الفصل الثامن والثلاثون

428 68 185
                                    

الفصل الثامن والثلاثون|| نهاية قصة

احتوى الصمت أمجد الذي زادت شكوكه حول ما يريد يوسف فعله، لكنه بقي هادئا ليخرج يوسف ما في جعبته، لم يبالِ الأخير بنوع التفكير الذي يطرق رأس أمجد تلك اللحظة، بل واصل كلامه قائلا:
_في الواقع لم يكن الأمر عصيا لأدركه، بل أنا من كان يتهرب منه ولا يريد تصديقه

كان يصمت طويلا ويتحدث ببطء فيما بدا أنه يحاول تضييع الوقت فقط، يحاول جر أمجد إلى نقطة معينة، والتحدث أثناء السير يلهي العقل قليلا، عاد ليتحدث بذات النبرة البطيئة:
_شخص ما وقع في مصيبة تسللت تسللا إلى حياته وعانى منها كثيرا في الغالب لن يروق له أن يرى غيره يقع فيها دون أن يحذره

مجددا صمت حتى قطعا مسافة أخرى وأمجد على صمته أيضا، لوهلة بدا صمته مخيفا ليوسف الذي عهده ساخرا ولا يصمت في العادة في موقف كهذا، لكنه تجاهل خوفه وأكمل حديثه:
_سيكون الأمر غير مجدٍ إن تعنت الشخص الآخر ورفض قبول النصيحة، سيما إن كان هناك ما يحول بينه وبين ذلك بقوة، مثلي!

بتلك الكلمة أراد فعلا أن يستفز صمت أمجد ليتعرف على ما يخفيه، لكن المعني ابتسم ابتسامته المعهودة تلك ثم علق:
_كنت واثقا أنك تخفي شيئا ما، لا أعلم من أين أتتك الجرأة لتتحدث معي هذه الليلة هكذا!

لم يظهر له يوسف أي ردة فعل، بل أخذ يواصل سيره حتى لاح لهما أخيرا الجسر الذي ينوي الوقوف عليه، تحدث وهو يسير ناحيته قائلا:
_لعلك ترى كم ابتعدنا عن المنزل، لكن هذا الجسر في الحقيقة هو ما أنوي الوقوف عنده

_لماذا؟ هل هناك شيء مميز إلى هذه الدرجة؟

وضع أمجد أسئلته بما هو أقرب للسخرية من الاستفسار، حينها رد يوسف بثقة تامة دون خوف:
_أجل، ثمة ما يميز هذا المكان

وصلا إلى الجسر أخيرا ليأخذ يوسف مكانا قرب سوره، ثم قال:
_هنا حيث كان معاذ يقف، وهنا التقى خليلا، وهنا وقفت بالأمس، وكأن الأحداث تعيد نفسها

طالع أمجد بنظرات تخفي خلف تلك الجملة سرا، دس الأخير يديه في جيوب بنطاله مشيحا وجهه عن يوسف باستحقار، لتعبث أنامل الرياح بشعريهما ذهابا وإيابا

كان يحاول أن يخفي توتره، إن يوسف بلا شك يخفي شيئا ما، وأي شيء هو؟ بلا شك هو شيء عظيم، عاد بنظراته ليوسف ليجده يخرج يديه من جيوب معطفه مع ابتسامة مريبة، نفد صبر أمجد فاقترب منه وهو يحدق به بنظرات مغتاظة ويقول:
_ما الذي تخفيه أيها اللعين؟ أكاد أقسم أنك تعد لمصيبة ما

لم يرغب يوسف بالكشف عما حدث الآن، إنه ينتظر اللحظة المناسبة، لكن أمجد علقه من ياقته بيده وشهر في وجهه خنجرا، ليقول والشرر يتطاير من عينيه:
_هل تظن أنك ستستطيع مجاراتي أيها البغيض؟ إن حياتك لا تعني لي شيئا في النهاية، تكلم ما الذي تخفيه؟

مهلا يا صاح!Where stories live. Discover now