((الفصل الثامن))

22K 397 1
                                    

*في قبضة الطاغية*
((الفصل الثامن))
_جلس الخبير مرة أخرى بعد أن بعث له الصقر بالحضور على الحال ،تركوه وحده لكي تحضر جود ،فأخذ يتمتم بضجر قائلًا :
أوووف ،وبعدين مع الناس دول ،شوية روح يا أستاذ أمير الباشا مش فاضي ،تعالي يا أستاذ أمير الباشا بيقولك تيجي ضروري ، وأنا كان مالي بالناس دون يتحرقوا في جهنم يارب و...
بتر الخبير أمير كلماته فور وصول الصقر وخلفه جود ،الذي ما إن رآها وقد تنح بعينه من فرط جمالها ، لاحظ ذلك الصقر لينظر إلى جود الناظرة أرضًا ، فاحتقنت عيناه وأمسك بيدها بقوة ،شهقت جود لكنه أرسل لها نظرات مرعبة جعلتها تصمت وتزفر باختناق !
حدث الخبير أمير نفسه قائلًا :
ايييييييه كل القمررر ده ،ده أنا أبات معاهم هنا !
..
وصل الصقر عنده وبجانبه جود وكانت حالة أمير حقًا مضحكة ، فقد كان فاتحًا فاه ومبحلق بعينه ،لكن جود لم تنظر له فقد كان الصقر حاجب رؤيتها عن أي شيء بجسده العريض والضخم ، فلكز الصقر هذا الخبير بحدة قائلًا :
بتبص فين يا زفت أنت !
انفض أمير وكذلك جود أثر صوته العالي ، فنظر له أمير نظرات تحمل الغيظ من اهانته تلك لكنه توتر فور نظراته النارية فحاول أن يبدو هادئًا :
احم ، متهيألي نبدأ دلوقتي
أجلس الصقر جود التي كانت ترتدي فستانًا من اللون الأزرق المنقوش عليه فأعطاها مظهرًا كهؤلاء السيدات الراقيات رغم أنها مجرد فلاحة مسكينة !
جلست جود بتضجر بالغ ، فكيف وقعت بسهولة داخل أسره ،يتحكم بها كلعبة ويهددها بقتل والدتها ،بعد أن قتل والدها بدون أدنى رحمة،هي فقط تصبر هي تنتظر تلك الفرصة لكي تهرب من ذلك القصر البائس ،فقط تحرر من أسره الطاغي !
جلس الصقر في نفس الأريكة التي تجلس بها جود ،وتعجب الخبير من ملازمة الصقر لها ،فكانت نظراته بادية بالاستغراب والتعجب الذي فهما الصقر على الفور فأحرجه بكلماته اللاذعة :
أيوة هقعد معاها، هسيبك معاها يعني لوحدك كده !
تنحنح الخبير بإحراج بالغ وهو من داخله يريد أن يفتك به فرد بإيجاز:
طبعًا طبعًا يا باشا حدي يقدر يقول غير كده ، نبدأ بقى .
أخرج أمير تلك الملزمة من حقيبته الجلدية ثم وجهّ نظراته إلى جود التي كانت متوترة بعض الشيء فهي لا تعرف ماذا يجب أن تفعل ، لاحظ أمير توترها فأخذ يمازحها قائلًا :
متقلقيش يا أنسة ...صحيح القمر ده اسمه إيه؟
كان أمير يتحدث بعفوية كبيرة ومن دون أي خبث ،لكن الصقر اشتعل من كلماته وأخذ يصيح به قائلًا :
إيه قمر دي يا أفندي أنت هو أنت جي تعلم ولا تتمعشق ،اسمع كده من أولها لو لسانك ملمتوش هدبحبك بنفسي ومش هتاخد دقيقة معايا !
كانت ملامح الدهشة على وجهه جود كبيرة ،فهل يفرق معه شأنها وهو به كل السوء وعدم الأخلاق أما أمير فعلم أن ذلك الصقر حقًا مفترس سينهي حياته ،فقرر أن يتخذ حديثه مجرى الجد وهتف :
