عودة إلى الماضي

653 29 0
                                    

استيقظت ليز صباح يوم مشرق وفتحت عينيها ثم نهضت جزافًا من السرير، ونزلت الدرج محوقلةً في سيرها حتى سقطت، ولحسن حظها كانت على الدرجة الأخيرة فلم تُصَبْ.

نهضت على الفور وبدأت في الهرولة مُتَطَلِّعَةً إلى كل ركن في جميع الغرف التي تدخلها.

ثم احتقن وجهها وركضت إلى والدتها وقالت مقطبة حاجبيها:
«أين أبي؟»

التفتت الأم إليها متفاجئةً وقد كانت تملك نفس شعر ليز الأسود وعينيها القرمزيتين وأنفها الصغير، وأما فمها فقد انحصرت فيه معاني الرقة لصغره.

طحطحت على منظر صغيرتها الشعثاء التي لم يزل أثر النوم من وجهها وقالت:
«أين صباح الخير؟»

زفرت الإبنة وجلست على الكرسي المواجه لها وقالت:
«صباح الخير، أين أبي؟»

أجابتها الوالدة على الفور:
«ما زال في الخارج»

تغضن وجه الطفلة وأشاحت بوجهها عن والدتها وهمست:
«لقد وعدني بالخروج معي صباح اليوم»

استرسلت الفتاة بالتفوه بكلمات يكتنفها الملل والضجر واستمرت في التذمر، لعلها عندما تنهي عتابها تجد والدها يقف أمامها.

وقد تحقق ما تصبو إليه، فسرعان ما دخل البيت رجل في الثلاثينات من عمره، ذو شعر أسود كثيف، ومعالم وجه ضوت مزيجًا مثاليًا من الحزم واللطف فخلقت إحساسًا بالإرتياح للناظر إليه، وبالطبع، عينان قرمزيتان لامعتان.

إلا أنه لم يبكمها قدومه عن عبارات العذل وأساليب العتاب.

فلم تُلْقِ إليه حتى سلامًا، واكتفت بمحاولة إنماء شعوره بالذنب اتجاهها لديه موجهة نظرها بين حين وآخر إلى تقاسيم وجهه، لتعلم أوصلت لمرادها أم لا.

عندها وجدت الابتسامة تعلو وجهه وهو يتطلع إليها قائلًا:
«حسنًا، ارتدي ملابسك و تعالي معي»

أفلحت جملته البسيطة تلك في نزع قناع الغضب عن ملامحها، وانفرجت أسارير وجهها مثبتةً كيف يسهل مصالحة طفل في مثل عمرها.

أسرعت في الصعود إلى غرفتها وارتدت ملابسها ووقفت أمام المرآة ومشطت شعرها سريعًا، وعادت إلى والدها وصدرها يعلو ويهبط، وأصوات شهيقها وزفيرها المتتابعة عالية فقالت:
«أنا جاهزة»

أمسك والدها عباءة ذات قلنسوة واقترب منها قائلًا:
«ليس بعد»

ثم ساعدها في ارتداء العباءة ووضع القلنسوة على رأسها، ثم انحنى ليصبح في نفس مستوى نظرها وأردف:
«الآن أنت جاهزة»

لعنة العيون الحمراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن