرط من شروطه ..
طلب مني ترك العمل بالصالون .. ولا كأنه متعلم ومثقف .. بدا يردد نفس الاتهامات اللي كنا نسمعها من الناس العاديين بحق العاملات بصالونات الحلاقة ..
على:- شلون تقبلين واحد مثلي وبمركزي وبمقامي يتزوج من صاحبة صالون .. !! اقل ما يقال عنها بانها سيئة السمعة ..صحيح انتي شريفه وما عندج شي بس شكول للناس ..؟!! وشيكولون عني اخوتي وزملائي بالعمل اذا عرفوا بيَّ متزوجة من عاملة بصالون حلاقة .. ؟!! وكلهم مثل ما تعرفين ينظرون للعاملات بهذا المجال على انهن سيئات السمعة ..
نسى بأنه لولا الصالون لما تمكنا من اللقاء والتعرف على بعضنا ..
ومن هنا بدأت المعضلة ..
كان الصالون بالنسبة لي نصف حياتي .. اذا مو كلها .. من فتحته عرفت الدنيا .. وفتَّحت بعد ان كنت مغمضة .. تعرفت على كثير من الاشياء اللي كنت اجهلها .. تعرفت على تجارب الاخرين .. وسمعت هوايه مشاكل وحكايات من الكثير من الزبونات واستفدت منها ..
صرت اكثر لباقة بالحجي .. واكثر معرفة بعادات الناس وتقاليدها .. واصبحت اكثر خبرة بمجال التجميل .. واختيار ما يناسب العرائس من مكياج ..
كثروا زبائني وازداد دخلي وبديت افكر بمشاريع اخرى .. لهذا صار من الصعب علي التفريط بمصدر رزقي الرئيسي .. وفوق هذا وذاك كان عملي يحسسني بقوتي وقدرتي على الاعتماد على ذاتي .. وعملي بي بشكل سري وبدون علم اهلي كان يحسسني باللذة ..
كان الصالون سري الكبير .. الذي لم يتمكن احد من كشفه طيلة سنين ..
لهذا ولاسباب اخرى رفضت رفض قاطع ترك العمل بالصالون .. وتجادلت ويا مظفر وحاولت بشتى الوسائل اقنعه ..
كنت احس بالعجز امام قوة حججه .. رغم كل الذرائع اللي كنت امتلكها .. استخدم وياي وسائل عدة من اجل ان يقنعني ببيع الصالون .. مرات يهددني بقطع علاقتنا ومرات يرغبني بالحياة السعيدة اللي ممكن ان يوفرها لي بعد الزواج ..
مع هذا رفضت رفض قاطع الرضوخ لشرط ترك العمل بالصالون ..
كنت معتمدة على صدق مشاعر مظفر وحبه لي وعدم قدرته على الابتعاد عني .. بعد الوعود الكثيرة اللي قطعها لي بعدم التخلي عني مهما كانت الاسباب ..
قبل لا اطلك عاهدني اكثر من مرة بان يتقدم للزواج مني حال طلاقي من عباس .. بدون ان يتطرق لموضوع الصالون .. او لاي شي اخر ..!!
ما اعرف شنو اللي خلاه يغير رايه .. !!
قبلها كان يشجعني على العمل بالصالون والاعتماد على ذاتي .. ويعيب عليَّ خوفي من اهلي والاستمرار بعمل الصالون بشكل سري .. شو من صار امام الامر الواقع .. تغيرت كل افكاره .. !!
بديت اتهمه بالكذب في تنفيذ وعوده والضحك علي .. واشكك بحبه لي .. تعاركت ويا .. من ورا سالفة الصالون .. وانقطعت عن مواعدته او التواصل ويا بالتلفون ..
طلبت من نضال تنكر وجودي في حال اتصاله للاستفسار عني بالايام اللي اكون بيها متواجدة بالصالون ..
اسبوعين بقى بلا ما يتصل بالتلفون او يحضر للصالون حتى يسال عني .. كلبي صار مثل النار عليه ..
