6

3.6K 117 0
                                    

الفصل السادس
" لقاء سري "

كانت القبلة حقا شيئا صغيرا , هذا ما كانت تفكر فيه جوانا و هي تحرك القلم بين اصابعها , فقد صنعت قضية جنائية من لا شئ وقد احرجت نفسها و احرجت تانر معها 
-"جوانا ....هل كان لديك الوقت لقراءة طلب قرض اوسيرن؟"
سألها مديرها ....روبن سيمسون و هو يتكأ على مكتبها فقالت:
-"آه ليس بعد"
بدا عليها علامات الحمرة من اثر الحرج والشعور بالذنب و اقفهر وجه روبن و هو يحملق فيها قائلا:
-"ماذا دهاك اليوم ؟"فكلما نظرت اليك اجدك تحملقين في الحائط و نظرة حائرة تائهة في عينيك؟"
-"لاشئ !" توجهت الى سلة المهملات وتناولت ملف,على الرغم من انها لم تكن تعلم أي ملف هذا بينما ظل روبن يقول لها:
-"لو لم اكن اعرفك جيدا , لقلت انك تحلمين احلام اليقضة برجل ما"
نجحت جوانا ان تبتسم ابتسامة سخرية و التي كانت تعني انكار كل شئ وقالت :
-"الرجال هم اخر من افكر فيهم"
كان هذا نصف الحقيقة فالرجال بالجمع لم تكترث بهم لكن رجل كتانر حسنا كان هذا امرا مختلفا , فعلى مر السنين كانت جوانا دائما ما تنحرف عن الطريق حتي تتفادى الرجال الذين قد ينالون اعجابها . فكان هذا اكثر امنا لقد كانت تواعد بعضهم من وقت لآخر ولكن الرجال الذين من الممكن ان يقسموا ويطلق عليهم مهذبون نوع من الرجال الذين لاتشعر تجاهم بأي شئ ابعد من الصداقة البريئة فالجاذبية والسحر والحب كانت مفقودة لديها وهذا يرجع لزوجها والذي كان يمتلك الثلاثة اشياء ودمر ايمانها في احتمال حدوث علاقة ابدية او على الأقل لم يطرق أي من الثلاث خصال بابها ثانية حتى قابلت تانر .
ان تواعده قد كان مسموحا به فكل منهما بحاجة الى ليلة يقضيها بالخارج لم يبدو انه من العدل الحرمان من السعادة لأمسية جميلة لأنها لم تكن تبحث عن زواج اخر , كانت تتواعد لكن ليس كثيرا ولكن في الست سنوات الأخيرة قد اثر فيها مثل تلك الساعات القليلة التي قادتها مع والد نيكول 
-"جوانا!"
فزعت جوانا ورفعت رأسها لتجد رئيسها ما زال واقفا بجوار مكتبها فأجابت:
-"نعم"
-"ملف اوسبورن"
اغلقت عينيها لفترة وجيزة لتمحو من فكرها تانر و حملق روبن في سقف الحجرة وسكتت لحظات وكأنما يصلي من اجل الصبر ثم قال:
-"اقرئيه و اعيديه إلي قبل انتهاء اليوم اذا لم يكن ذلك بالكثير"
-"بالطبع" اجابت جوانا وهي تتعجب من سبب تجهم روبن.
امسكت بطلب القرض وكادت تنتهي منه قبل ان تعرف ان الأسم عليه ليس اوسبورن ....عظيم ...اذا استمر يومها هكذا يمكن ان تلقي اللوم على تانر لوند لفصلها.
عندما وصلت جوانا الى بيتها ,كانت متوترة ومتعبة فلم تكن طبيعية طوال اليوم بسبب انشغالها بالتفكير في تانر والطريقة التي قبلها بها , لقد كانت تغالي في ردة فعلها , فبالتأكيد ان احدا قد قبلها قبل الآن ينبغي ان يكون الأمر كبيرا ولكن بالفعل كان الأمر هائلا فقد عكس سلوكها و كأنها في عمر ابنتها كريستن , لقد نسيت طريقة التعامل مع الرجال فقد مضى وقت طويل منذ ان ارتبطت بأحد , لم يضع اليوم كله هباء بيد انها قررت شيئين هامين في الساعات الأخير القليلة فقد كانت تريد ان توضح الأمر وتتناقش مع ابنتها قبل ان يخرج الأمر برمته من يدها .
