الفصل الاول ❤

402K 8.3K 261
                                    

في داخل قصر السيوفي بينما كان الجميع علي قدم ليسود جو من الاستنفار والتوتر بين جميع ساكنيه
استعدادآ لاستقبال ذلك الغائب عن الوطن منذ اكثر من ست سنوات ليقرر اخير العودة والاستقرار نهائيا بعد كل سنين الغربة هذه
دخلت فجر الي داخل المطبخ لتجد والدتها تقف امام الموقد تهتم بالطعام لتسير فجر بخفة من خلفها تقترب هامسة في اذنيها برقة :
= القمر خلص ولا محتاج مساعدة ؟
التفتت عواطف سريعا لتجد صغيرتها تقف خلفها تبتسم لها بسعادة وحب وما ان همت بالرد عليها هي الاخري بمرح حتي لاحظت الحالة المغبرة التي توجد عليها ملابسها لتهتف بدهشة وقلق:
= فجر ايه اللي عمل في هدومك كده اوعي تقوليلي انها خلتك توضبي البيت مع ام جمال تاني .
اخفضت فجر راسها لتنظر الي ملابسها ثم ابتسمت بعدم اهتمام قائلة
= اهو بسلي نفسي بدل ما انا قاعدة زهقانة واشغل وقتي .
تنهدت عواطف بحزن :
=وقت ايه يا بنتي اللي تشغليه هو انتي بتقعدي من اول النهار لاخره وكل اللي بيعوز حاجة بيخليكي تعمليهاله ليتحشرج صوتها بالغصة قائلة : = سامحيني يا فجر انا لو كنت اعرف ان ده هيبقي حالك هنا انا مكنتش رضيت ابدا اننا نعيش في القصر ده وكان كفاية علينا بيتنا في البلد
اسرعت فجر بضمها الي احضانها قائلة بحنان
= متقوليش كده انا مش زعلانة ابدا وبعدين هو مين اللي كان يقدر يعصي لجدي امر وهو كان خلاص قرر اني اول ما اخلص الثانوي اجي للقصر وادخل الجامعة هنا والا مش هيصرف علينا
مدت يدها تمسح دموع امها المنسابة وهي تكمل
= ماما انا مش عوزاكي تشيلي همي كلها سنة واتخرج وساعتها هشتغل ونشوف مكان لنا بعيد عن القصر ده  وان كان علي اللي في القصر انا بقدر اتعامل معاهم كويس المهم انتي متزعليش علشان صحتك
جلست عواطف فوق المقعد بهم تشعر بالاوجاع تتراكم عليها وبانها السبب في كل ما تعنيه ابنتها من سوء معاملة من اقرب الناس اليها فلولا انها لم توافق فيما مضي علي هذه الزيجة من الابن الاصغر  لعبد الحميد السيوفي منذ اكثر من واحد وعشرون عام لم تكن تظل حينها انها ستعاني الامرين حتي الان من تلك الزيجة وتجني ابنتها اليوم حصادها من سوء معاملة واهانة من اقرب الاشخاص لها منذ ان تزوجت بماهر السيوفي لتنجب له الذكور كما اخبرها والده يوم عقد قرانهم بعد وفاة الابن الاكبر لعبد الحميد اثر مرض الم به لم يكن له سوي طفله الوحيد عاصم بينما ابن عبد الحميد الاخر ماهر  لم تستطيع زوجته انجاب سوي ابنة واحدة وعند محاولتها الانجاب مرة اخري حدثت لها مضاعفات ومشاكل ادت الي استئصال الرحم لها ليقرر عبد الحميد قراره الصارم بتزويجه مرة اخري بمن تستطيع انجاب له الذكور لحمل اسم عائلة السيوفي ليقع اختياره علي عواطف لما كانت تتمتع به من جمال وشباب وقتها كما انها كانت من عائلة فقيرة فرحت بما عاد عليها من خير من هذة الزيجة ليتم الزفاف وقتها دون اي مظاهر لاحتفال سوي اشهار بمسجد قريتها ولم يكد يمر وقت بسيط حتي حملت عواطف بطفلها الاول ليسعد عبد الحميد بهذا الخبر والذي لم يبالي به ماهر زوجها فقد كان يعيش لملذاته وسهراته فقط غير مبالي باحد لتمر شهور الحمل سريعا الي ان حان موعد الولادة لتأتي الي حياتها فجر حاملة لها الفرحة والسعادة بشعرها الاصفر وعينيها السماوية الواسعة ووجهها الملائكي والذي لم يحرك في عبد الحميد او ابنه ذرة من المشاعر اليها فقد اراد الذكر الذي حلم به طويلا لحمل اسم العائلة مع حفيده الاخر ليصب  غضبه فوق راسها مصدرا امرآ اخر لها بالحمل فورا مرة اخري حتي تحقق له حلمه ولكن تشاء الاقدار بوفاة ماهر في حادث سيارة اثر عودته مخمورا من احدي سهراته ليتم نفيها هي وابنتها في ذلك المنزل المتواضع في قريتها طوال تلك السنوات لا يأتي اليها احد سوي صلاح زوج شهيرة عمة فجر الصغري متوليا كل شئونهم دون اي اتصال بالجد حتي اتمت فجر مرحلتها الثانوية ليأمر الجد بحضورهم بالعيش في قصره وها هي منذ ذلك الحين تتم معاملتها هي و صغيرتها كاحد الخادمات وحتي اسوء تجبر نفسها علي الاحتمال حتي تكمل وحيدتها تعليمها وقتها ستغادر بعيدا عن هذه العائلة غير اسفة علي شيئ
افاقت عواطف من رحلة ذكرياتها علي صوت ابنتها الهامس :
= ماما انتي روحتي فين
رفعت عواطف عينين مغشيتين بالحزن والالم تنظر الي ابنتها لتهتف فجر بأسف:
= تاني يا ماما علشان خاطري بلاش تفكير في الماضي وخلينا في المستقبل وان شاء الله ربنا هيعوضنا خير

أسيرة ظنونهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن