¦بداية النهاية¦

840 41 6
                                    


<هو>✨

قالوا لي :  أجعلها تضحك تقعُ في حبّكَ لكن في كل مرة كانت تضحك هي فيها كنتُ أنا من يقعُ بالحبّ.

كنتُ أراقب طريقتها المميزة في الضحك، لم أكن قد رأيتُ ضحكتها في أيّ امرأة من قبل، لم أكن قد
رأيت فتاة بابتسامة كخاصّتها.. رُبما لأنني أراها بعين الحبّ.

عين الحبّ مختلفة جداً عن ما نراه في الواقع.. عين الحبّ مُخادعة لكنها جميلة.

ضحكتها جميلة و طويلة.. لطالما كانت كذلك و لطالما كنتُ أنا سببها.

ما أجمل أن تضحك و ما أروع أن أكون أنا السبب وراء ضحكتها.

ذات مرة كنّا نجلسُ في مقاهانا المُعتاد.. كانت حزينة جداً حزينة لدرجة جعلت زهور مُقلتيها تُسقط بعضاً من قطرات الندى.

لا أذكر سبب بكاءها،. هي تبكي كثيراً و من الصعب أن أتذكر .
كنتُ أنظر الموجودين أبحث في وجوههم عن شيء قد يُضحكها، أخذت أعلّق عنهم بأمور سخيفة و مرحة و نجحتُ في جعلها تضحك.
هي هكذا تضحك سريعاً و تبكي سريعاً.. ربما ليس أمام الجميع لكنني أُحبُّ هشاشتها برفقتي.

ها نحن اليوم على كرسي المشفى في غرفة الانتظار ، مسحت دموعها الخفيفة أثر الضحك ثم نظرت لي قائلةً:
- أتعجّبُ من قدرتكَ على إضحاكي في مواقف كهذه.. ".

- هذا عملي". أجبتها مُبتسماً.

أمسكت بيدي و هي تربت عليها برفق :
- أعلم أنك تحاول إضحاكي و التّبسّم أمامي لكن لا بأس.. في مواقف كهذه بإمكانكَ البكاء في حجري، ليس بالأمر السهل السخيف يا هاري ".

كانت قلقةً أكثر منّي، قلقةً على حياتي أنا أكثر منّي.. أنا من يجب عليه القلق و الخوف لا هي.

بضعةُ ساعات قليلة تفصلني عن معرفة أمرٍ شبه مصيري.

لم أصب بالسّرطان منذ وقتٍ طويل الأمر جرى سريعاً
. خلال أشهر قليلة.

أذكرُ اليوم الّذي علمتُ فيه ذلك، حاولت أن أخفي الأمر عنها.. حاولتُ لأسابيع لكنها علمت سر غيابي المتكرر لاحقاً.

ابتسمت وقتها بعدم تصديق و قالت رافعة حاجبيها :
- أنتَ جاد هاري؟ تمزحُ معي صحيح؟ ".

رأيتُ نظراتها المصدومة تراقب حركة شفاهي و أنا أنطق:
- أنا جاد".

جلستْ على كرسي غرفتي بينما كانت تحاول تجميع أفكارها.

-حسناً أنا أعلمُ لما قلت ذلك، كنت مع فتاة أُخرى و تحاول تبرير الأمر لي، أليس كذلك؟ ".
أخرجتُ لها نتيجة التحليل و رميتها في حجرها، وقفتْ وقتها و خرجت من غرفتي ببطئ و هدوء.

- ستتركينني صحيح؟ لن ترتبطي برجلٍ سينتهي بعد أشهر أليس كذلك؟".
صرختُ من الغرفة ثم تبعتكِ للأسفل.

- إياكَ أن تتحدث بهذه الطريقة عنّي و عنكَ! أنا لن أتركك و لو كنتَ مصاباً بمرض مُعدي مميت، سأصاب به منك بالعدوى و نموت سوياً، و أنتَ لن تموت بعد أشهر، إياك أن تكرر ذلك!".
صرخت بغضب.. كنتُ على علم أن بعد كل نوبة غضب تنهار و تبكي كفتاة صغيرة ضعيفة.

أقتربت منّي و ارتمت عليّ مُعانقةً إياي.
بكتْ هي و بكيتُ أنا، بكى كلانا بمشاعر و آلام و أفكار كثيرة، بكينا سوياً في عناق بعضنا البعض.

- سنُحاربهُ يا حبيبي، سنُحاربهُ معاً". همست في أذني بينما كانت رأسها يقبع عند صدري تتحسسه و تبكي بهدوء.

وفت بوعدها، ها هي الآن معي، و لطالما كانت معي..في كل جلسة مُرهِقة أتعرض لها كانت هي تنامُ على الكرسي بجانبي ممكسةً بإحدى يداي.

أتسائلُ فقط ما الّذي سيحصل لها بعد رحيلي؟، لا أُحبّ التشاؤم لكنني كنتُ على علمٍ بأنها النهاية.

حالياً نحن بانتظار تحليل.. تحليل قد يُنجيني و يكشف عن كوني تعافيت أو قد يؤدي إلى مصيري المحتوم.

لا استطيعُ حتى وصف القلق الّذي أشعرُ به، قلق مُريع و مُفزع، أتمنى لو أدخل في غيبوبة حتّى تأتي نتيجة التحليل.

سألتني بينما كانت تربتُ على يدي الموضوعة على فخذها.

- أتشعرُ بالنعاس؟بإمكانكَ النوم في حجري إن أردت ".

أومأت لها بالنفي لتحرك يدها على شعري الّذي بدأ يخفُّ و يفقد رونقه و كثافته بسبب المرض.

- أنا معكَ، سأكون دائماً معكَ".
- أعلم ذلك،. لا يمكنكِ العيش بدوني حتى ". أجبتها مازِحاً لكنها لم تضحك هذه المرة..اكتفت بالابتسام ثم همست بصوت شبه مسموع :
- هذا صحيح، لا يمكنني ".
كنتُ أعلم أنها ستبدأ بالبكاء الآن ليس لأنها"امرأة دراما" كما تدعوها جايا ابنتها لكنها حساسة للغاية و أنا أُقدر ذلك.

أذكر المرة الأولى الّتي سألتُ جايا فيها عنها فأجابتني:
- باختصار أنها امرأة درامية للغاية".
قهقهتُ على وصفها لكِ بالدرامية لكنني لاحقاً اكتشفتُ أنها محقّة.

لا أعلم ما يخبئه القدر لي بعد ساعتين لكنني أختار أن أقضي هذه الساعتين بمراجعة ذكرياتي معها، جميلة كانت أم لا.

بداية النهاية|H.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن