6 / 4 / 2019

1.1K 134 78
                                    

كنت قد سهرت يومها، أرتب مكعباتي الملونة على هيئة المدعو " سوبر ماريو " وقد بد مخيفًا بحق، مخيفًا بابتسامته الغريبة تلك ... لكن، لا حل آخر، لم أملك لعبة تسلية سواها، خاصةً بعد أن أتى والدي العزيز بمفك البراغي، وراح يفك القطع الملونة لمكعب روبيك بكل عنف مكتوم آن لم يكن قادرًا على حل أحجيته، ثم نام غاضبًا ووعدني بشراء لعبة جديدة لا تسبب له الحنق، بل وكاد يفتك بي عوضًا عن المكعب، جيد أنه لم يفعل في النهاية.

السابعة صباحًا، لم أنم بعد ... سوبر ماريو يؤرقني ... وضعته جوار الجدار فخورًا به على الرغم من وجلي، لم أكن لأهدمه بعد كل ذاك الجهد، ورحت دون تركيز أحاول بناء شريكة جميلة له.

سمعت طرق الباب، من ذا الذي قد يطرق بابنا عند السابعة؟ من هو على معرفة بالوحش الذي يسكن معي، لن يجرؤ حتمًا على فعلها ... صوت آخر قادم من غرفته، ارتطام ... لا بد وأنه ضرب رأسه، أو لعلها قدمه بينما ينهض، هو سيفتح الباب طبعًا، ليس مسموحًا لي بفعلها.

خرج من غرفته غاضبًا، يشتعل ... وبتعابير عابسة، ومضحكة ناعسة في آن واحد ... شعره الأسود الكثيف مبعثر، بالكاد يفتح عينيه، وبالكاد ارتدى قميصه متناسيًا إغلاق أزراره، رمقني بنظرة ساخطة متوعدة لا علم لي بسببها، وفي الحقيقة معرفة سببها سيبدو غريبًا، لم يسبق له وأن حطمني لسبب منطقي، يفعلها طيلة الوقت لأفكار غريبة في رأسه لا يعلمها إلا الله، وهو ... أفكار لا يصرح بها أحيانًا حتى، إلى الحد الذي كاد يكسر فيه ذراعي لأنه وجد زر قميصي على الأرض متهمًا إياي بالإهمال، يطلب المثالية المطلقة ... والسؤال هنا، لو عثرت على زر القميص قبله، هل كنت سأنجو إن رآه مفقودًا؟ ولو طلبت منه أن يخيطه لي مثلًا، هل كنت سأنجو؟ الإجابة دائمًا " لا " ومزيد من الشكر للقدر الذي جعلني ابنه، السيد كيو ... والدتي العزيزة، بحق الله ... ما الذي كنتِ تفكرين فيه حين بادلتِه نظرة الإعجاب؟ هو وسيم، جدًا ... لكنه لا يصلح، أقسم أنه لا يصلح!

كان يرد على ضيف الباب بصوت هادئ تمامًا، اقتربت لأنصت ...

- " سيد كيو ... هل ما سمعناه من إشاعات عن كونك تستخدم العنف مع ابنك، إشاعات لها الصواب من حياتكما؟ "

هم الشؤون الاجتماعية، للمرة الألف يقفون على بابنا بعد شكاوٍ لا نهاية لها ضده، اختاروا هذا الوقت ظنًا أنهم سيباغتونه لرؤية الحقيقة.

- " اه ... نعم، هو طفل وقح جدًا، لا أسلوب آخر ينفع معه ... ومع ذلك هو يستمتع، كلانا يستمتع "

شكرًا أبي العزيز، صورت لهم علاقتنا بأبهى حلة ... الأب السادي، والابن المازوخي.

- " أنت تعلم أنه ليس أسلوبًا صحيحًا للتربية ... نريد رؤية الفتى، رجاءً "

- " ومن قال أني أحاول تربيته؟ قلت لك، الأمر لا ينفع ... أحاول جعله مثاليًا، فقط ... لا أكثر! أما أخلاقه، لن تُصلح قَط "

زفرت ... تطورت حالي من مجرد استراق سمع إلى الاقتراب أكثر، وركل ساقه بقوة تنبيهًا له، استدار ورمقني بنظرة " حسابك لاحقًا يا ابن الوغد الحقير " والتي ستتطور إلى " بتجيب البهدلة لحالك " ثم رسم ابتسامة ودودة بشكل مريب، وسمح للرجل بالدخول.

لا حاجة للتفكير بحركته القادمة، ما إن دخل ضيفنا ... أطبق السيد كيو أصابعه على القصبة الهوائية للآخر " أنا والده، أنا من يعرف مصلحته هنا! وهو ... ملكيتي فقط، أتفهم؟ لا يفكرنّ أحد منكم يومًا أن له الحق في أخذه، إبعاده عني ... أبدًا! " ثم رماه أرضًا، فهرع الرجل متوعدًا ... سيعود، نعلم أنه سيعود.

- " احزم حقائبك حالًا "
وركل سوبر ماريو بهدوء مخيف ... فهدم مكعباتي.

- " مجددًا ... سنهرب مجددًا "
تمتمت بالكاد متذمرًا.

- " يظنون أنك طفل يستحق الحماية مني، طفل يتلقى عنفًا أسريًا من أب مجنون مختل سادي "

- " أوليست هذه الحقيقة، أبي الوسيم العزيز؟ " واقتربت أغلق أزرار قميصه وأتحداه أن يغضب، هو لا يفعل حين أكون بهذا القرب منه.

صمت قليلًا يفكر، ثم وسّع ابتسامته " بلى صغيري، بلى ... إنها الحقيقة، على أنك لا تستحق تخليصك مني " قربني وعانقني، فلكمته في بطنه وهربت أمد لساني كالأطفال، وأركض مقفلًا باب الغرفة خلفي ... لئلا تبدأ مغامرتنا المعتادة في تحطيم عظامي.

___________________

بطاطس و عسل أسودWhere stories live. Discover now