صريع حرب

59 8 10
                                    

كان واقفاً بشموخ وسط الناس يراقبهم ببرود سيطر عليه و بجانبه مايا ، وقعت رماديتاه عليها و هي تدخل بجوار ليلي و معاها أيهم و ملامح البرود تسللت لملامحها الشرقية ، إقترب مٍنه أيهم بمفرده بعدما تركها مع ليلي و إحتضنه قائلاً بود : مُبارك لك يا إلياس .
رد عليه إلياس بإقتضاب : شكراً يا أيهم .
جاء قيس بهندامه الرمادي الذي أضاف له كبرياء و إحتضن أيهم قائلاً بمرح : كيف حالك أيهم ؟ إشتقت لك يا رجل.
رد عليه أيهم بمرح مثل مرحه : إشتقت لك أيضاً  ، ألا تنوي أن تكمل نصف دينك  يا رجل ؟
نظر قيس إلي ليلي الواقفة بجانب وتين و قال بهدوء : سأكمله قريباً يا أيهم ، قريباً جداً .
رد عليه أيهم ضاحكاً : كان الله في عون تلك الفتاة .
قال قيس مُداعياً البرأه : لا تقلق عليها يا أيهم ، أنا بريء للغاية .
إردف أيهم مُداعباً : بريء جداً

شعرت بنار داخلها و هي تطالعه و هو يقف مع مايا و يتحدث معاها بعيون مغرورقة بالدموع ، لاحت إلي ذاكرتها يوم خطبتهم ، عندما كان يداعبها كما يفعل مع مايا الأن ، طالعت خاتم الخِطبة الملتف حول بُنصرها لتشعر أنها تخون أيهم ، نظرت لها ليلي بحزن دفين و قالت لها : وتين لماذا لا نخرج إلي الخارج قليلاً ؟
نظرت لها وتين بجزع و قالت : تشفقين عليّ أليس كذلك ؟
كادت ليلي أن ترد عليها لولا مُقاطعة وتين لها قائلاً : أبقي هُنَا ، لن أتأخر .