-"مرحبا ياحبيبتي "
-"مرحبا!"
لم تلتفت كريستن من على شاشة التليفزيون حيث كان احد المذيعين يجري حوارا مع رجل ....,كان شعره احمر اللون يتهاوى فوق رأسه ويضفي عينه اليسرى وجزء من انفه.
-"من هذا؟"
زفرت كريستن زفرة عميقة يشعلها الأعجاب والحب وقالت:
-"اتعنين انك لا تعرفينه؟! لقد احببت اللون الأحمر فقط لمدة سنة كاملة ولا تعرفين المغني الرصاص عندما تشاهدينه؟"
-"لا , لا يمكن ان اقول انني اعرفه"
-"اه امي !"
-"نحتاج ان نتحدث سويا"
اشاحت كريستن بوجهها بعيدا عن مثلها الأعلى وقالت:
-"امي هذا هام ...الا يمكن ان ننتظر؟"
زفرت جوانا ثم قالت:
-"اعتقد ذلك !"
-"حسنا "
ذهبت جوانا الى المطبخ لتفاجأ انها لم تخرج كيس اللحم من الثلاجة , كانت تفتح وتقفل الخزانة وتجري هنا وهناك بحثا عن شئ للطعام علبة من سمك التونة كانت كفيلة باعجاب كريستن فاحدى الأشياء التي كانت تميز ابنتها في سن المراهقة كانت شهيتها المفتوحة ..
مدت جوانا رأسها عند الركن وقالت :
-"هل يعجبك سمك التونة على العشاء؟"
لم تكترث كريستن بأن تنظر جهتها بل رفعت ذراعها واشارت بابهامها من جهة السجاد 
-"حساء وسندويتش"
مرة اخرى اشارت كريستن بابهامها الى الأسفل
-"خس وخبز وطماطم مع شوربة الدجاج, هذا افضل ما استطيعه, اقبليه او لاتقبليه"
فصاحت كريستن :
-"اذا كان هذا العرض الأخير سأقبل ولكنني كنت اظن اننا سنتناول الهامبرجر"
-"كنا ولكنني نسيت ان اخرجها من الثلاجة"
-"حسنا موافقه"
كانت جوانا ما زالت تقوم بتحضير العشاء حين لحقت بها كريستن 
-"كنت تريدين التحدث معي بصدد شئ ما!"
-"نعم!"
كانت جوانا تركز على نشر سلطة المايونيز فوق شرائح التونة في حين بذلت جهودا كثيرة لتجمع شتات افكارها وسكتت للحظات في محاولة للبحث عن طريقة لما تحتاج ان تقوله بدون ان تزيد من اهميته او تقول شيئا غير هام فعلقت كريستن :
-"لابد وان يكون شيئا كبيرا هل اتصلت بك معلمتي او شئ من هذا القبيل ؟"
-" كلا ...ايجب ان تفعل "
-" كلا البته ....فأنا طالبة متفوقة هذا العام , فأنا و نيكول نسير على اكمل وجه , ما عليك الا ان تنتظري التقرير وعندئذ سترين "
-"انني اصدقك"
فقد داومت كريستن على الحصول على الدرجات النهائية طوال العام وكانت جوانا فخورة بمدى كفاءة ابنتها 
-"ما احب ان اقوله يخص نيكول ....و والدها"
-"السيد لوند ...بالطبع انه وسيم اليس كذلك !؟"
قالت كريستن بحماس شديد في انتظار رد فعل جوانا التي ترددت في الأجابة ثم قالت وهي تأمل ان يبدو الأمر طبيعيا 
-"اعتقد ذلك !"
-"اه ....امي...انه رائع"
-"حسنا ...اتفق معك ان تانر لديه شئ من ......السحر"
ابتسمت كريستن وهي فرحة بنفسها فقالت جوانا:
-"في الحقيقة انه السيد لوند الذي اريد ان احدثك عنه"
استمرت جوانا وهي تضع طبقة الطماطم فوق شرائح التوست بينما اتسعت عينا كريستن البنية وهي تستمع الى امها تقول:
-"نعم ...وددت ان اخبرك ان ...انني لا اعتقد انها فكرة صائبة لنا نحن الأربعة ان نخرج سويا "
بدا وجه كريستن وقد لاحت عليه علامات الدهشة وخيبة الأمل 
-"ولم لا؟"
-"حسنا ...لأنه مشغول جدا وكذلك انا"
بدت العبارة غير مستساغة وغير معقولة ولكنه كان صعبا عليها ان تخبر ابنتها انها تخشى من انجذابها واعجابها تجاه الرجل فقالت الفتاه :
-"كلاكما مشغولان ...امي ....هذا لا يبدو معقولا"
-"حسنا سأتحدث بصراحة"
تساءلت ما اذا كانت ذات الحادية عشر ربيعا تستطيع ان تفهم تعقيدات العلاقات بين الكبار فتحدثت بحذر قائلة:
-"لا ارغب في ان اعطي والد نيكول فكرة خاطئة"
انحنت كريستن الى الأمام وهي تضع رسغيها على المنضدة لتسند بهما وجهها وبدت نظراتها حادة :
-"فكرة خاطئة عن أي شئ؟"
-"عني " اجابت جوانا في غير راحة
-"عنك؟!"
رددت كريستن ذلك وهي تفكر ثم زفرت قائلة:
-"اه فهمت انك تعتقدين ان السيد لوند قد يعتقد انك تبحثين عن زوج"
اشارت جوانا بالشوكة التي كانت تمسكها بيدها:
-"احسنت"
-"ولكن امي ....اعتقد انه سيكون عظيما اذا اجتمعت و والد نيكول , في الحقيقة كنت اتحدث انا ونيكول عن هذا اليوم , فكري في ما سيتجه هذا من مميزات من الممكن ان نصبح اسرة حقيقية وممكن ان ترزقا بمزيد من الأطفال ....لا اعلم اذا كنت قد ذكرت ذلك من قبل ولكنني اتمنى ان يكون لي اخ صغير و كذلك نيكول و اذا تزوجت السيد لوند يمكن ان نقضي اجازة اسرية سعيدة ولن يكون عليك ان تعملي وذلك لأن ... لا اعلم ان كنت لاحظت ذلك ولكن السيد لوند غني جدا , يمكنك ان تمكثي بالمنزل وتقومين بخبز الفطائر و ان تحيكي الملابس ومثل هذه الأشياء"
اندهشت جوانا حتى انها مكثت دقائق لتجد صوتها ثم قالت:
-"كلا ....كريستن"
شعرت جوانا بالحرج وانها لاتقوى على الوقوف , فكل هذا الوقت كانت تعتقد انها ام مثالية وانها كانت توفر لابنتها كل ما تحتاجه جسديا ونفسيا وانها كانت تعوضها غياب الأب ولكن يبدو انها لم تفعل ما يكفي فكريستن و نيكول كانتا قد خططتا لتجمعا بين جوانا و تانر.
قررت جوانا ان تتحدث مع تانر ولكنها لم تجد الفرصة مواتية حتى المساء و أوت كريستن الى فراشها او على الأقل كانت جوانا تأمل ان تكون ابنتها نائمة وطلبت رقمه وتمنت الا تجيب عليها نيكول ولحسن الحظ لم تفعل.
-"تانر ....انا جوانا " همست جوانا وهي تغطي بيديها مكان التحدث خشية ان تسمعها كريستن 
-"ما الأمر؟"
-"اخشى ان تسمعني كريستن"
-"حسنا ....هل اتظاهر انك شخص اخر حتى لا تعرف نيكول؟"
-"من فضلك"
لم يعجبها نبرة الضحك في صوته وبدا انه لم يأخذ الموقف بجدية.
