الحلقة الرابعة

20.4K 604 15
                                    

الحلقة الرابعة

طرقه ولم تكُمل الثانية ليأمر الطارق سريعاً بالدخول ..
وها قد ظهر مبتغاه لتتسع أعينه بتركيز هاتفاً باهتمام :
-أدخل يا شاكر أتأخرت ليه !

أندهش شاكر من جملته الذي أيقن من خلالها بأن أمراً جليلاً يعتلي مخيلة صديقه لدرجة أنه أصبح يشعر بتأخره وهو لم يستغرق سوي دقائق قليلة في الطريق حين لب ندائه علي وجه السرعة !

-خير يا حاج قلقتني !

هتف بها بقلق يصاحبه الارتباك وهو يتجه ليجلس في المقعد المقابل له بعجاله ..
ليأتيه صوته علي غير العادة حتي في أشد أوقات أحزانه .. صوت قد يكون مات صاحبه ألاف مؤلفه من المرات في تلك الدقائق التي سبقت قدومه :
-التوكيل إللي علي أبن جلال الله يرحمه بعته ليا من أسبوعين تقريبًا لسه في صلاحيه ولا أنتهي !

-قصد حضرتك يا حاج التوكيل العام اللي هو بعته عشان أنت تكتب بيع وشراء وأنت حي ميراثه فيك بعد عمر طويل أن شاء الله ..

-أيوه يا شاكر هو ده .. صحصح معايا هو في غيره ماهو علي يدك بعتهولي بعد سنين عذاب لما أقنعته أخيراً أن ده ورثه مني وهو أحق بيه وأن لازم ينزل يستلمه ، وأني كمان كاتب لبنات عمه زيه بالظبط ..

-أها افتكرت ! معلش يا حاج اعذرني المشاغل كتير .. بس أنت عوزه ليه ما أنا تممت علي الإجراءات وخلصت من يومين كل العقود في الشهر العقاري زي ما أنت عاوز !

-لسه فيه صلاحيه ولا لا يا شاكر ريحني !

-أه يا حاج لسه في بتهيئلي يومين أو تلاته باين .. أصل قولتله قبل ما يبعته طول المدة شويه عشان الإجراءات والظروف وكده

انطلقت تنهيدة عميقه من جوف صدره الجريح تريحه نوعاً ما مردداً بعجاله :
-الحمد لله شاكر إللي هقوله مش هعيده تاني عوزك تركز معايا ..

أومأ شاكر بالإيجاب برأسه في صمت يسترعي كامل أنتباهه له ولما سيردده... .

من قلب مسار المشي .. داخل حديقة غولدن غيت .. في مقاطعة سان فرانسيسكو

أنحني يتكئ براحة يداه علي ركبتيه يلهث أنفاسه المتقطعة والتي نتجت عن عادته اليومية في الركض صباحاً في هذه الحديقة .. وتلك الصور اللعينة من ذلك الحُلم المتكرر لم تفارق مخيلته بتاتاً .. لتبرز عضلة فكيه بشدة في معالم وجه العابثة بصوره جعلته يزداد قوة وإصرار تؤكد علي رغبته الداخلية والوحيدة في كل ثانية تمر علي الانتقام !

الانتقام الذي سيشفي آلام طفولته المتوهجة أمام عيناه كأنها تحيا حتي تلك اللحظة .. والذي سيطفئ النار المتأججة في صدره وبين طيات قلبه الفارغ من أي عاطفه إنسانية في الوجود بعد ما شاهده في طفولته وما أنصت له في شبابه !!!

----------------

-أانت بتقول أاايه يا حاج ..ااانت متاااكد!

جملة رددها شاكر المحامي بذعر منتفضاً من جلسته واقفاً بارتباك ..
ليسرع الجد بسحب أنفاسه المتألمة ليزفرها في ضيق محاولاً عدم أظهراها علي معالم وجهه الثابتة ، ولا في نبرة صوته الهادئة أمراً أياه بالجلوس مرة أخري .. لينصاع شاكر أخيراً لما أمر بعد أن تخطي مرحلة الصدمة ليأتيه صوته بنبرة يأسه خافته :
-يعني أنا مش من الساهل عليا أني أطلع الكلام ده بس هو ده أخر حيلي بعد ما جربت كل الطرق الممكنة في أنه يرجع لبلد أبوه .. وأخرها ان اضطريت أقسم ميراثي وأنا عايش عشان ينزل ويحضره وأشوفه ..

أحفاد الثعلب Donde viven las historias. Descúbrelo ahora