الفصل الثامن والعشرون

56.7K 2.2K 125
                                    


باعتذر عن قصر الفصل لتواجدي خارج المنزل أغلب الوقت

الفصل الثامن والعشرون:

كان ينقصها فقط الحصول على هاتف محمول لتتمكن من تصفح مواقع الانترنت بأريحية دون أن يعي أحد السبب الحقيقي لذلك، لم تجد "آسيا" صعوبة في اقتناء واحد جديد، فقد سعت والدتها لتوفير كل ما ينقصها لتشعر بأنها في منزلها، تلهفت كثيرًا لبدأ تجربتها المثيرة في اكتشاف ماضيها، جلست على فراشها باسترخاء ثم تنهدت بعمق لتبدأ مغامرتها المثيرة، عضت على شفتها السفلى وهي تكتب على محرك البحث "آسيا شرف الدين"، مرت الثواني كأنها سنوات، تضاعف شوقها المتحمس لرؤية النتائج، اعترى تعبيراتها علامات صدمة مذهولة حينما أبصرت العناوين المثيرة التي اقترنت باسمها، زاد شخوص نظراتها مع رؤيتها للصور المصاحبة، هوى قلبها في قدميها في عدم تصديق وهي تقرأ فحوى كل ما ذُكر عنها، امتقع وجهها وشعرت بالضآلة والحقارة مع تلك الكلمات الفاضحة لها، لم تكن كما تتخيل شابة عادية لا يشوبها شائبة، أدركت الآن سبب عزوف الجميع عن الحديث عن ماضيها المشين.

اغرورقت حدقتاها الفيروزيتان بالدمعات الآسفة الخجلة، وضعت يدها على فمها لتكتم أنينها المتحسر على حالها، لم تكن تتخيل نفسها بتلك البشاعة والوضاعة، هي كانت أقرب لساقطة عن كونها موديل شهير، ارتعشت يدها وسقطت الهاتف من بين أصابعها، تقلبت على الفراش تلوم نفسها بقسوة:

-إزاي أنا كنت كده، مش ممكن!

انفجرت باكية وتعالت شهقاتها فدفنت وجهها بين راحتيها، ارتفع صوت نحيبها مع إدراكها لكم الحقائق المفجعة عنها، مدت يدها لتلتقط الوسادة لتخبئ وجهها فيها، فلم تكن راغبة في أن يستمع أحد لنواحها المتألم، تابعت حديث نفسها المصدوم:

-ليهم حق ميعرفونيش، أنا عمري ما أشرف أي حد!

زاد حرجها مما كُتب عنها بل شعرت بأنها لا تستحق أن تكون واحدة من أفراد ذلك المنزل، استطاعت الآن أن تفسر سبب تلك المعاملة الجافة والحذرة من "معتصم"، إنه يعلم ماضيها جيدًا، ويدرك أنها شابة سيئة السمعة، وجودها سينعكس بالسلب على أفراد العائلة الشرفاء، أراد أن يشعرها بأن وجودها غير مرغوب فيه، ونجح في ذلك، أوصل لها رسالته الصريحة لها منذ أن أتى لزيارتها في المشفى دون أن يعلن عن هويته، فهمت الآن ذلك الغموض الذي غلف علاقته بها، كفكفت "آسيا" عبراتها ومع ذلك لم تتوقف عن البكاء، نهضت عن الفراش مستندة على الحائط حتى تتمكن من الوصول إلى باب غرفتها، أوصدته عليها كي لا تسمح لأحد بالولوج إلى الداخل ورؤيتها على تلك الحالة السيئة، انهارت جالسة على الأرضية وضربت برأسها الباب بحركات خفيفة نادمة، احتارت فيما ستفعله لاحقًا، لا يمكن أن تدعي البراءة وجهلها بما علمته، عقدت عزمها على التزام الصمت مؤقتًا ريثما ترتب أمورها وتستعيد كامل عافيتها لترحل فورًا من هنا.

المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅Where stories live. Discover now