18 || حوارُ شريكين..

2.2K 295 124
                                    


وصلنا للقرية الخامسة والأخيرة، كانت قريةً طبيعية جميلة، كانوا بدورهم يقومون باحتفال آخر للحصاد؛ حصاداً طبيعي، شعبها طيبٌ لم يستقبلنا بالشُعل بل الابتسامات، وقررنا أن نرتاح عندها يوماً نستعيد فيه طاقتنا لنكمل لاحقاً.

أعجبتني مُوسيقاهم، كانت بسيطة وبدرجة علوٍ مناسبة وبالفعل تُحفز الشخص على رقص رقصتهم الشعبية التي أقل ما أصفها به مرحة، كما أن الطعام كان لذيذاً، ما أن تتذوق الحبة منه حتى لا تسأم أبداً من ملء معدتك به طوال فترةٍ قادمة. ما اسم هذه القبيلة مجدداً؟ أظنه ريبيكا. ريبيكا الآن من أفضل الأماكن التي زرتها فعلاً، من كل النواحي. كنتُ سعيداً.

أدرتُ رأسي يُمنةً لألمح فيورا واقفةً، تستند على حائط إحدى البيوت عاقدة الذراعين وتنظر نحو نقطةٍ ما شاردة، اتبعتُ مسار نظرها ولم أحتج للتدقيق أكثر بالنظر إذن أنني رأيتُ لارز هناك، تعلو وجهه ابتسامةٌ مُشرقة تنمُّ عن سعادته بدوره بينما يتراقص من فتاةٍ غالباً من بناتِ القبيلة.

عقدتُ حاجبي، مُستغرباً.

اقتربتُ منها قليلاً، تناولتُ قطعةً من الحلوى التي كانت بالصحن الذي أخذته؛ وقلت ما إن انتهيت:" لستُ أفهم. " انتبهت لوجودي مع سماعها صوتي؛ إذ استفاقت من شرودها السابق وراحت تحاول استعادة تركيزها. سألتُ أثناء ذلك:" أأنتِ تحبينه أم لا؟ "

يبدو أنها لم تقاوم نفسها، إذ أعادت نظرها له. بدايةً اعتقدتها ستمتنع عن إجابتي، لكنها قالت بعد برهة، بشرودٍ يجعلك تعتقد أن أحداً يتحكم بعقلها:" مرّ عامان، حاولتُ خلالهما أن أجبر نفسي على كرهه .. لكني لم أستطع. "

-" إذن لماذا لا تُوافقين على العودة له؟ " تصرفاتها غريبة، لم تكن منطقية. حزنتُ على لارز لاضطراره للتعامل مع هكذا شخصية، وتمنيتُ ألا أوضع بهكذا مواقف أبداً. أنا أبسط من كل هذا.

-" لأن الأمر ليس بتلك السهولة، إنها مسألة كرامة، مسألة مبدأ، مسألة حُلم ومسألة .. "

قاطعتها:" لا تُعنوني لي ما لا أعرفه، اشرحي أكثر ! "

-" ولماذا سأشرح لك؟ بل لماذا نحن نتكلم كالصحبة هكذا الآن أساساً؟! "

-" لأن بيننا كنز، ومن يرتبط معه آرو بشيءٍ مادي تفوق قيمته المئة قطعة، يعتبره صديقاً. " أخذتُ قطعةً أخرى من الحلوى، نظرتُ للأمام حيث الراقصون وقلت أثناء مضغها:" الآن اشرحي. لربما بإمكاني حلُّ حالتكما المستعصية هذه؛ فهي بدأت تزعجني. "

تنهدت، أخذت بضع دقائق لاشك أنها فكرّت خلالها؛ وكنتُ أعلم أنها ستقبل في النهاية. تسألونني كيف عرفت؟ لأن النساء هكذا، حسب رأيي؛ يُحبذن في العموم طرح مكبوتاتِهن إن أمكن على الإبقاء عليها، فما بالك بامرأة قضت شهوراً ولعلّ أكثر بين الرجال فقط وهؤلاء يعاملونها كرجل، لابد أن هذا أثر عليها ولو قليلاً.

كنزُ آفيروناميسWhere stories live. Discover now