ثلاثة

118 11 23
                                    

"إن توالى رقمان حزينان فالثالث من جنسهما ؟"

"في لعبة الأرقام هذه حزنان يعقبهما سعادة"

***
03/12/1995

دثرت الصغير من برد ديسمبر الشديد، طبعت قبلة على خده المنتفخة و كان دفء هذه الأخيرة يفوق الأغطية التي تغلفه، ربما لم يكن يشعر بهذا لكنه حتما سيستشعره يوما ما.

بخطوات متزنة سارت صوب بعلها الذي إتخذ جانب السرير مجلسا له، جاورته كما إعتادت أن تفعل دائما و أراحت كفها على كاهله المثقل، بينما مسح على وجهه بيديه المتكأة على فخذيه و أدار وجهه ناحيتها لتقابله بتلك الإبتسامة التي لطالما أحبها لما تفعل به.

في إبتسامتها تحمل النقائض،
تحرق قلبه شوقا و تجمد الوقت فلا يشعر به و هو يتأملها.
تدمر فؤاده لجمالها و تبني أشلائه المتحطمة
تحدث العواصف داخله، تغرق سفن وعيه، و على موانئ شفتاها بر الأمان و ميناء همومه المهتاجة.

"تعلم أنك يا عزيزي لم تبلغ الخامسة و الثلاثين إلا اليوم فما بالك تستحب أن تشيب قبل الوقت؟"
سألت بنبرتها الهادئة ممازحة ليعكر ما بين حاجبيه دلالة على عدم فهمه.

"كثرة التفكير تسبب الشيب المبكر و لا أحبذ أن أسير و زوجي الثلاثيني فيقول الناس: ما بال تلك الجميلة تصاحب رجلا بعمر أباها"

قهقه على حديثها ليجيبها:
"كلانا بنفس العمر عزيزتي و تأكدي إن شبت يوما فستلحقينني لكثرة تفكيرك بي يا جميلة"

بادلته قهقهات ناعمة لتحيط كتفيه بينما تسند رأسها عليها.

"اليوم الثالث من ديسمبر؟"
همهم لها كإحابة.

"إذن حان الوقت؟"
رفعت رأسها نحوه بتساؤل ليهزه بالإيجاب.

"دعنا نودع الصغير إذن"

أمسكت كفه تقوده نحو مهد صغيرهم، حمله بين كفيه الكبيرين ليقبل جبهته ثم يلتفت نحو زوجته بأعين كساها الحزن.

"سنتركه صفرا و نحن لم نشهد حتى إكتمال واحده"

هزت رأسها بأسف لتجيب:
"الحياة سيناريو و نحن نحفظه، الصفر لن يضعف ما دام بجانب الأرقام الأخرى، بل بالعكس، هو قوة لهم"

سارت صوب وليدها تحمله و تشبع عينيها بمنظره النائم كملاك ساقط في ليلة مثلجة، يلتحف البياض و النور مشع منه.

حضن زوجها غلفهم، أسرته الصغيرة، تبادل الكل نظرات دافئة و إن كان الجو باردا لكن دفء القلوب يطغى على قسوة الطبيعة.

واجهة السبعةWhere stories live. Discover now