الفصل الثاني والعشرون

11.3K 321 6
                                    

الفصل الثاني والعشرين

طائرة اسعاف خاصة تقف في مطار شرم الشيخ ، وبجوارها تقف شاهي لا تعلم من المصاب .. فقط هاتف أبلغها بسرعة الحضور إلي المطار .. وسيارة خاصة كانت في انتظارها لتقلها إلي هناك بأقصي سرعة .. وقفت لا تعلم ماذا حدث ؟، فقط دقات قلبها المتلاحقة تنبأها بأن القادم لا يبشر بالخير .. انتظرت وعيناها متعلقة بالبوابة .. وبمجرد أن رأت السيارة تأتي منطلقة وبدون وعي رددت أسم حبيبها : وليد ... يارب لا .. مش هو .. مش بعد ما لقيته ، توجعني فيه .
توقفت السيارة أمام الطائرة .. واستعد المسعفون بالنقالة الطبية .. لتشاهد زوجها يحمل بالأيدي ويوضع عليها .. ظلت في مكانها .. غير قادرة علي الحركة او حتي البكاء .. اقتربت منها شمس وقصي معها واحتضنتها وهي تقول ببكاء : حيبقي بخير .. متقلقيش .
نظرت لهما شاهي بعينان جامدتان وقالت كلمة واحدة : لو جري لوليد حاجة .. مش حأسامحكم عمري كله .
ثم صعدت إلي الطائرة بجوار زوجها .. ووقف قصي وشمس في حالة من الدهشة والصدمة ولكن أيضا يستطيعا تفهم مشاعرها وما تمر به الآن ، أحترم قصي مشاعرها ولَم يحاول ان يستقل الطائرة معها ، بل قام بالاتصال بالمدير لحجز طائرة اخري خاصة .. ليذهبا بها إلي القاهرة .. وفِي خلال نصف ساعة كانت شمس وقصي في السماء علي متن الطائرة ، جلست شمس صامتة وهي تبكي .. احداث كثيرة حدثت لها اليوم .. اوجاع وأحزان من الصعب مداواتها .. خطفها .. صدمتها في شريف .. موته .. إصابة وليد الخطيرة .. ثم رد فعل شاهي .. الكثير والكثير الذي من الصعب احتماله مرة واحدة ... وفوق كل هذا شعور بالذنب الشديد واحساسها بانها السبب في كل هذا .. جلست تسترجع كل ما حدث ثم انفجرت باكية .. غير قادرة علي التحمل .. ماذا ستخبر والدتها ووالدة شريف ؟، كيف ستواجه شاهي لو حدث شيء لزوجها ؟، كيف ستكمل حياتها مع هذا الشعور الذي يكبلها بالذنب ويجعلها غير قادرة علي مواجهة الجميع ؟.

حدق بها قصي .. كان يشعر بأوجاعها وبما تمر به... لم يستطع تمالك نفسه ... ان يراها هكذا بدون ان يحاول مواساتها .. اقترب منها وجثا أمامها علي ركبتيه ، وأمسك وجهها بكفيه ورفعه ليواجه عيناها الباكيتان .. لم يحتمل رؤيتها هكذا .. كانت كالطفلة الصغيرة التائهة لا تجد من يحتويها .. نظر في عيناها وقال لها : أهدئ يا شمس .. عشان خاطري .. متعمليش في نفسك كده .
أجابته وهي تكاد تختنق من البكاء : أهدئ ازاي .. انا السبب في كل اللي حصل .. شريف جه هنا بسببي .. عرف الملعونة دي بسببي .. وقع في شرها وجاله الايذر ومات بسببي .. وليد بين الحياة والموت .. وصاحبتي الوحيدة بتكرهني ومش طايقة تشوفني عشان .. كل ده بسببي ، وعايزني أهديء طب ازاي .
بصوت يحمل الكثير من الحب قال : اه تهدئ لأن مش أنتي السبب .. شريف هو اللي اختار يعمل كده في نفسه ، أنتي ما اجبرتهوش ، ووليد كان بيحاول ينقذنا ، والموقف اللي حصلك اصلا كله بسببي ، بيضغطوا عليا بيكي عشان أتنازل عن الأرض ليهم .. اختاروا أهم حد في حياتي عشان يخوفوني بيه .
تأملته شمس من خلف دموعها وقالت : أهم حد في حياتك .
همس لها بحب وقال : اه أهم حد يا شمس .. أنتي ، انا كنت حأموت وأنتي بعيدة عني .. مكنتش قادر أتخيل لثانية واحدة ان ممكن يجرالك حاجة ، مكانش قدامي حاجة غير أني الاقيكي .. مكنتش حأقبل أي حل تاني ، أنا بحبك يا شمس ، وده مش نتيجة موقف ولا رد فعل للضغط اللي كنّا فيه .. أنا حبيتك من قبل ما اشوفك .. حبيتك من اول ما شفتك في الحلم ، ومش ناوي أسيبك او ابعد عنك مهما حصل .
كانت شمس تنظر له في دهشة وتستمع لكلماته .. وهي لا تعلم هل يحق لها أن تشعر بالسعادة الأن ؟، أم أنها ستكون مذنبة !.
لم ينتظر قصي أجابتها أو حتي ترك لها المجال للتفكير .. بل جذبها إلي صدره واحتضنها بقوة ، كما لو كان يفرض سيطرته عليها ويقول : أنتي ملكي .
أما هي فلم تكن لديها القدرة حتي علي الاعتراض .. كانت شاردة .. حزينة .. لم تعي سوي وهي تتشبث به وتطلق العنان لنفسها في البكاء ، ولا تريد الابتعاد عنه  .

شمس في قلبين / بقلم مروة نصار Donde viven las historias. Descúbrelo ahora