مش قصدي يا صقر باشا ،أنا بس مش عايز أخوفها ،وأحاول أوصلها الحكاية بشكل بسيط تحبه !
وصل حديث أمير نحو جود التي دومًا ترتعب من هذا الصقر، فحاولت تشجيع نفسها متناسية أمر الصقر تمامًا وهتفت قائلة بكل ثقة :
أنا اسمي جود !
ابتسم أمير بعفوية وعلم أنها شجاعة ولديها إصرار كبير ،فهو خبير في كشف هوية الناس ،فبدأ معها قائلًا :
طب بصي بقى يا أنسة جود ،الموضوع بسيط خالص بس عايز منك شوية جهد ، الأول هنبدأ بحاجات بسيطة عشان نظبط مخارج الحروف تمام ؟
ثم أكمل حديثه مشيرًا نحو تلك الملزمة بيده وهو يوجها نحو بصر جود ،التي أخذت تنظر لهم بفضول مستفهمة عنهم ،أكمل الخبير مستفهمًا :
الأول بتعرفي تقرأِ ؟
ابتسمت جود لأول مرة وقالت :
أيوة بعرف شوية كده !
-عظيم ،طب هنا في شوية كلمات عن ازاي ترحبي بالناس أو تسألي عن أحوالهم أو تودعيهم وده تحت عنوان "فنون الترحيب"
كان شغف جود كبير وهي تسمع لكل كلمة يحاول يعلمها إياها ،وكانت تتعلم بسرعة وتنطق الكلمات بمهارة ،فشعر الصقر بنخوة ،حيث مخططه يتم تنفيذه بشكل جيد وممتاز ،وبعد أكثر من ساعة انتهى أمير هاتفًا :
كده كفاية أوي إنهاردة ، ما شاء الله عليكي نبيهة جدًا وبتتعلمي بسرعة !
ابتسمت جود ابتسامة رقيقة فهي رغم ما تمر به إلا أن عقلها عفوي لأبعد الحدود لكن ما يميزها هو الإصرار والعزيمة التي تتشجع بهم دومًا ....
تنحنح الخبير وهتف موجهًا نظره إلى الصقر قائلًا :
بكرة في نفس الميعاد هكون موجود
-لاء !
هتف بذلك الصقر بقوة ثم تابع بلهجة باردة مستفزة :
لما يبعتولك تبقى تيجي ،شرفتا!
شعر أمير بالحرج ثم قام ولم يوجه كلمة أخرى وتوجه ناحية الباب زافرًا أنفاسه بانفعال واضح ، أما عن جود فبعد أن ذهب هذا أمير ،تفرس الصقر بها وأشار لها أن تجلس ثم هتف يصفق بيده :
برافوا ،بتتعلمي بسرعة ومش هتتعبيني كتير !
نفخت جود أنفاسها وكانت حقًا تريد أن تتقيأ عندما تسمع صوته فهتفت بحدة قليلة له :
أنت عايز مني إيه ،وبتعمل ليه كل ده ؟
اقترب منها الصقر بجسده الضخم لتصبح ضئيلة جدًا مقارنة به،وأخذ يلمس على شعرها بطريقة استفزازية جعلتها تشمئز منه أكثر فأبعدت يداها عنه ،ليهتف بأنفاسه التي تبغضها :
تنفذي اللي يتقالك وبس ،دلوقتي شريف الراجل اللي شوفتيه في الكابريه هيجي هنا كمان ساعة ، هتتكلمي معاه باللي اتعلمتيه هنا ده ، وبعدين تتقبلي منه أي ردة فعل وإلا ....
لم يكمل حيث نظر لها نظرات شهوانية أرعبتها فنزلت منها دمعة حارة ولم تتكلم ..
تركها وانصرف بعد أن اطمأن على موافقتها ،ثم أمر زينب كي تهتم بها جيدًا وتلبسها أكثر الملابس الضيقة والقصيرة ، كانت حور وقتها تشعر بالبشاعة من مظهرها وتريد أن تهرب الليلة ولا تكون مطمع شهواني لكل هؤلاء الذي في قلوبهم رحمة !
...............................
في لندن ...

*في قبضة الطاغية*...💖 للكاتبه دينا عادل 💖حيث تعيش القصص. اكتشف الآن