-"صدقني يا تانر.... ليس عندك ادنى فكرة عما اكتشفته , ان الفتاتان يخططان لزواجنا"
-"زواجنا؟"
كانت جوانا تعلم ان ذلك سوف ينتج عنه رد فعل قوي , فقال تانر :
-"متى تريدين ان نلتقي؟"
-"في اسرع وقت ممكن"
بدا وكأنه ما زال يضحك ولكنها لم تستطع ان تلومه وقالت:
-"ذكرت لي كريستن انهما سيسبحان في حمام السباحة مساء الأربعاء, ما رأيك في ان نلتقي بديني لشراب القهوة بعد ان توصل نيكول ؟"
-"في أي وقت؟"
-"في الساعة السابعة وعشر دقائق"
-"هل نضبط ساعتنا؟"
-"هذا ليس مضحكا يا تانر"
-"انني لا أضحك "
ولكنه كان يضحك بالفعل وكانت جوانا مغتاضة منه وقالت :
-"سأقابلك هناك"
-"السابعة وعشر دقائق مساء الأربعاء عند ديني سأكون هناك"
في الليلة التي تواعدا فيها وصلت جوانا الى المطعم قبل تانر وكانت قد ندمت على اقتراحها ان يلتقيا في ديني ولكن الوقت متأخر لتغيير الخطط فكان هناك احتمال وجود عملاء اخرين قد يتعرفو على تانر او جوانا وربما يصل النبأ الفتاتان فقد خانها التقدير في المرات السابقة , فلو علمت نيكول وكريستن بأمر هذه المقابلة , سيظنا ان هذا نتاج تدخلهما دخل تانر المطعم ونظر حوله ولكنه لم يجد جوانا , فخلعت نظارتها الشمسية ولوحت له بيدها .... رفع هو الآخر يده ملقيا اليها نظرة سريعة واستطاعت جوانا ان تلحظ عليه مقاومته للضحك وعندما اقترب منها قال:
-"لم ارتد الكوفية ونظارة الشمس مثلك"
-"اخشى ان يتعرف علينا احد وقد يخبر الفتاتان !"
كان هذا يحمل عندها معنى ولكن تانر بدا وكأنه غير مكترث ولكن سامحته جوانا بما انه لم يعلم مدى الصعوبات التي تواجهها فقال:
-"آه فهمت!"
ادخل يديه في معطفه ومشى خلفها وهو يصفر ثم قال :
-"هل اجلس هنا ام انك تفضلين الطاولة الأخرى؟"
-"لا تكن سخيفا "
-"لن اعلق على ذلك"
-"من فضلك, اجلس قبل ان يراك احد"
-"يراني احد؟! يا  يا سيدتي انك ترتدين نظارة شمسية ليلا وفي الشتاء وتلبسين الكوفية حول ذقنك مثل الأسماك المهاجرة"
-"تانر ....ليس هذا وقت المزاح"
علت وجهه ابتسامة و هو يجلس الى المقعد المقابل لها وامتدت يده لتمسك قائمة المأكولات.
-"هل انت جائعة؟"
-"كلا"
كان سلوكه بدأ يضايقها فقالت:
-"سأتناول القهوة فقط"
-"في الحقيقة , لقد قامت نيكول باعداد العشاء و انا سأموت من الجوع"
عندما ظهرت الخادمة قام بطلب عشاء كامل في حين طلبت جوانا قهوة
-"حسنا ...ما الأمر يا شارلوك" سألها تانر
-"بداية ....اعتقد ان كريستن و نيكول قد شاهداك وانت تقبلني تلك الليلة"
لم يكن لديه تعليق و لكنه بدا عليه الدهشة وهو يستمع الى جوانا التي استطردت:
-"ويبدو انهما قد كانا يتحدثان ومما فهمته انهما مهتمتان بجمع شملنا ....فهمت!؟"
-"أهذا يسبب المتاعب لك؟"
-"تانر ....لقد ذكرت لي كريستن انها ونيكول كانا يتحدثان عن ان يجمعانا سويا و ان نرزق بأطفال ونقضي عطلة أسرية و ان امكث في البيت لأخبز الفطائر"
انتظرت ردة فعله ولكنه بدا لم يتأثر ثم سألها:
-"أي نوع من الفطائر؟"
-"تانر ...اذا كنت ستقلب ذلك الى نكته فسأرحل"
-"انا متفق معك في ذلك فهذا يعني الكثير لدى نيكول"
-"لقد عشنا انا وانت شهور بدون ان نتحدث او حتى نلتقي"
قالت جوانا وهي تتذكر انهما لم يلتقيا الا قريبا
-"ليس هناك داعي لأن نتقابل الآن , ام هناك؟"
-"لن ينفع هذا" قال تانر
-"ولم لا؟!"
