الفصل السادس والعشرون

10.6K 248 23
                                    

انقبضت يدا آنجيليكا على مفرش سريرها وتنفست بصعوبة وهي حاول التحرر من قبضة كابوسها... تتلفت حولها في الظلام الدامس... تسمع أنفاسها تتردد بصدى أثار خوفها أكثر... حاولت البحث عن مخرج... عن بقعة ضوء... رددت دعاء خافتًا وهي تتقدم بخطوات مرتجفة... خطوات سريعة ترددت خلفها... خطوات لشخص... لا... ربما اثنان... تلفتت حولها برعب وصوت الخطوات يرتفع ويتشوش بعقلها فلم تعرف عدد مطارديها بينما تطلق ساقيها للريح... لا تعرف من يطاردها... ربما هم... أو هو... تعثرت فجأة وشعرت بدائرة حصارهم تضيق حولها... نادت بخوف

"أبي... أمي... أين أنتما؟"

شهقت متراجعة وهي ترى قاتل والديها يحدق فيها بوجه الشيطاني وأتباعه أحاطوها في انتظار أوامره... هي أوقعت نفسها في فخهم... لماذا اقتربت من النار بإرادتها؟... سالت دموعها وهي تزحف محاولة الابتعاد... نهضت تحاول الهرب ليوقفها خيال آخر قطع طريقها تعرفت فيه وجه ألفريدو... هل عاد ليكمل اعتدائه عليها؟... تلفتت حولها بحثًا عن مهرب فلم تجد... صرخت مندفعة نحوه لتدفعه بكل قوتها وتتجاوزه منطلقة بكل ما تملك من طاقة... أنفاسها تتسارع ودموعها لا تتوقف... عادت تتعثر لكن هذه المرة لم تسقط أرضا... جسدٌ قوي استقبل جسدها لتسقط أمامه على ركبتيها وكفاها متشبثان بثيابه... رفعت عينيها تنظر لوجهه الغارق في الظلام يطل عليها... لم تر ملامحه لكنّ شعوراً غريبًا بالأمان تملكها وهي تنظر إليه... لم تر نظراته لكنها شعرت بقسوتها وهو يرميها تجاه تلك الشياطين... التفتت لتجدهم يتراجعون بخشية حتى اختفوا في الظلام وسمعت صوته يهمس باهتمام

"أنتِ بخير؟"

رفعت عينيها بوجل وقلبها يخفق بقوة... إنه هو... منقذها المجهول... إنه صوته... طافت عيناها على جسده وحاولت اختراق الظلام لترى نظراته التي تشعر بها تنف إلى روحها... ارتجفت وهي تشعر بنفسها مقيدةً إليه بسحر أسود... ما زالت راكعة أمامه بضعف غريب... ضعف لا تريده... ورغم رفضها له لا تستطيع النهوض ولا التحرر من حصاره... من قيد عينيه اللتين لا تراهما... شهقت عندما انحنى ليقبض على عضديها وارتجف جسدها بقوة مع لمسته التي أحرقتها بنارٍ غير مرئية... خوف غريب تملك قلبها بينما يرفعها عن الأرض لتجد نفسها فجأة ملتصقة بصدره تسمع نبضات قلبه الصاخبة... سمعته يهمس في أذنها

"ملاكي"

نبض قلبها بعنف ودوامة عنيفة تسحبها إليه... لم تشعر به وهو يجذبها من يدها لتسير خلفه كالمسحورة... صوت مليء بالقلق ناداها لتتوقف وتنظر خلفها وتهمس بوجل

"أبي"

سمعته يردد

"توقفي عندك... هذا خطر... لا تواصلي الطريق"

حاولت سحب يدها منه لكنّ قبضته اشتدت عليها لتلتفت له بخوف... شعرت أنها ترى ملامحه الآن... ملامحه التي تعرفتها روحها فقط... تثير فيها مزيجًا من الخوف والأمان

سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر)  (قيد المراجعة)Where stories live. Discover now