4

3.4K 118 0
                                    

الفصل الرابع

" الــدعـــــوة "


كانت جوانا تقوم بالطهي عندما هرعت كريستن اليها وقالت :
-"لقد وصل السيد لوند ليصطحب نيكول , اعتقد انه يجب ان تدعيه و نيكول لتناول العشاء وان توضحي له امر تلك الليلة "
-"آه بالطبع فقلما ندعو أصحاب الشركات للطعام!"
لم يكن هذا الطعام كفيلا بإعجاب شخصية مثل تانر لوند وقبل ان تنتزع كريستن الموافقة , هزت جوانا رأسها وأعطتها أول مبرر راودها:
-"ليس هناك طعاما يكفينا بجانب ان السيد لوند قد يكون منهكا من رحلة عمل وسيكون مشتاقا للرجوع الى بيته"
-"أراهن أنه سيكون جائعا.و نيكول تعتقد انك طاهية ماهرة و....." قاطعتها نظرة حادة من نظرات جوانا
-"ليلة أخرى يا كريستن "
نظفت جوانا يدها وزفرت زفرة عميق ووقفت ثم رفعت يدها لتتخلل خصلات شعرها ونظرت إلى نفسها في زجاج النافذة لم تكن بالغة الجمال ولكنها كانت معقولة ,ما كان احد ليظنها ملكة والأن قد حان الوقت لترفع رأسها ورسمت جوانا ابتسامة فوق شفتيها وهي تدخل غرفة المعيشة و وقف تانر متحفزا امام الباب الأمامي وكأنه في حالة استعداد قصوى للتقهقر وبدأت جوانا :
-"كيف كانت رحلتك؟"
لم يتغير ذلك التعبير الذي كان يعلو وجهه دائما وقال:
-"جيدة......شكرا"
سألته جوانا محاولة ان تنفض توترها :
-"هل لديك وقت لتناول قدح من القهوة؟"
تعجبت اذا ما كانت جهزت الأقداح الصينية للقهوة, لقد كانت مترددة عما اذا كانت تستطيع ان تصلح الخطأ و لكن ان تقف في الردهة لن يؤدي الى ذلك, يجب ان تجلس لفترة طويلة .
نظر تانر اليها في شك ولم تكن جوانا تعرف ما اذا كانت قادرة على توضيح الأمور ام لا فلم تكن مهمتها سهلة بعد كل الذي حدث بينهما تلك الليلة.
نظر تانر الى ساعته وهز رأسه قائلا:
-"ليس لدي الوقت للزيارة الليلة و على اية حال اشكرك على الدعوة"
وكادت جوانا ان تطلق زفرة عالية من راحتها ولكنه سألها:
-"هل تصرفت نيكول تصرفات حسنة؟"
-"لم تكن ابد مصدرا للمشاكل ....انها طفلة عظيمة"
-"حسنا" ابتسم تانر وهو يقولها
اندفعت نيكول وكريستن الى الغرفة وبدأت كريستن :
-"هل سيبقى السيد لوند يا أمي "
-"لن يقدر....الليلة"
-"مرة أخرى" قال تانر 
لم تكن نبرة أي منهما تبشر بالحماس نظرت الفتاتان الى بعضهما الآخر وهما يشعران بخيبة أمل شديدة.
-"هل انتهيت من حزم حقيبتك واخذت كل شئ يا نيكول؟"
سأل تانر نيكول ولم يحاول اخفاء رغبته في الذهاب فأجابت نيكول :
-"اعتقد ذلك"
-"لا تعتقدي...يجب ان تلقي نظرة أخرى على الحجرة"
اقترحت عليها كريستن وامسكت يد صديقتها الى الحجرة فقالت نيكول :
-"حسنا اعتقد انه يجب علي ذلك .." واختفت الفتاتان قبل ان يناديهما تانر او جوانا .
خيم السكون عليهما وودت جوانا لو تظل كذلك ولكن بما ان الفرصة قد سنحت لها فقررت ان تضع حدا لتلك المهمة السخيفة وان توضح سلوكها فقالت وقد علا وجهها الأحمرار :
-"اعتقد اني مدينة لك باعتذار"
-"اعتذار!"
-"اعتقد ...انك تتذكر.....تلك الليلة التي تقابلنا فيها لقد اعتقدت انك تفتقد الإحساس بالمسؤولية لأنك سمحت لنيكول ان تظل مستيقظة الى مثل هذا الوقت المتأخر وقد أخبرتني نيكول انك كنت في رحلة عمل "
-"نعم ...حسنا , اعترف اني شعرت بنظرات الرفض و الأحتقار"
لم يكن ذلك يسيرا وبدت جوانا غير مرتاحة ودفعت نفسها لأن تنظر إليه وقالت هامسة :
-"لقد أوضحت لي نيكول الأمر ان رحلتك قد تأخرت وقد نسيت ان تذكر لك شيئا عن مستلزمات الحفل عندما جئت لأصطحابها من عند مدام واجنر وقالت انها لم تتذكر حتى وصلتم الى البيت ".