-"ستقضي نيكول معك ليلة الخميس القادم الا اذا كنت تفضلين الا تفعل؟"
-"بالطبع يمكن ان تبقى"
هز تانر رأسه وقد بدت عليه علامات الأرتياح"فقال:
-"في الحقيقة انا لااعتقد انها ستقبل الرجوع الى مدام واجنر بدون احداث اشكال فضيع"
-"رعاية نيكول شئ ولكن ان نجتمع معا نحن الأربعة شئ اخر و هذا مرفوض"
هز رأسه ثانية ولكنه لم تبد عليه علامات السعادة بهذا الأقتراح
-"اعتقد ايضا انه سيكون افضل"
-"لا يجب ان نشجعهما"
امتدت يده لتمسك كوب من الماء ثم تحدث قائلا:
-"هل تعرفين يا جوانا انني افكر فيك كثيرا" توقف قليلا ليعطي جوانا ابتسامة كفيلة بأن تشعلها ثم اكمل:
-"على الرغم من ان لديك عادات غريبة في ارتداء ملابسك من حين لآخر ولكنني احترم حكمك واعتقد انني ارغب في ان اتخذك صديقة"
قررت جوانا ان تتناسى هذا التعليق الخاص بثيابها وقالت:
-"وانا ايضا احب ان اكون صديقتك"
جاء صوت جوانا حانيا فنظر اليها تانر والتقت عيناه بعينيها للحظة طويلة بدون مقاطعة قبل ان يشيح كل منهما بعيدا عن الآخر فقال:
-"اعلم انك تعتقدين ان قبلة تلك الليلة كان خطأ كبيرا و جسيما واعتقد انك على حق واعتذر ان ذلك حدث" توقف تانر قليلا وكأنه ينتظر جوانا ان تقاطعه ولكنها لم تفعل فاستمر قائلا:
-"لقد مضى وقت طويل منذ ان امسكت بيد امرأة في عرض ما او قبلتها بتلك الطريقة , كم كان جميلا ان اشعر بالبراءة و الشباب ثانية"
بدأت جوانا بالرحيل ولكنه اوقفها بيده وقال:
-"حسنا ....انا آسف" لم يبدو وانه يتأسف فقالت جوانا :
-"يمكنك ان تأخذ هذه المسألة كنكته لكن انا لا اعتبرها كذلك"
-"جوانا ..نحن بالغين عاقلين ولن نسمح لزوجين من الفتيات في الحادية عشر ان يوجهانا"
-"نعم...صحيح...ولكن..."
-"منذ البداية تحدثنا بمنتهى الصراحة ولن نغير ذلك , انك لا تهتمين وليس عندك ادنى نية في الزواج مرة ثانية سواء مني او من أي رجل اخر و انا اشعر بنفس الشئ وطالما سوف نستمر هكذا فلن يكون للفتاتين أي دور"
-"الأمر اكثر من ذلك واننا نحتاج ان ننظر لألاعيبهما وخططهما من منطلق المشكلة "
-"وما هي؟"
-"تانر ....من الواضح اننا نقترف خطأ كوالدين"
-"ما الذي يجعلك تقولين ذلك ؟"
-"أليس من الواضح ؟ فكريستن و يبدو ان نيكول ايضا يريدان عائلة كاملة فكريستن تقول انها تتوق الى اب و نيكول تقول لك انها تتمنى اما"
نضبت الضحكة من عيني تانر و حل محلها قلق كبير وقال:
-"فهمت وانت تعتقدين ان ما بدأ كل هذا انهما رأونا نقبل بعضنا الآخر"
-"لا أعلم ولكنني اعرف ابنتي وعندما تريد شيئا فانها تبذل كل شئ لتحصل عليه ولا تتنازل عنه , فما ان وضعت في رأسها اننا سنكون لبعضنا سيصبح من الصعب ان تتقبل اننا لن نكون إلا اصدقاء "
-"نيكول ايضا يمكن ان تعامل الأشياء معينة بهذه الطريق"
انزلت الخادمة طلباته واعادت ملأ قدح من القهوة لجوانا التي من الجائز تكون قد حملت الموقف اكثر مما يتحمل ولكنها لم تتمالك اعصابها فقالت :
-"اعتقد انك تفكر انني ازيد من تقديري للموقف"
-"تعنين ان الفتاتان يوجهوننا؟"