وقفت وتين في منتصف الحديقة بهدوء لتبدأ عينيها في ذرف الدموع بشدة ، شعرت بخطوات ورأها لتستدير و تجده واقفاً ورأها و واضع يديه في جيب بنطاله و يُطالعها بصمت .
مسحت وتين عينيها بسرعة و كادت أن تتكلم فبتر إلياس كلامها قائلاً : تشعرين بنار بداخلكِ أليس كذلك ؟ هذا ما شعرت بِه عِندما طعنتيني يا وتين ، ماذا فعلت لكِ ؟
قالت وتين بصوت متحشرج : آسفة ، سامحني ، لقد ندمت علي ما حدث يا إلياس ، فقط إستمع لي أرجوك ، إن كُرهك ليّ يقتلني أكثر من كونك لست ليّ ، كُن لغيري يا إلياس لكن لا تكرهني .
حدجها إلياس بحدة شديدة و قال لها بشدة و يمسكها من مرفقها : أأنتِ علي دراية يا وتين أن الهُيام هو جنون من شِدة العشق ، كنت أُمسي في هيامكِ فأصبحت علي طعنكِ لي في قلبي ، فما بت قادراً علي كرهكِ مِن شدة عشقي لكِ
بدأت وتين في البكاء بصمت دون أن تعقب علي كلامه ، تركها إلياس و إتجه إلي الداخل دون أن ينظر لها .
****************
كانت ليلي واقفة بيدها لاڤاندر تُطالع غروب الشمس مِن جسر الفنون ، شعرت بوقوف شخص ما بجانبها لتنظر بتعجب .
نظر لها قيس مُبتسماً و قال بهدوء : مرحباً يا من تسببتي في جنوني .
إبتسمت ليلي بهدوء و قالت : مرحباً يا مجنون ليلي .
هيمن الصمت بينهم لبعض الوقت حتي قطعه قيس قائلاً : لقد علمت ما حدث .
نظرت له ليلي بإستفهام ، ليكمل موضحاً : علمت لماذا طعنت وتين إلياس ، لماذا فعلت هذا ؟ إنه تصرف متهور بشدة ، كيف لإلياس أن يقتل يا ليلي ؟!
تنهدت ليلي قائلة بحزن : لقد تدمرت ليلي بموت أخيها ليث ، لقد كانت مُتعلقة بِه بِشدة .
رد عليها قيس قائلاً : أتفهم هذا ، لكن كيف لها أن تطعنه هكذا ، و في يوم زفافهم .
نظرت له ليلي بهدوء قبل أن تُعقب علي كلامه : عندما مات ليث أُصيبت وتين بالإكتئاب و دخلت المصحة و مكثت فيها لفترة مِن الزمن ، كانت أسوأ فترة مرت عليها و عليّ و علينا جميعاً ، ليث لم يكن أخاً لها فقط بل كان صديقها الوحيد ، مرت وتين بكثير من الأشياء و كان ليث معاها ، أختارت العمل كقائد طائرة مثله و عملت معه لفترة ، حتي ذهب هو إلي نيويورك في رحلة دونها ، كانت مريضة في ذلك الوقت بشدة ، عِندما وصل لنا خبر موته ، بقيت وتين في المشفي دون أي رد فِعل ، حتي بعدما تم دفنه إستوعبت وتين ما حدث و إنهارت ، و عندما علمت أن إلياس هو القاتل لم تُبدي أي رد فِعل ، لقد تألمت كثيراً يا قيس ، و دخلت المصحة مرة أخري عندما علمت أنه ليس القاتل .
تنهد قيس قائلاً : لا أعلم ماذا أقول ، لكن......
قاطعته ليلي قائلة بصوت متحشرج: ليس عليك أن تقول شئ ، فقد أطلب من إلياس أن يذهب ، قل له أن يتوقف عن تدميرها ، يكفي ما تعرضت له .
طالعها قيس بحزن و قال : سأحاول .
******************
كانت وتين جالسة تتطالع المارة من زجاج المقهي ، دخل قيس و جلس أمامها بهدوء و قال : مرحباً وتين .
ردت عليه وتين بتعجب قائلة : مرحباً قيس ، ماذا تفعل هُنَا ؟
تنهد قيس قائلاً بهدوء : أُريد التحدث معكِ في شئ .
قالت وتين بتساؤل : ماذا هُنَاك ؟
رد عليها قيس مُسرعاً : أنا أُحب ليلي .
تطلعت له وتين بصدمة قائلة : ماذا ؟ منذ متي ؟
قال قيس بصوت منخفض : منذ أن رأيتها ، كُنت سأعترف لها بعد زفافكِ مِن إلياس .
شحبت وتين مِن تذكر ما حدث فإستوعب قيس ما قاله فأسرع في القول : أريد أن أعترف لها لكن لا أعلم إذا كانت ستقبل بي أم لا ؟
