٩

6.2K 519 192
                                    

سبحان الله وبحمدهِ عدد خلقه ، ورضى نفسه و زينة عرشه و مداد كلماته.

*تصويت وتعليق بين الفقرات يا رفقة.*

_

في صمتٍ مطبق راقب ديريك والده الذي يوليه جانب وجهه الآن ، حاجبيّ عينيه الداكنين متصلين كعادتِهما عندما يتميز من الغيض ، لكنه لحظتها لم يكن غاضبًا سوى من نفسه ونفسهِ وحدها ، غاضب وحزين واشياء اخرى لا يستطيع تمييز ما هي هيئتها لولا انها مشاعر مألوفة تعتصر قلبه كأفعى طويلة تلتف حوله وتضيق الخناق شيئًا فشيئًا بنية ايقاف نبضه ، ذلك الآلم الهادئ المألوف الذي يمس الإنسان في أعماقه لسببٍ أو لأخر على ان ذلك الشعور الآن لحظتها كان محمومًا مميتًا واكثر عاطفةً وصدقًا ، فجوليا العطوفة و-الخائنة لحدٍ اذبل قلبه وصلّبه ، ميتة الآن ، هذه حقيقة وليست كذبة اخبرها لنفسه ولإبنه في فورات غضبه ، ميتة كما لم يستطع ان يخبر نفسه ، اي بشكلٍ حقيقي ، اي انها لم تعد تتنفس هواء هذا العالم الذي يتنفسه حتى وإن كانت السموات اللتي يسيران تحتها مختلفة ، هي الآن في مكانٍ ما ، ليست تحت سماءٍ اخرى انما تحت الارض مدفونة في فوق لحدِ شخصٍ أخر ورفاته ، او لعلها بدورها اصبحت لحدًا

رنّ صوت هاتفٍ من مكانٍ ما أخرس الصمت نفسه ، ليقطب ديريك حاجبيه بدوره تقطيبةً تجابه لتلك التي تعتلي وجه أبيه الآن حانقًا من مصدر الصوت الذي اوقف صمت اللحظة ، ليكتشف فقط ان مصدر الرنين يخرج مباشرةً من جيب سترته الداخلي ، صوت الرنين ايقظ ابيه من غفلته الحزينة التي من الاساس لم يعي انه قد وقع فيها وامام ديريك ايضًا ، ليعتدل في جلسته ويمسح على وجهه وكأنه ينفض افكارًا اعتلته ، واخرج ديريك هاتفه من جيبه ليشاهد اسم زوجته يعتلي الشاشة ، كان الوقت مبكرًا عن موعدهم لكنها تتصل على ايِّ حالٍ ، تردد في الرد لكن ابيه قال وهو يلملم الاوراق التي ازاحها في وقتٍ لاحق "أجبها." ثم شرب قهوته الباردة و تجعد انفه من مرارتها و خرج تاركًا ديريك هناك يراقب ظهره العريض يبتلعه الممر ، بقي جالسًا  في صمتٍ وشرود يهضم ما سمعه للتو واللحظة ، وتفكيره لسببٍ ما يأخذ مسارًا شائكًا الى ان توقف صوت الرنين ، ولحظتئذ وعى على نفسه و اعاد الاتصال بزوجته ، خرج صوتها ناعمًا وشبه نعسٍ من سماعةِ الهاتف

"ديريك ، هل انت مشغول؟."

نظر خلفه الى الرواق و رد بخفوتٍ "لا."

"سيكون جيدًا أن تأتي إذن ، الساعة تقارب الحادية عشر او انها على وشك ان تصبح كذلك على ايِّ حال، صوتك لا يبدو جيدًا هل أنت بخير؟"

"بخير بخير ، لا تقلقي ، أنا قادمٌ حالًا." اجابها واغلق الخط ثم نهض واقفًا يخرج من المنزل دون أي حرفٍ لأي شخص ، يفكر بحزنِ أبيه العميق ، و بأخته التي لا يعرف اي شيءٍ عنها سوى ان اسمها ايلا والاهم يفكر بلماذا من الأساس قيلت كذبة أن زوجة أبوه ميتةٌ وبالأصل هي متخفية تحت الستار طوال هذه السنوات دون أن يسمع عنها أي شيءٍ او ان ترى هي نفسها أيًّا من إبنيها الآخرين

(متوقفة) vanilla scentWhere stories live. Discover now