كيانٌ حبيس

236 15 5
                                    

أحسّتْ ليز بالهواء يلفح جوانبها، ثم استشعرت قطراتٍ من النّدى تلمس وجنتيها، قبل أن تنقلب مطرًا غزيرًا، ورغم ذلك كان من الصعب عليها فتح عينيها، فبدأت تفتحهما رويدًا رويدًا، ورأت وجه ويليام يلوح لها صورةً مهزوزةً إثْر إرهاقها، ثم اتّسعت عيناها بعدما أدركت أنه يحملها وقالت بصوت اكتنفته الصدمة:
«ماذا حدث؟ ما الذي تفعله؟»

لم يجبها ويليام، فنظرت إلى الأسفل عندما أحست الهواء شديدًا ففوجئت بأنهما يطيران في الجوّ، وظلّت تراقب حركات ويليام بخوف وهو يهبط بخفةٍ على غصن شجرةٍ من أشجار الغابات الكبيرة ثم يقفز ويطير مجددًا.

وبعد دقيقتين وجدت نفسها في كهفٍ مظلمٍ نديّ الأرض، أجلسها ويليام وأسند ظهرها إلى الحائط، فقالت بصوت مرهق:
«أظنّ أنّه لم ينجح في جعلك وعاء له، ولكنّه نقل لك جزءًا من قواه»

أومأ ويليام موافقًا، ثم أسند ظهره إلى الجدار وتنهّد فأغمض عينيه.

أخرجت ليز ما اعتمل بعقلها من أفكار قلقة في صورة كلمات متقطعة إثر إرهاقها:

«ماذا سنفعل بشأن الحرب؟»

أجابها ويليام:
«ماذا سنفعل برأيك؟ لا شيء بالطبع»

أبعدت ليز ظهرها عن الجدار وقالت بصوت يتخلله الإجهاد:
«عندما أخبرني السيد فيكتور أنّهم سيبدأون الحرب لم أهتم، وظننت أنّني لن أهتم أيضًا إذا بدأوها بالفعل، لكن الآن وقد علمت أن الحرب قائمة، أودّ وضع حدٍّ لها، لا يهم من الفائز، ولكن يهمّني حقًّا حقن الدماء»

تذكّرت ليز مشهد والديها الغارقَين بدمائهما ثم قالت مقطبةً حاجبيها:
«لا أودّ أن يفقد أحدهم شخصًا عزيزًا عليه، بغض النظر عن المملكة التي ينتمي إليها»

التفت إليها ويليام وقال:
«وما الذي تنوين فعله؟ أو بالأصحّ، ما الذي تستطيعين فعله؟»

حطّم بسؤاله المنطقيّ أملها في الحصول على إجابةٍ شافية، فقالت:
«لا أدري»

أسندت رأسها إلى الحائط ثم أردفت:
«أنا لا أفهم شيئًا ممّا يجري، قد قال أنه الملك الأسود، هل عنى ذلك حرفيًا أم أنّه اغترّ بنفسه؟»

أجابها ويليام:
«من الملك الأسود؟»

استعادت ليز خلال ثانيتين جميع المعلومات التي علمتها من فيكتور وتلك المرأة الغريبة التي قابلتها في المنزل المشئوم ذاك، ثم زفرت فبدأت في سردِ كلّ ما عرفته.













تغطّت الأرض بثوبٍ أحمرٍ داكن، وكان للجدران نصيب من الحُمرة، ووسطَ ذلك المشهد يقِف رجل مشوَّه شامخًا مُعتدًّا بما فعل بقوته المُستنزَفة، فابتسم وقال ناظرًا إلى جُثّة فيرناند:
«ذاك جزاء من يستهين بقوّتي»

لعنة العيون الحمراءWhere stories live. Discover now