-"كلا...اقصد اننا بذلنا الكثير لنصبح اباء مثاليين ومن الواضح اننا قد ارتكبنا خطأ"
-"اعترف ان هذا الجزء يقلقني"
-"انا لا امانع في ان اخبرك يا تانر انني قضيت الأسبوع الماضي في ذعر اتساءل اين فشلت , يجب ان نتفاهم في الأمر وان نتوصل لبعض القرارات الهامة "
-"ماذا تقترحين؟"
-"في البداية ...يجب ان لغي الفكرة عن الأرتباط الشخصي واعرف ان لقاءهما سيكون ضروري بما انهما اصدقاء ...لا اريد ان اضر علاقتهما"
نظرت جوانا الى قدمها , لقد كان ذلك يخيفها , كان يمكن ان تقع في غرام تانر بسهولة وهذا سيصبح اسوأ ممكن بالنسبة لها لم تكن مستعدة لهذه المجازفات ثانية , فهي تأتي من عالم مختلف , و لكن عندما تفكر و تتذكر تلك القبلة سرعان ما تبدأ ترتجف من داخلها , استرسل تانر في حديثه قائلا:
-"بطريقة ما غريبة بعض الشئ نحتاج بعضنا الآخر فنيكول تحتاج الى امرأة قوية محبة لتتفاهم معها او لتملأ مكان الأم وهي تعتقد انك مدهشة عظيمة ........اما كريستن ففي حاجة لأن تشاهد رجل يمكن ان يملأ فراغ الأب يمكن ان يقدم احتياجات أسرته فوق احتياجاته الشخصية"
-"اعتقد انه من الطبيعي لكليهما ان يحاولا ان جمعنا"
-"هذا شئ كان يجب ان نستعد لمواجهته والتعامل معه في المستقبل"
-"انت محقة"
اتفقت جوانا معه وهي متفهمة تماما ما كان يعنيه وقالت :
-"نحن نحتاج الى بعضنا البعض لنمنح اطفالنا ما ينقصهم ولكن ليس علينا ان نرتبط ببعضنا"
-"اوافقك"
ظلا ساكنان لفترة طويلة ثم صاح تانر فجأة"-"لماذا؟"
-"عرفت جوانا على الفور ما كان سؤاال تانر يعنيه وكانت لديها نفس الأسئلة عن ما حدث بينه و بين والدة نيكول فقالت:
-"كان ديفي من اكثر الرجال سحرا ...و كنت حديثة التخرج من الجامعة فوقعت في غرامه ولم اتوقف لأفكر في الأمر ...سكتت واشاحت بوجهها وكأنها تهمس :
-"كنا مخطوبين عندما ذكرت لي اعز صديقاتي كارول ان ديفي قد حاول مغازلتها , كم كنت حمقاء فلم اصدقها وظننت انها تشعر بالغيرة اذ ان ديفي اختارني ليحبني ويتزوجني وقد كنت اخشى ان تحاول كارول أي شئ جهة ديفي فقد كنت اعلم انها تجده جذابا وكذلك كانت معظم النساء و اصابني بعض الأكتئاب لأنني ظننت انها تحاول بهذه الطريقة , و وضعت كامل ثقتي في ديفي حتى انني لم احاول ان اسأله عن هذه الواقعة , بعد ان تزوجنا ازداد عدد المرات التي كان يدعي فيها ديفي انه سيعمل لوقت متأخر و عدد مرات غيابه بدون سبب ولكنني لم اسأله عن ذلك ايضا فقد كان يبني مستقبله المهني في الأراض العقارية وكنت اتفهم انه يجب عليه ان يزيد عمله لبضع ساعات وقضيت كل تلك الليال وانا اثق به حين كان يدعي انه يعمل وكنت اعتقد بكل قلبي انه كان يبذل قصارى جهده ليبني لنا حياة رغدة ...ثم علمت انه كان يقضي كل ذلك الوقت مع امرأة اخرى"
-"كيف اكتشفت؟"
-"المرة الأولى؟"
-"هل تعنين انه كانت هناك اكثر من مرة؟"
هزت جوانا رأسها وهي تكره ان يعرف تانر عدد المرات التي صفحت فيها عن ديفي و كم مرة قبلت وعادت اليه بعد توسلاته و وعوده الا يتكرر ذلك.
