الغصن الأول

211 32 2
                                    

الفصل الثاني

_____________________

وصلتُ وجهتي المُحددة ، سوف أبدأ اليوم حياة جديدة ولأول مرة أكون بعيداً عن أسرتي ، الفكرة مخيفة جداً ولكنني أفعلُ أي شيء كي أوفر مستقبلاً أفضل لزوجتي وابنتي .

الحياة هُنا مختلفة ، العادات والتقاليد واللغة وحتى وجوه الناس مختلفة ، أنا شخصٌ عربي بين آلاف الأجانب ، اختلف عنهم كاختلاف الليل عن النهار .

لن أتكلم مطولاً عن حياتي في أمريكا ولا عن ما كُنت أفعله فكل هذه التفاصيل الثانوية قد تكونُ مزعجة .

سأحكي فقط ماهو مهم في قصتي ، مثل أنني استيقضت ذات نهار من النوم وأنا أشعر بألم في يدي اليمنى ، تجاهلت الألم وخرجت لأقابل الأشخاصَ الذين أعمل معهم .

حينَ عودتي في المساء شعرتُ بالألم يزدادُ حدة ، لم استطع تجاهله هذه المرة ، بحثتُ في الإنترنت عن الأسباب ولكن الأسباب كثيرة .

أخذت دواءً مُسكناً وعُدت إلى النوم .

- في اليومِ التالي ..

كُنت أراسل فجر زوجتي لأطمئن عن حالها وحال ياقوت ، أخبرتني أنهما بخير وأنها في منزل والديها ، أخبرتها بإنني أنجح والحمدُ لله وسوف أرسل لها المال قريباً ، قالت لي أنها اشتاقت لرؤيتي جداً وأنها الآن تتمنى أن أعود أليها أكثر من حاجتها للمال .

صُدمت حين علمتُ أنني لن أستطيع السفر هذا الشهر وأن الإجازات في العمل ستكون سنويه !

لقد وعدتُ فجر أن ازورها كل شهر ولكنني الآن مضظر أن أخلف بوعدي ، لم يكُن بوسعي سوى إخبارها بالحقيقة كي لا تتعلق بأمل عودتي نهاية الشهر .

كما توقعت لقد استائت فجر كثيراً وقالت أنها نادمة لسماحها لي بالسفر ، حاولت أن أطمئنها بإننا سنبقى على تواصل هاتفياً لكن بالطبع لم تقتنع فالهاتف لا يُمكن أن يحل محل اللقاء الواقعي المليئ بالمشاعر .

ظللت حزيناً أفكر ب فجر و ياقوت التي كُلما تحدثتُ إليها يزداد شوقي لرؤيتها أكثر ولحضنها الطفولي الذي لطالما أشعرني بدفء الأبوة .

بعد مرور أسبوع من التخبط بين العمل الكثير وألمِ الفراق ، عاد ذاك الألم في يدي يُباغتني من جديد .. هذه المرة هو أقوى ، لم أستطع التحمل وعدتُ لآخذ العقاقير المُسكنة وقررت أن عليَّ أخذ إجازه غداً من العمل وأن أزورَ الطبيب .

- صباح اليوم التالي ..

استيقضت واتصلت لشريكي الأجنبي في العمل أُخبره أن يعتذر نيابةً عني لعدم قدرتي على الحظور اليوم بسبب ذهابي للطبيب ، وافق وشكرته ثم أغلقتُ الخط .

ما هي إلا دقائق حتى عاد الألم يخترق أصبعي السبابة ، نظرتُ إليها ورأيتُ نتوئاً يخرجُ منها غريبُ الشكل ، فزعتُ لرؤيته وبقيتُ أتحسسه إنه قاسٍ ومنظره بشع .

كُنت خائفاً حقاً وما زاد من خوفي هيَ وحدتي وعدم وجود عائلتي بجانبي .

فكرتُ بالاتصال ل فجر أخبرها عن الأمر لكنني تراجعت رغبةً مني بعدم إثارة قلقها كي لا يزدادَ الأمر سوءً .

قاومت الألم وذهبتُ للطبيب لأحجزَ موعداً وقال لي الموظف أن الموعد الوحيد المتوفر هو بعد يومين من الآن .

قررتُ الصبر والأنتظار ، كان بوسعي أن أذهب لطبيب آخر ولكن بصراحة خفتُ من فكرة مواجهة الموضوع وأنه يوجد احتمال أنني مُصابٌ بمرضٍ خطير .

تحدثتُ يومها إلى فجر و ياقوت ولم أُخبرهما بأي شيء ، فضَّلت أن أخفي خوفي بداخلي ولم أكن أعلم أنني سأفعل ذلك كثيراً بعدَ اليوم .

______________________

نهاية الفصل الثاني

نصفُ شجرةٍ | Half a tree Donde viven las historias. Descúbrelo ahora