أَلفَـصـلُ أَلـرَابــِعْ

1.2K 84 4
                                    

ارتدت ماريا ثوباً احمر قصير ذا اكمام مخرمة ناعمه واسدلت شعرها الاسود نظراً لاستغراقها وقتاً طويلاً في عمل الايلاينر ووضع الماسكارا، كان ذلك جزئها المفضل. وبينما هي تقوم بذلك فكرت في نفسها، ياترى...اذا رأها بلو هل كان سيقول بأنها تبدو جميله؟
لكن بحق الجحيم لم كانت لتهتم؟...
ربما لان عينيه الزرقاوتين كانت لتعبر عن ما سيراه...
وصل زاك بعد دقائق معدوده ليرحب بضيفه بحرارة ويتبادل معه العناق والمصافحه، كانت ماريا تسمع جميع ما يقولون من غرفتها ولم يسعها سوى ان تلاحظ مدى هدوء بلو واتزانه، ربما لانه كان متعباً من عناء السفر او لانه كان ذا شخصية مثاليه...
بينما اخذت تلبس قرطها اللؤلؤي سمعت طرقاً على باب غرفتها المفتوح اساساً لذا لم تلتفت لترى من، بل نظرت الى المرأة لتشاهد انعكاس والدها فيها وهو يبتسم وينظر الى ما اصبحت عليه...
* تبدين بغاية الجمال عزيزتي.* قال لها وهو يسير نحوها ليحتضنها ويرحب بعودتها فلقد مضت اشهر منذ ان رأها فيها.
* سعيدة برؤيتك ابي* قالت له وهي تربت على ظهره بلطف فأجاب * وانا كذلك يا كعكتي، اتراكِ انتهيتي؟ ستفقد والدتك صوابها في اي لحظة ان لم نتحرك خلال دقائق*
* بل انتهيت* اجابت وهي ترتدي فردة حذائها الثانيه وتقف امامه بكامل اناقتها * هلا ذهبنا؟*
مدت له يدها ليلتقطها ويسير معها حتى غرفة الجلوس.
* اخيراً!* قالت والدتها وهي تنهض * الجميع مستعد؟*
اجاب الجميع بالأيجاب وانطلقوا الى السيارة ، جلس كل من بلو وزاك في المقعدين الاماميَّن وجولي وماريا في الخلف دون اي مجادله.
كان الطريق الى ساحة البلدة مليء بالمناقشات عن اقتصاد البلدة وما آلت عليه بسبب القس وافعاله وكيف كانت ايام بلو في الجيش والقليل من اخبار ماريا وتوبا هنا وهناك.
لم تهتم ماريا كثيراً في ما كان يتبادل بين والديها وبلو بل ركزت على الجندي وطريقة ابتسامته دون ان ينظر الى اتجاه معين ولألأة عينيه حين عكست اضواء الشارع على زجاج السيارة عند تقاطع الطريق ثم كيف تحولت ملامحه الى الجد حين ناقش والدها مآساة البلدة والاوضاع التي مروا فيها في العامين الماضيين.
بلو...بلو...بلو...
قالت في نفسها...
ياله من كائن مختلف...مختلف حقاً...
* في اي سنة ولدت؟* وجدت ماريا نفسها تسأله هذا السؤال دون ان تنتبه، فسكت الجميع وحدق والدها بها في المرأة ووالدتها التفتت لتنظر اليها بينما رفع بلو حاجبيه بتعجب...حسناً لقد كانت صامتةً الطريق بأكمله!
* اه في عام ١٩٨٦...* اجابها بحذر.
لقد كانت شكوكها صحيحه...بلو يكبرها بالكثير...عشر سنوات تحديداً...
بعد ان عاد الصمت ليخيم في الاجواء، تم انقاذهم بعد ان لاحت ساحة البلدة في الافق!