-"لقد عميت عن عينيه الزائغة حتى السنتان الأولى من زواجنا . لكن ما قالوه عن ان الجهل نعمة كان صحيحا فعندما اكتشفت ذلك ..اصابني الأعياء الشديد جسديا عندما وقعت فريسة لأكاذيبه ازداد الأمر سوءا ولكنني مكثت معه وانا مؤمنة ان كل شئ سيتحسن و ان الحال سيتغير في يوم ما , فقد كنت بحاجة ماسة لأن أصدقه و ان اثق به حتى انني تقبلت أي شئ يذكره لي ايا كان مدى سخافة هذا الأمر, المشكلة كانت تكمن في انه كلما سامحته كلما قل احترامي لنفسي و كبريائي و اصبحت مقتنعة تماما ان هذا خطأي , فبدا لي ان هناك شئ ينقصني ما دام كان يشعر بالحاجة بالسعي وراء امرأة اخرى"
-"تعلمين ان هذا ليس صحيحا , اليس كذلك ؟" كان صوت تانر رقيقا ومهتما
-"لم يكن هناك أي طلاق في عائلتي , فقد تزوج والدي منذ اربعون عاما وكل اخواتي ينعمون بزواج سعيد وانا اعتقد ان هذا هو احد الأسباب التي دفعتني لأن احاول ان اتمسك به كل هذا الوقت فلم اكن اعلم كيف اترك كل ذلك , لقد احسست بالمهانة عندما علمت بامر اخر علاقة و لكنني مكثت مكاني لفترة وانا اعتقد ان ديفي سيتغير انه يوما ما سيحدث شئ سحري ونقوم بحل كل مشاكلنا او انها ستختفي ولكنها لم تختفي , فذات يوم ولا أعلم حتى الآن ما الذي بدأ كل ذلك كل ما كنت اعلمه انني لن استطيع ان اصمد في ذلك الزواج اكثر من ذلك فقمت بحزم حقائبي واشيائي وكذلك مستلزمات كريستن وخرجت و لم اعد ابدا و لم اتمنى ان اعود"
امتدت يد تانر لتبحث عن يدها و التقت انامله بدفء حول يدها ومرت لحظات قبل ان يتحدث وعندما بدأ الكلام كان صوته حازما يشوبه قليل من الألم .....قال:
- " كنت اعتقد ان كارمن افضل امرأة في الوجود واعتقد انني وقعت في غرامها قبل ان اعرف حتى اسمها بمحض الصدفه, تقابلنا عدة سنوات بعد التخرج وعندما بدأت في صنع و بناء مستقبلي , قمت بشراء اول شركاتي لصناعة النوافذ المصنوعة من الالمنيوم في غرب فرجينا و كنت اعمل ليل نهار خلال الاسابيع الاولى الانتقاليه و كنت في مستوى رفيع , صبي صغير من البلدة يحقق شيئا و كانت هي اشهر الفتيات على الأطلاق في الجامعه والتواعد معها كان حلما وكانت قد انفصلت عن شاب قد ارتبطت به لمده سنتان.