إرتخى فم تانر قليلا ثم قال :
-"بما اننا نتحدث بصراحة الآن اعترف انك لم تتركي عندي انطباعا جيدا تلك اليلة "
نظرت جوانا الى أسفل وهي تقول :
-"استطيع ان اتخيل وآمل الا تعتقد انه اسلوبي المعتاد في ارتداء الملابس"
-"نعم لقد لاحظت عندما انزلت نيكول البارحة"
وقف الأثنان ينظران الى بعضهما بابتسامة صغيرة وشعرت جوانا بتحسن كبير فلم يكن ذلك سهلا عليها ولكنها شعرت بتحسن كبير على أية حال وقالت :
-"بما ان كريستن ونيكول تربطهما صداقة وطيدة , اعتقدت انه من الأفضل تسوية الأمور بيننا , فمن الأشياء التي ذكرتها نيكول عرفت انك تقوم بدورك كأب على أكمل وجه"
-"ومما قالته لي ....ينطبق عليك نفس الشئ"
-"صدقني ....ليس من السهل رعاية طفلة في هذا العمر"
فركت يديها وهي تحاول ان تبحث عن شئ لتضيفه , فهز تانر رأسه قائلا:
-"بما انك قد ذكرت هذا الموضوع , أستطيع ان امكث قليلا لتناول قدح من القهوة "
-"حسنا!"
ذهبت جوانا الى المطبخ بينما جلس تانر الى المائدة وملأت القدح بالقهوة ووضعتها أمامه فقد نما اليها انه يفضل ذلك على الأقداح الصينية .
-"كيف تتناولها؟"
-"بدون شئ شكرا"
جلست أمامه وكانت متوترة فلم تكن ترغب في ان يأخذ عنها انطباعا سيئا اخر بعدما نجحت في ازالة الأنطباع الأول ولكنها كانت قلقة ان يفسر تلك النزعة على انها اهتمام عاطفي وهذا بالطبع لم يكن في حسبانها , بالأضافة الى انهما لم يكونا في نفس المستوى الأقتصادي فهي تعمل في معهد للقروض والمدخرات وكان هو صاحب شركة كبيرة , فأخر شيء تريده ان يعتقد تانر انها تسعى وراء المال .
كانت افكار جوانا تتصارع داخل عقلها وهي تبحث عن وسيلة لتخبره بكل ذلك دون ان تبدو عدوة الرجال .
-"اود ان ادفع لك .."
قال تانر وهو يقطع كل هذه الأفكار وقد كان دفتر شيكاته يرقد بجواره ونظرت اليه جوانا دون ان تفهم :"من أجل القهوة؟؟"
ولكنه نظر اليها نظرة دهشة وقال:
-"لرعايتك لنيكول "
-"كلا من فضلك ...لم تكن مصدر ازعاج على الأطلاق"
-"ماذا عن الزي الخاص بالمعرض ...من المؤكد انني مدين لك بذلك "
-"لقد كانت الأقمشة لدي منذ وقت طويل واذا كنت لم استخدمهم لنيكول لكنت تخلصت منها"
-"لكن .... وقتك يجب ان يكون مقابل شئ"
-"كلا كان الأمر سهلا فحياكة زي واحد مثل زيان ثم انني سعيدة بذلك ...على أية حال من الؤكد انني سوف احتاج شيئا في المستقبل فإنني لست على دراية كافية بأمر السباكة والكهرباء"
لم تصدق جوانا انها ذكرت تلك الأشياء , فلم يبدو تانر أنه يقوم بهذه الأعمال .
-"أرجوك..... لا تترددي في السؤال فاذا خانني الحظ في اصلاحها سأجد لك من يقوم بها"
-"شكرا"
بعدما تحدثت قليلا مع تانر لاحظت انه لطيف ومهذب واندفعت كريستن الى المطبخ وهي تقول:
-"أمي هل سألت السيد لوند؟"
-"اسأله ..ماذا؟"
-"ان يحضر للعشاء في وقت قريب"
شعرت جوانا بالحرارة والخجل يتخللان جسدها فقد بدا وكأن الدعوة حبكة عاطفية كانت تدبرها خاصة بعد ان تدخلت نيكول قائلة:
-"ابي انا وكريستن نود ان نسمعك الأغنية الآن"
-"بكل سرور , هل تمانعين جوانا؟"
-"بالطبع لا"
-"لقد انتهت امي من صنع الأزياء مساء أمس وسنرتدي الثياب ونعود بسرعة"
في لحظة خروجهما وقفت جوانا واعادت ملء قدحها , وكانت في الحقيقة تبعث عن وسيلة لتتحدث بصراحة مع تانر بدون ان تحرج نفسها ولا ان تحرجه قالت:
-"اعتقد انه ينبغي علي توضيح شئ ......" بدأ صوتها يرتفع 
