جزء 52

10.7K 116 8
                                    


بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني والخمسون

" أنت يا الخبل كم كانت سرعتك

مالك حتى عشر دقايق من يوم سكرت مني"

وجهه مسود تماما ..أنفاسه تعلو وتهبط.. غترته ملقاة فوق رأسه كيفما اتفق.. أزراره العلوية مفتوحة..

والكتفان العاليان الشامخان كانا متهدلين.. منظر لم يُرَ فيه أبدا كساب المتفاخر.. الأنيق.. المعتد.. المتكبر!!

ولم يتوقع أنه قد يراه هكذا يوما..!!

أجابه بجزع كالموت: وش فيها؟؟ وش فيها؟؟

رغم استغراب علي من حالته ولكنه أجابه بتأثر عميق: خالتي ماجاها نوم

وراحت لها تبي تسهر معها.. لقتها تبكي ومنهارة وهي تصيح بكلمة وحدة (ما أبيك)..

نادتني وجبناها هنا... وخالتي معها داخل.. وأنا طلعوني

كساب تجاوز علي ليدخل.. علي هتف بحزم: انتظر شوي..القسم قسم حريم..

لكن كساب أزاحه جانبا وهو يدخل دون تفكير.. ويصيح بألم: خالتي وينكم؟؟

وهو يتخبط بين الستائر ولا يريد فتحها حتى لا يكشف ستر من يختفين خلفها!!

خالته أطلت من خلف أحد الستائر وهي تشير له بيدها تعال..

حين دخل كانت مزون تكاد تسبل عينيها.. والطبيب يمسك بمعصمها ليقيس الضغط مع بدء مفعول المهدىء

انتزع يدها من يد الطبيب وهو ينحني ليضم كفها لصدره!!

ويرى دمعة تخر من عينها قبل أن تغلقها.. دمعة نحرت روحه التي لم يبقَ فيها شيء لم ينحر مئات المرات!!

التفت للطبيب وهو يهمس بغضب مكتوم بصوته الممزق ألما وإرهاقا: مافيه دكتورات هنا؟؟!!

ابتسم الطبيب وهو يربت على كتف كساب: يا ابني دي زي بنتي.. ودلوئتي أنا المناوب هنا..

حينها سأله كساب باهتمام موجوع: وش فيها؟؟

الطبيب بنبرة مهنية: انهيار عصبي.. أنا دلوئتي اديتها مهدئ وهنطلعها لاوضة فوء

لينهار كساب جالسا على المقعد المجاور لسريرها وهو يدفن وجهه بين كفيه..

لو استطاع أن يبكي لبكى.. ولكن إن كانت عيناه شحت بدموع لم تعتد ذرفها

فإن روحه كانت تنزف كل دموع الأرض التي اعتاد نزفها حتى أغرق جوانحه بها!!

بين الامس واليومWhere stories live. Discover now