كل ما اروح للصالون اسال نضال عنه .. ومن تكول لي ما اتصل .. ينعصر كلبي ويضيق صدري وتظلم الدنيا بعيني .. حتى شغل ما بقى لي واهس اشتغل .. طيلة وجودي بالصالون ابقى مركزه نظري بين التلفون والشارع العام .. كل فكري يم مظفر .. كل ما تمر سيارة تشبه سيارته يرف كلبي وابقى اترقب وقوفها .. ومن تبتعد وتختفي من امام نظري .. يزداد توتري .. وكل ما يدك التلفون يخفق كلبي .. ويرتعش كل جسمي .. اتمنى يكون هوَّ على الخط .. ارتبك .. وبنفس الوقت ااشر لنضال حتى تنكر وجودي بالمحل اذا كان هوَّ ..
بعد ان تجاوب نضال ويتضح ان المتصل شخص اخر .. اصاب بالاحباط وخيبة الامل ..
كنت اتمنى يتصل واتمنع من الرد عليه حتى احس باني انتصرت على عواطفي ولو لمرة واحدة .. ونفس الوقت كنت مشتاقه لسماع صوته .
عشت اكثر من اسبوعين بافكار مشتته .. واعصاب تلفانه ..
مرات كثيرة احس بالانهيار.. تجتاحني رغبة بالخروج من البيت او من الصالون والذهاب لمظفر والارتماء بين احضانه .. اتخلى عن عنادي واصبح طوع بنانه .. اترك الصالون .. واترك اهلي .. واترك كرار وفطومة .. واترك كل الدنيا من اجل لمسه حنونه من لمسات ايديه او ابتسامه حلوة .. او سماع كلمة حب من بين شفايفه ..
كل شي كان يخطر على بالي الا مسألة تخلي مظفر عني بهاي السهولة .. ما كانت تخطر على بالي ..
رجعت اردد وي نفس ..
لج غازية .. لا تضعفين .. كوني قوية .
لج غازية .. لا تضعفين ... كوني قوية .
جافاني النوم .. كل يوم اسهر لوجه الصبح على صوت ام كلثوم .. كل كاسيتات ام كلثوم اشتريتها .. وما عاد يهمني اذا سمعوا اهلي بصوتها ام لا يسمعون ..
من يعجبني احد مقاطع اغانيها .. ارفع صوت جهاز التسجيل الجديد .. حتى تنقطع عني كل الاصوات .. وما يبقى غير بس صوتها ..
صوت ام كلثوم وكلماتها يخترقن احاسيسي ..
وصفوا لي الصبر .. لقيتوا خيال وكلام في الحب .. كلام في الحب .. يدوب يدوب يتقال ..
اهرب من قلبي اروح على الفين .. ؟؟
ليلينا الحلوة بكل مكان ..؟!!
مليناها حب احنا الاثنين ..
وملينا الدنيا امل .. املللللللل وحنان .
ومن اصل لمقطع الاغنية اللي تكول بي ..
عيني عييييني على العاشقين ..
حيارى مظلومين .. علصبر مش قدرين ..
وتكرر المقطع عدة مرات .. اسكر وي الاغنية ووي اللحن والكلمات .. وابدي اميل براسي شمال ويمين .. !!!
ولا كنت امل من تكرار سماع الاغنية ..
تاخذني اغاني مكلثوم وخصوصا بعض مقاطعها اللي تتعلق بالصبر والالام والاهات لعالم ثاني .. عندها اقرر من الصبح اروح لمظفر للمحكمة واحضنه كدام كل الناس .. واعتذر من عنده واتوجه للصالون واغلقه كدامه .. واسلم كل اموري بايديه .
اصحى الصبح عظامي كلها مرضرضة .. كل جسمي ويجعني .. راسي ثكيل من السهر .. افكاري مشوشه وعيوني كوه ياله اكدر افتحها .. الهي نفسي وي كرار .. ابدل له هدومه وادربه للمدرسة وارجع الاعب فطومة وافتح المحل واشغل نفسي وي الرايح ووي الجاي ..
واغير رايي وارجع اردد .
لج غازية .. لا تضعفين .. كوني قوية ..
لج غازية .. لا تضعفين .. كوني قوية ..
لا ترخصين كدام مظفر .. اذا يريدج ويحبج فعلا .. مثل ما كان يدعي .. لا بد من ان يضعف امام حبه ويجيج برجليه ..
اصمدي ... اصمدي غازية .. خليه ولو لمرة واحدة يتنازل امامج ويتخلى عن شروطه .
