حياةٌ مُثمرة

402 34 18
                                    


الفصل الأول

________________________

اليوم الأول من السنةِ الجديدة ، كعادةِ كل سنة يكونُ هذا اليوم مليئاً بالشغف ، الأمل ، الحُب ، الشعورُ بأن الحياة يُمكن أن تصبح أجمل ..

أصحوُ في مثلِ هذا اليوم من الصباحِ الباكر ، أطبعُ قبلةً على جبينِ فجر النائمةٍ بجانبي في سكينة .

أقوم بإيقاضها بحبٌ رغم تذمرها من الإستيقاظ في مثلِ هذا الوقت .

بدايةٌ كل سنة جديدة أصطحبُ زوجتي فجر وابنتي الوحيدة ياقوت إلى مزرعة أبي المتوفي ، أقومُ بأخذ صورٍ لهن ، أنا أجيد التصوير بحكم عملي كمصور فوتوغرافي .

أحب أن أجعل لنا ذكرى فريدة كُل بداية سنه ، ولا يوجدُ أجمل من الصور لصنعِ الذكريات .

-" أبي ، ساعدني في اختيار فُستان جميل لهذه السنة أرجوك " قالت ياقوت الصغيرة البالغة من العمر ٥ سنوات .

-" لقد اشتريتُ مؤخراً فستانين ، واحدٌ لكِ والآخر لماما ، أنهما بنفس الشكل ، سوف تُحبينه كثيراً "

عانقتني ياقوت بفرحةٍ طفولية .

خرجنا من المنزلِ ولم يكُن في الخارج سوايَ أنا و فجر و ياقوت والعصافيرُ المغردة .

صعدنا إلى السيارةَِ وتبادلنا أطراف الحديث كأي أسرة صغيرة سعيدة ، مبنية على الُحب ، الكثيرُ من الحب .

- في المزرعة ..

الجو بارِد ومنظرُ المزرعةِ في هذا الجو يُعادل بالنسبةِ لي جمال أوروبا بأكملِها ،
ولدتُ في هذا المكان وأنا دائم الزيارة له

التقطنا صوراً كثيرة ، صوراً منفردة لكل واحد وصوراً جماعيةً لنا الثلاثة ، أهديتُ فجر يومها اسوارة كُتب عليها اسمي ثابت واسمها بجانبه ، فرحت بها كثيراً وعانقتني قائلة " أتمنى تكرار هذا اليوم ملايين المرات ، ملايين السنين وفي كُل سنة أكون معك ".

قضينا بقية اليوم في منزلِ المزرعة ، تناولنا الغداء وقررتُ أنه الوقتُ المناسب كي أُخبر فجر عن موضوع سفري لأمريكا .

-" فجر حبيبتي ، أنا أرى أن هذا وقتٌ مناسب كي أخبركِ بشيء أظنه سيسعدكِ كثيراً "

-" حسناً هيا قُل ماهو ؟ " ردت بحماسة .

-" ماهو بابا ؟ " أردفت ياقوت .

-" سوف أسافر بعد يومين إلى أمريكا ، هُناك سيزدهرُ عملي وسوف نعيشٌ برفاهيةٍ أكثر وسيزيدُ دخل الأسرة ، سوف أزوركِ أنتِ وياقوتتي كل شهر ، وبالطبع سأرسل لكِ المال في الوقت الذي تحتاجينه "

-" ولكن ما هذا الذي تقوله ثابت ؟ أظننت حقاً أن هذا الخبر يسعدني ؟ او حتى يسعد ابنتك ؟
وهل نكونُ سعداء برحيلك عنَّا ؟ " قالت فجر ودموعها تكادُ تهبط من عينيها .

-" اهدأي حبيبتي ، أنتِ وياقوت تُحبانني كثيراً صحيح ؟
اذاً ألا يُسعدكما أن أكونَ شخصاً ناجحاً أكثر ؟
صدقيني لن أنقطع عنكما أبداً ، أنتما الاثنتان كُل ما أملك "

-" هيا فلنعد إلى المنزل ، سنكمل حديثنا عن الموضوع لاحقاً " قالت فجر وهي تنهض عن الطاولة .

- في المنزل وفي مساءِ نفس اليوم ..

كانت فجر عنيدةً جداً حول فكرة اقتناعها بسفري وأن أعيش بعيداً عنها ، من ناحية هي مُحقه ربما نشتاقُ لبعضنا كثيراً ، ولكن سفري سيكونُ من مصلحة الأسرة جميعها ، بعد الكثيرِ من الدموعِ المنسكبة والتذمر المستمر .. وافقت فجر على فكرة ذهابي وموعدِ سفري بعد يومين بالضبط .

- موعد السفر وفي المطار ..

تقف صغيرتي ياقوت برفقة أمها من بعيد تلوحان لي والدموعُ لا تُفارقهما بعدما سمعنا صوتاً يُعلن وصول الطائرة التي ستُقلني إلى وجهتي .

كانت فجر تشيرُ إلى جيب معطفي ، تسائلتُ ماذا تقصد ، أدخلتُ يدي في جيبي لأعثر على ورقةٍ مطويه بها رسالة تقول :" أُحبك حتى وإن تغيرت ظروفنا ، حتى إن كُنت بعيداً عني ، أحبك اليوم وغداً وكل يوم ، وأعدك أن تجدني بانتظارك حين تعود وكُلي شوقٌ لرؤيتك ... زوجتك وحبيبتك فجر ".

___________________

نهاية الفصل الأول

نصفُ شجرةٍ | Half a tree حيث تعيش القصص. اكتشف الآن