* نحن هنا* قال زاك هو يحاول ان يجد مكاناً ليركن السيارة فيه...* ليترجل الجميع، سأجد مكاناً للسيارة ثم سأقابلكم في الاحتفال* وبالفعل ترجل بلو ومن بعده جولي وماريا التي سارت خلفهما بينما لفت والدتها ذراعها حول ذراع بلو لترافقه وترشده الى الطريق الصحيح.
تأملت المنظر الذي امامها وتمنت لو ان والدها يأتي ليأخذ جولي ويسمح لها هي بالمساعدة وارشاد بلو...
ثم ما لبثت ان هزت رأسها وقطبت حاجبيها...
تبا لماذا قد تريد ذلك؟!
لم تخرج ماريا من سلسة افكارها الشاردة الا بعد ان سمعت هتاف الجميع وكيف التفوا حول بلو حالما وصل الى الساحة وكيف رحبوا به فرداً فرداً، لقد صافحه البعض بينما عانقه البعض الاخر ولاحظت ان اغلب الفتيات والنساء كن يتمسكن بذراعه ويعانقنه كترحيب. * ترحيب دافئ على ما يبدو* همست ماريا في نفسها وهي تتجه الى احدى الزوايا المظلمه التي تطل على بحيرة صغيره وفيها مسطبة للجلوس واطعام الاوز.
كانت الضوضاء عالية للغايه، صوت الموسيقى والحديث والضحك والتصفيق ارسلها في صداع اخذ ينبض في رأسها ويدق كالطبل.
لا تعلم كم من الوقت مضى لكنها شاهدت القمر وهو يغير مكانه ويسير حتى انتقل من امام عينيها الى خلف رإسها وبزفيرها الذي بدإ يصبح اداة مناسبه لتدفئة اصابعها.
لقد بقيت في هذا المكان ما يكفي من الوقت...وقد حان وقت العودة...ارادت ان تعود الى المنزل لترتاح، لتجعل ظهرها يقبل السرير وتدع النوم ينساب اليها، بالطبع لن يفتقدها احد هنا، في الواقع لم يتهم احد لوجودها، حتى ان اهل البلدة بالكاد لاحظوا غيابها لشهرين...
بحثت ماريا عن والدها في الارجاء حتى وجدته يقف برفقة بلو عند احد الطاولات التي احتوت على المشروبات والمقبلات...كان بلو يشع بين الحشد من الناس، ويجذب الانتباه حتى لو لم يرغب المرء في ملاحظته.
اقتربت ببطئ ووضعت يدها على كتف والدها لتجعله ينتبه لها:
* انا راحله*
قالت له * لقد تعبت ، سأعود سيراً او استقل الحافله حسناً؟ هلا اعطيتني المفاتيح؟*
* لكن الوقت لا زال مبكراً* قال زاك فأجابت: * لا استطيع ان افلح في تصديق ان الساعة الحادية عشر هي وقت مبكر...*
* انها كذلك!* اجاب زاك فقالت بمكر * اذن كان يجب ان انام عند الحادية عشر حين كنت صغيره*
ناولها والدها المفاتيح دون ان يقول شيئاً ثم نادت عليه جولي من بعيد وتطلب منه الحظور فما كان له الا ان يستأذن ويترك بلو وماريا معاً.
كان بلو واقفا في مكانه محدقاً في اللاشيء اما ماريا...حسنا كل ما ارادته هو الرحيل...والرحيل هو ما ستفعله...
سارت الفتاة خطوتان مبتعدة عنه حين سمعته يتحدث اليها:
* انسة ماريا...*
توقفت واستدارت لتنظر اليه ، لقد تحدث معها دون ان يتحرك انشاً واحداً:
* اجل؟* اجابت بحذر فأبتسم وقال:
* هلا بقيتي في صحبتي قليلاً؟*
.
.
.
.
يتبع

In the soldier's dark paradise  فْيّ جَـنّةِ أَلجُنْــديّ أَلمُظّلِــمّةWhere stories live. Discover now