-"نعم ؟" أجاب تانر مستفهما ونظراته تتبعها وهي تحوم في المطبخ , لم تستطع جوانا ان تقف في مكان واحد لفترة طويلة , فقد كانت تنتقل من القهوة الى الثلاجة وفي النهاية وقفت امام الخزانة وكتفت يديها خلف ظهرها وشهقت شهقة عميقة قبل ان تجد الشجاعة لتتكلم فقالت:
-"اعتقد انه من المهم ان اوضح سوء الفهم بيننا لأن الفتاتان أصدقاء ...عندما كانت نيكول مع كريستن كانت في ايد امينة "
أجاب تانر بأدب شديد :
-"انني ممتن لذلك"
-"لكنه يساورني شعور ان كريستن ..وربما تكون نيكول ايضا ودت لو نتعارف بشكل أقوى وافضل ....اذا كنت تدرك ما اعنيه"
ياإلهي كانت هذه حماقة !
شعرت جوانا وكأنها مبتلة ولكنها أضافت :
-"تانر انني غير مهتمة بالعلاقات العاطفية ...فلدي الكثير الذي يجري في حياتي وهو كفيل باحتوائي ولا احب ان تشعر انك مهدد بالفتيات وألاعيبهم الصغيرة ....أرجو ان تسامحني على جرأتـي ولكنني افضل ان نتحدث في ذلك بوضوح "
كانت تلفظ الكلمات بسرعة فائقة وتساءلت عما اذا كان يدرك ما تقول ...
-"فهذه الدعوة كانت فكرة كريستن وليست فكرتي ولا احب ان تعتقد ان لي أي دخل بهذه الدعوة"
-"ان دعوة على العشاء ليست بعرض للزواج!"
-"بالطبع ..! ولكنك قد تعتقد ...لا أعرف اعتقد انني لا اريدك ان تعتقد انني مهتمة بك او اسعى وراءك عاطفيا ...اي ...."
جلست الى المقعد وأرخت ظهرها ورفعت يديها لتتخلل شعرها وتبعده عن وجهها وأطلقت زفرة طويــلة قائلة:
-"إنما أزيد الأمر سوءا......أليس كذلك؟"
-"كلا ...اذا كنت استوعبتك وفهمتك ...فانك تقولين انك تحبين ان نكون أصدقاء ليس أكثر "
-"نعم..... صحيح"
فرحت جوانا بتفهمه وسعيدة بانه قد ذكر في كلمات بسيطة كل ما كانت تريد ان تقوله 
-"في الحقيقة ...انني شعرت بنفس الشئ , لقد تزوجت مرة واحدة وهذا يكفي جدا!"
شعرت جوانا بنفسها منفعلة فقالت :
-"بالضبط .....وانا راضية عن حياتي بهذا الشكل ....فأنا وكريستن متقاربتين وقد انتقلنا لهذا البيت ولدينا كثير من الخطط لإعادة تزيينه ولدي عملي الخاص الذي يتقدم ...."
-"بالضبط مثلي ....فأنا مشغول بهذه الشركة وبالعلاقات واخر ما احتاجه امرأة تعقد حياتي "
-"الرجل هو اخر من اسمح له بخرق علاقتي وكريستن في هذه المرحلة"
-"كم مضى عليك وانت مطلقة ؟" سأل تانر وهو يلف يديه حول القدح.
-"ست سنوات"
-"لقد مضى علي خمس سنوات"
كان مثلها فلم يذهب الى علاقة اخرى ولم ولن يبحث عن واحدة ولاشك كانت لديه اسبابه وكانت جوانا تعرف دوافعها واسبابها .
-"أصدقاء؟" مد يده الى جوانا ليصافحها
-"وليس أكثر ..." أضافت جوانا وهي تصافحه وتبادلا الأبتسامة
********
-"بما ان السيد لوند لن يكون موجودا لحضور العرض يوم الأربعاء فهو يود ان يأخذني ونيكول لتناول العشاء بالخارج مساء يوم السبت القادم , وقد سألتني نيكول ان اطلب منك ذلك "
قالت ذلك كريستن التي دخلت فجأة بينما كانت جوانا تتصفح الصفحة الأولى للجريدة كان قد مضى اكثر من اسبوع منذ ان تحدثت مع تانر وشعرت بتحسن حيال ما قد وصلت اليه الأمور , ورجعت كريستن الى امها وقالت :
-"اعتقد انه من الأفضل لو تحدثت الى السيد لوند بنفسك يا أمي"
-"حسنا يا حبيبتي"
كانت قد انتهت من قراءة بابها المفضل عندما صاحت كريستن في هرولة :
-"السيد لوند ينتظر على الهاتف الآن يا امي ....هل ستتركينه ينتظر ....هذا غير لائق "
هرولت جوانا وهي تقول لأبنتها :
-"لماذا لم تخبريني؟!"
-"لقد فعلت .... اعتقد انك بدأت تفقدين ذاكرتك "
-"انا جوانا"

تؤام الروح - دابي ماكمبرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن