Part 6

22 2 0
                                    

#رواية مصطفى المرة هاي

الحمدلله لقد وصلنا سالمين بصعوبة ، كان ذلك أسوأ شيء رأيته من بداية الرحلة للآن ..
تحدث السلحفاة الغريبة :" جيد أنكم وصلتم " ..
تغيرت نظرته و اقترب من أخي الذي يبدو أن التعب طاله ، لاحظت أن ركبتي فائز منحنية بطريقة واضحة ، يبدو أنه يحمله بصعوبة ، أريد البكاء ... أخي في حالة مزرية ، و تلك الهالة السوداء القوية تمنعني من رؤيته بوضوح ، إنها تتحرك بقوة أكبر ، من ملاحظتي لها علمت أنها تتأثر بالمشاعر ، فبسبب اضطراب مشاعر أخي أكيد تتحرك بهذه الوحشية ، أخاف أن تلتهم فائز كما فعلت بأخي ..
قال السلحفاة :" لن يصمد أكثر من هذا ! عليكم الرحيل فوراً ! من الطريق التي دللتكم عليها " ..
قال أخي :" شو قصدك ؟ " ..
رد السلحفاة :" لقد أصبت بالفعل بلعنة الغابة ، وعليكم الرحيل عن هذا العالم بغضون اثنتي و سبعين ساعة " ..
قال محمد :" اثنين و سبعين ساعة ؟ يعني ثلاث ايام .. خلص نامو مش لهالدرجة الاشي ..."
نظر السلحفاة بغضب و قال :" الطريق الوحيدة للخروج تستغرق خمس أيام على الأقل ! و أربعة إن أسرعتم أقصى شيء "
سكت محمد ، ثم رفع يده و نقر زجاج ساعته و قال :" صلحها .. في التعويذات الغريبة تبعتك " ..
تهكم السلحفاة و قال :" لدي بطاريات ! خذها و اخرس " ..
سمعت صوت سعال ، كان صادراً من أخي ، و تحدث بصعوبة :" شو هي هاي اللعنة بالزبط ؟ " ...
قال السلحفاة :" يبدو أنك أغضبت الغابة ، فطعنتك أليس كذلك ؟ سأتحدث باختصار ، هذه اللعنة ستحول شكلك جزئياً لتصبح أسود بالكامل كدخان " ..
ارتعدت و قلت :" قصدك زي الأشياء الي هربنا منها قبل شوي ؟ "
هز رأسه ايجاباً ، و تنهد ، و أكمل كلامه :" هذه الغابة ما هي إلا مخلوق غريب عليكم ، مثلنا و مثل كل مخلوق ستصادفونه ، تفكر و تتأثر ، و تأكل أيضاً .. أجل تأكل من تلعنهم و يكتمل تحولهم يصبحون غذاءً لها .. لذا أنصحكم أن تهربوا بسرعة من هذا العالم .."
قال فائز :" بس قبل ما نروح خليني أسألك شغلة "
- تفضل ..
- ليش ما بقدرو الملعونين يسيرو في النفق الي تحت الجذور ؟
- لأنه باعتباره قنوات هضم للغابة ..
سكت فائز و هز رأسه كأنه فهم شيئاً جديداً ، يعجبني ذكاءه دائماً و أشعر بالغيرة كثيراً بسببه ..
سمعت صوت أخي يتحدث :" بقدر أسأل اذا بتشوف اشي غريب فيا ؟ يعني سمعت من مصطفى انه بشوف أشياء غير "
قال :" في الواقع تفاجأت مما حدث مع أخيك ، فهذا الشيء لم يحدث مع أي مخلوق مطلقاً "
قلنا جميعاً :" شو صار ؟ "
قال بجدية :" لقد وقعت الغابة بحبه "
صرخنا :" ايييييييه ؟ "
قال :" نعم هذا صحيح ، لقد منحته الغابة كل البركة ، لذا فهو الآن يرى كل شيء على طبيعته ، و يرى جميع مشاعركم " ..
تمنيت في تلك اللحظة أن أرى وجه أخي ، لكن الهالة غطته كله ...
أرعبني الأمر قليلاً ، لأني أظن في هذه اللحظة أن الأمر لا يتعلق بمشاعره فقط ، بل و بسبب اللعنة ، لمَ أحرم أنا أولاً من رؤيته ؟
قال محمد :" يعني الغابة بنت ؟ يعني بتيجي زي الأفلام و بتصير بنت لابسة ابيض بشعر طويل أسود ؟ "
رد السلحفاة :" عيناك متضررتان بسبب ما تشاهده ، و عقلك مضروب بسبب ما تشاهده أيضاً "
أحسست بنظرات تحد بين محمد و السلحفاة ..
خرجنا بعد أن أصلح محمد ساعته و وضع عد تنازلي للساعات المتبقية ...
حمل فائز أخي على ظهره ، كان ككتلة ظلام متجمعة ..
سرنا بدون أن ننبس بكلمة ، في هدوء الغابة المرعب ، سمعت تمتمة من فائز :" ما تنامش ، خليك عايش قدر الامكان "
بعدها سمعته و هو ينادي على محمد بهدوء :" محمد تع ساعدني "
التفت إليه و قلت :" ليش ما تخليني أنا اساعدك ؟ قادر احمل اخوي و انا اطول و اثقل منه ! يعني عادي صح ؟ " ، قلت الكلمات و كأن قلبي كاد يتفجر ألماً ..
ضحك فائز و قال :" لا خليك بس بدي محمد الي ما سوى اشي من يوم ما اجينا " ..
الهالة حوله اضطربت و علمت أنه يكذب ، لكن خفت من هالة أخي التي بدأت تبتلع هالة فائز شيئاً فشيئاً ..
ما زال محمد ساكتاً ، و لم يصغ لفائز ، تقدمنا في المشي ، لكن محمد بقي في مكانه ، و أخيراً قال :" بتعرفو ؟ أزنخ من هيك ما فش ! يعني اه فهمنا اننا بنعاني من صعوبة ! بس شو صار للروح الاولى الي كنا فيها ؟ يعني انا بحاول اظحكم و ارفه عنكم بس انتو لساتكم بنظراتكم الي بتخزي ! احترمو شوي اننا لازم نتمتع بروح احسن ! و انا الي بعرفه انه المشاعر السيئة ما بتعطي رؤية منيحة لمصطفى صح ؟ لهيك شوي بس شوي غيرو هالنظرات " ...
هدأت كافة الهالات .. حتى هالتي ، ضحك فائز و قال :" اول مرة بتحكي اشي منطقي ، يلا خذ سامر ساعده شوي " ..
أنزله عن ظهره و استطعت رؤية أخي أخيراً ، ثم ضحك هو الآخر و قال :" اخ كنت شوي رح اضيع ، بحاول امشي مشان ما يزيد التعب " ..
أسنده محمد على كتفه ، أما أنا فأحسست بعيوني تمتلئ بالدموع ، ركضت إليه و عانقته ، و قلت :" أخوي ! ما تخليني أخاف عليك أزود " ..
أمسكني محمد من ناصية شعري و دفعني و قال :" قسمن بالله لو انك بنت لاتزوجته ! خلص بكفي كله شكفة اخو " ..
ضحكت و قلت :" بتعرف عنجد الضحك احسن " ..
نظرت لأخي ، لكن لاحظت بصعوبة ، كصعوبة ملاحظتي لتغير لون شعره في المرة الأولى ، صرخت :" شامة ! عندك شامة كبيرة ! " ..
نظر الآخران إليه و قالا :" بالفعل ! من وين اجت هاي ؟ معقول بلش يتحول بهالسرعة ! اسرعوا !!! " ..
و بدأنا بالركض كالمجانين ...

قلب أسودWhere stories live. Discover now