نظرت له وتين بهدوء و قالت : ولماذا لا تقبل ؟ أبسبب ما حدث ؟ قيس أنا أتمني و بشدة سعادة ليلي ، و إذا كانت سعادتها معك فأنا لن أكون عائق بينكما .
طالعها قيس بإبتسامة كبيرة قائلاً : حقاً يا وتين .
نظرت له وتين بإبتسامة قائلة : حقاً يا قيس .
بعد بُرهة مِن الصمت قال قيس بتساؤل : أتظنين أنها ستقبل بي ؟ أعني أستحبني أم لا ؟ أتحدثت عني معكِ مِن قبل ؟
حدجته وتين ضاحكة و قالت : بمجرد أن تعترف لها يا قيس ستقول لك زوجتك نفسي .
ضحك قيس بصوته الرجولي ثم أجابها : أتمني هذا حقاً ، أشكركِ يا وتين حقاً .
قالت وتين بمرح : لا شُكر علي واجب ، أخبرني متي ستعترف لها ؟ و أين ؟
صمت قيس لبُرهة ثم قال : لا أعلم .
نظرت له وتين بهدوء ثم إنفجرت ضاحكة عليه ، نظر لها قيس قائلاً : لا أعلم حقاً .
قالت وتين بإبتسامة : لما لا تعترف لها في بروفانس الفرنسية .
نظر لها قيس ثم قال معها في نفس اللحظة : في حقول اللاڤاندر .
أكمل قيس بحماس : اللعنه سيكون هذا رائع ، لكن كيف ستأتي هي إي هُنَاك .
قالت وتين بهدوء : فقط كُن أنت مُستعد و سأفعلها تأتي إليك بقدميها .
طالعها قيس مُبتسماً و تسلل التشوق له مِما ستفعله وتين .
*****************
كان مُستلقياً علي العُشب يطالع ضوء القمر وخرير الماء مُهيمن علي صمت المكان .
وصل صوت قيس له و هو يقول : كنت مُتأكد أنك هُنَا .
نهض إلياس من علي الأرض فجاء قيس و جلس إلي جانبه .
إسترسل قيس في الحديث قائلاً : أُريد إخبارك بشئ .
طالعه إلياس بهدوء قائلاً : ماذا هُنَاك ؟
صمت قيس لبُرهة ثم قال : أنا أُحب ليلي.
رمقه إلياس بهدوء دون أن يُعقب علي كلامه ثم قال بعد دقيقة : أتظن بأني لم أكن أعلم ؟ لقد شعرت بذلك يا قيس من نظراتك لها .
قال قيس مُسرعاً : لقد كُنت أُحبها منذ زمن ، قبل زفافك أنت و وتين و.......
قاطعه إلياس قائلاً : لا يهم متي أحببتها ، أنا سعيد لك يا قيس حقاً .
نظر له قيس لبُرهة ثم قال : هُنَاك شيء اخر ؟
طالعه إلياس بهدوء و رد عليه مُمازحاً : ماذا ، أتجوزتها يا رجل ؟
ضحك قيس قائلاً : لا ، إنه بخصوص وتين .
مُحيت الإبتسامة مِن وجه إلياس ثم قال له بجمود : ماذا هناك ؟
قص قيس ما قلته ليلي له عن موت ليث و أعتقادها بأنه القاتل ، صمت قيس بعدما إنتهي من إخباره ما حدث ، نظر له قيس ليستبين رد فِعله ليطالعه إلياس ببرود ثم إسترسل يقول ضاحكاً : قاتل ، أنا ، إعتقدت أني قاتل أخيها ، تلك الحمقاء المتهورة .
توقف إلياس عن الضحك فجأة ثم قال بهدوء : لقد سئمت يا قيس ، لقب تعبت حقاً ، هُنَاك حرب داخلي ، عندما رأيتها تبكي يوم خطبتي أردت أن أحتضنها بشدة ، و عندما أتذكر ما فعلته أرغب في الإنتقام مِنها ، هُنَاك حرب بين قلبي و عقلي و وقعت أنا صريع تلك الحرب ، أأتركها تذهب لغيري أم أنتقم مِنها ، لقد قالت لي أن كرهي لها يقتلها ، إنها تظن أني أكرهها ، قل لي يا قيس ماذا أفعل ؟ .
طالعه قيس بحزن ثم قال له : عُد إلي فلسطين يا إلياس .
قال إلياس و هو يُطالع السماء : و بعد أن أذهب ، ماذا سأفعل ؟
أجابه قيس بنفس نبرته الحزينة : مثلما كنت تفعل يا إلياس .
رد عليه إلياس بسخرية : أتظن أني سأستطيع العيش كالسابق .
صمت قيس عاجزاً عن الرد عليه ليقول إلياس بعدها : سأعود إلي فلسطين بعد زواجك مِن ليلي ، و لن أتي إلي هُنَا مجدداً .
*****************
مرحباً أيها الأولاد التائهين 👋🏻🖤🙈
رأيكم 🖤🙊
19/2/2018🖤💃🙈

الندم | Regret |Where stories live. Discover now