اشاح بوجهه بعيدا عن جوانا ثم اكمل :
- " لم اتمكن من السيطرة على أي شئ بعد شهرين واعلنت كارمن انها كانت حامل , وبصراحه كنت سعيد بذلك فلم يكن هناك ادنى شك في انني سأتزوجها في ذلك الحين كنت قد وقعت في غرامها بالفعل ولم اتمكن من الرؤيه الصحيحه وبعد مرور ثمان شهور على زفافنا رزقنا بنيكول
ترددت تانر وكانما يحاول جمع شتات فكره وقال :
- هناك بعض النساء الاتي خلقن ليصبحن امهات ولكن ليس كارمن فهي لم ترغب في ان تأخذ نيكول  لم ترغب في ان يكون هناك لي صلة بينهما و بين نيكول كنت عندما اعود ليلا الى البيت اجد كارمن قد اهملت نيكول طوال اليوم كنت اختلق الاعذار لها وتعلقت كل كل شئ و الخوف الذي اراه في عيني نيكول كلما تواجدت والدتها وازداد الامر سوءا حتى ذهبت بنيكول الى والدي حتى اطمئن انها تلقى رعاية جيده هناك "
تألمت جوانا لالم تانر الذي بدا واضحا في عينيه وكانت متيقنه انه لم يتحدث عن زواجه كثيرا كما كان الحال معها ولكنه كان شيئا ضروريا اذا كانا في حاجة لتفهم بعضهما قال في اسى:

- " لاكون عادلا , لم اكن زوجا في الشهور الاولى , فلم يكن لدي الوقت الكافي كنت احس بنجاح كبير عندما تقابلنا ولكن لم يستمر ذلك طويلا , بدات الامر تزداد سوءا , نعم علمت انها كانت تقابل صديقها القديم سام ديلي في حين كنت احاول ان اتمسك بزواجي بها"
- " آه تانر " همست جوانا
- نيكول ابنتي ليس هناك ادنى شك في و لكن كارمن لم ترغب ابدا في انجاب اطفال و شعرت انها قد حوصرت في الزواج و انفصلنا عندما كانت نيكول اقل من ثلاثه سنين"
- " اعتقد ذلك , قلت ان الطلاق تم منذ خمس سنوات فقط؟"
- " صحيح ولكن الامر قد استغرق بضع سنين لكارمن حتى تأخذ وتتعرف على الشكل القانوني و لم اكن في عجلة من امري حيث انني لم تساورني النيه في الزواج ثانيه"
- " و منذ ذلك الوقت ماذا حدث لكارمن هل تزوجت ثانيه؟"
- ظلت تعيش مع سام لبضع سنوات و اخر ما سمعته انهما افترقا وانها تزوجت من لاعب بيسبول محترف"
- " هل تشاهد نيكول والدتها ؟"
تذكرت جوانا انه قد ذكر لها ان نيكول ترى والدتها عندما يكون الوقت مناسبا فـأجاب تانر:
" لم ترها في الثلاث سنوات الأخيره ولكن ما يقلقني ان تظهر كارمن فجأة يوما ما وتطالب بنيكول لتعيش معها , ان نيكول لاتذكر شيئا عن هذه السنين الأولى وهذا اشكر له الله ويبدو انها قد رسمت صورة ورديه لوالدتها فهي دائما تحتفظ بصورة لكارمن في غرفة نومها "
حاول تانر تغيير مجرى الحديث فسأل:
- " كم الساعة الان ؟"
- " لقد تجاوزت الساعه الثامنه بخمس دقائق"
- " آه يا الهي !"
امسكت جوانا بحقيبة يدها وهرولت لتدفع حسابها ولكن تانر صمم على ان يدفع لها حسابها ولم ترغب جوانا في تضييع الوقت فقد كانت الفتاتان في انتظارهما
اتجها نعو السيارات وكانا قد وضعاها بجانب بعضهما 
" جوانا !"  نادى عليها قائلا:
" سوف انتظر بضع دقائق حتى لانصل في نفس الوقت , وحتى لايظنا الفتاتان اننا كنا سويا "
اشرقت جوانا بابتسامه شكر وقالت :

"فكرة طيبه " ويقول
" جوانا! "
نظرت اليه في حيره وهو يقترب منها ويقول لا تسيئي فهم هذا "
امتدت يده لتجذبها ناحيته واحتضنها للحظات وقال :
" انني اشعر بالاسف لما فعله بك ديفي يبدو ان الرجل احمق "
في حنان شديد مرر شفتيه فوق جبهتها ثم استدار وذهب جهه سيارته واستغرقت جوانا دقائق للافاقه حتى تمكنت اخيرا من دخول سيارتها وقيادتها.

تؤام الروح - دابي ماكمبرWhere stories live. Discover now