مع هذا كانت تلو جبي الدنيا .. انتهز اول فرصة واصعد بتكسي .. واطلب منه يوصلني لباب مطعم الرباط .. انزل بساحة المغرب بلا ما ادخل لمطعم الرباط .. اراقب المطعم من بعد واشوف عنمال الخدمة .. اشبع رغبتي من المكان .. وارجع ااجر تكسي واطلب منه يفتر بي لا على التعيين بالمكانات اللي كان يوديني لها مظفر .. بلا ما اهتم لاستغراب سايق التكسي لمطالبي وتصرفاتي ..
الامر الوحيد اللي كنت اتحاشاه .. هو عدم المرور من امام مكتبه .. رغم ان مكتبه يقع بطريق روحتي وجيتي بين الصالون وبيتي ..
كنت اخاف لا امر من كدام المكتب وشوف سيارته واضعف وانهار وارضخ لشروطه ..
صبرت على فراك مظفر وهجره لي عدة اشهر .. بس ولا لحظة غاب عن بالي .. انتظره يتصل او يحضر للصالون باي لحظة ..
فجأة ظهروا لي اقارب لابوي من قطاع 78 ..
ابوي مثل ما ذكرت لكم كان منقطع عن جميع اقاربه .. بسبب طبيعته الانعزالية واحساسة بانه اكثر قيمة منهم .. على اعتبار كان يتمتع بجاه ونفوذ من ايام امتلاكه لمحلات الحدادة اباب الشيخ .. ومن نزلت بي الدنيا وخسر كل املاكه وفلوسه بالقمار وسباق الخيل ( الريسز ) ما وكف الى جانبه ولا واحد من اقاربه ؟؟ فما كان يعترف باي واحد منهم ..
من كبر حس بالضعف والعجز .. صار يتمنى يتواصل وي اي واحد ن اقاربه .. وبدا يتواصل مع ناس من اطراف العشيرة ساكنين بالقطاعات المجاورة .. ويعاتبهم عن انقطاعهم وعدم اهتمامهم بادامة صلة الرحم .. وما كانوا يعيرون له اهتمام .. نسى او تناسى بانه كان يرفض زيارة اي من اقاربه لبيتنا .. وما يهتم لزيارة ايا كان منهم .. وكان على استعداد لطرد من يزورنا .. بلا ما يحس باي حرج او خجل .
اخيرا وصل بي الحال راح لسلمان باك بشكل مفاجئ .. يدور على خالد وخلود وسلام ..
من رجع من سلمان باك تمرض ..
من سألنا عنهم .. ادعى بانه ما لاكيهم عند خوالهم .. خالد وسلام ملتحقين بالعسكرية وخلود متزوجه ولد من اهل الطارمية .. وحسب ما ادعى منطى عنوانه لاحد خوالهم .. حتي من ينزلون بالاجازة يحضرون للمدينة يزورونه ..
مرت اشهر .. بقى يردد اسمائهم وعايش على وهم حضورهم .. بعد ان يأس من الامر .. تناسى الموضوع .. وكظم غيضه وكتم على جرحه القديم .. وتظاهر بالنسيان ..
من جوي اقربنا اللي ساكنين بقطاع 78 رحب ابوي بيهم احسن ترحيب .. على غير عادته .. راد يعبر لهم عن فرحه وسعادة بحضورهم بشتى الالوان .. جلب بيهم وعزمهم على العشى .. وحار شوصى من المطعم من ماكولات وقدمها لهم .. وطلب من عندي اتفنن بتقديم الفواكه والمشروبات ..
تعجبوا الضيوف وتفاجئوا بتغير طباع ابوي .. وصرف لهم الامر ..
من شافوا كرمه وترحابه بيهم .. كرروا الزيارة .. وبداوا يتقربون ..
بزيارتهم الثانية اول الثالة .. طلبوا ايدي من ابوي لواحد من زلمهم ..
الرجال اللي خطبوني له كان متزوج .. وحسب ما ادعوا .. مرته خبله او مجنونه .. او مريضة وما تكدر تقوم بخدمته .. كل واحد منهم ذكر عذر لاسباب طلب زواج الرجال ..
كنت خايفه لا يتسرع ابوي .. مثل ما سوى وياي من خطبني ابو عباس لابنه .. ويوافق على طلب الزواج ..
وللحكاية بقية .

زمــــــــــن الضيــــــــــــــــاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن