الخاتمة

278 32 50
                                    

«من ذا الذي قال أن الكتب لا تسأم، تثور، وتنتحر؟ أتدرك أن القراءة هي تخاطر فكري بينك وبين كلمات الورق؟ وحين لا تروقه أفكارك، وتكون ممن يدنو ما دُفن فيه، هو حقًا سيرغب لو أنه يحترق»

آثر ألا يصمت، فتى المكتبة الصامت يثور
-هادئًا- كما حال أفكار كتبه التي لا يقرأ سطورها الممحية إلاه، قارئ سطور فارغة لم يسطرها كاتبها، الجانب الخفي للورق، البُعد الرابع الذي خلقه لغز، وموته لغز آخر.

- «بحقك! أنت وإياي نعلم أن الكتاب احترق سهوًا! خذ هذا المدفوع وأعطني نسخة ثانية!»

- «لا، أنت أزعجت الكتاب، فرمى نفسه في الحريق، لن أمنحك سواه لتقتله»
ثم قلب شعره الداكن ورمى نظرة تحدٍ أبدية للزبون مُهمل الكُتب.

«ماذا لو قلت لك أني بدوري كاتب؟ أنا أقدس الكتب، لذا إياك واتهامي بالإهمال مع كتاب»

«إني الآن على استعداد تام لفتح جمجمتك، تحسس تلافيف عقلك، ووضع أقطاب كهربائية فيها تقيس مقدار شبه الشحنات الكهربائية، والنواقل العصبية مع أي كاتب آخر أخبرناه أن يعدل فكرته إبداعيًا ونقديًا قبل جعل فرساننا يدخلون غيبوبة تنقيحية السبب!»

إن تفحصنا جيب زبوننا المعتد بنفسه، سنجد أنها عبارة عن:
الاسم: كاتب، المهنة: كاتب، وجهات النظر: أنظر للعالم من وجهة نظر كاتب.

المؤلفات: أحببتهو فا أحبني.

صرخ فتى المكتبة الناقد -والذي صرنا الآن نعرف أنه ريدل- طالبًا المعدات اللازمة للتعامل مع كتابات هذا «الكاتب»
- «يا فرسان! خمسمائة وواحد وخمسون فهرنايت رجاءً!»

-لمن لا يعرف، معلومة إضافية، فتلك هي درجة احتراق الورق-

هل سبق وسمعتم بالربو؟ الحساسية التنفسية؟ حسنًا، نعاني منها أحيانًا على الصعيد الأدبي، على نحو مختلف، فالناقد الأدبي والناقد اللغوي -فرسان اللغة الأوفياء- حين يعملون، يتنفسون عبق الكلمات، وإن كانت مغبرة أو مشتعلة ذاتيًا بلغة سيئة  -حمانا الله وحماكم- فلعل المصير هو التحسس، ثم بشكل متطور أكثر، نوع من الغيبوبة التي تأخذك نحو عالم آخر من الرؤيا، بُعد لابشري تعيش فيه الحروف وحدها، وهناك تحارب بسيف أو فأس.

قبل أن يستمع الفرسان ويطبقوا قرار هتلر الثاني -ريدل- ونواياه إشباع الورق حمامًا صيفيًا دافئًا، ساخنًا، حارقًا،قرروا منح النص وكاتبه المهمل فرصة، استُلّْت السيوف من أغمادها وتلاحمت أفقيًا على محور واحد، وشعار أوحد «الفارس للكلمة، والكلمة للفارس!»

تحمسنا وانطلقنا، وفي مدينة حروف الكاتب وعقولنا خلقتها، رحنا نسير، وكل جملة صارت لنا كالأسير، معكم سنعلم، نحررها أم نحرر روحها بعد تطهير بالنيران؟

إنها ساعة تقرير المصير، محرقة الورق، كرسوا قلوبكم يا فرسان!

أولنا، ضوؤنا السماوي لايت، تناست العنوان وحاول قلبها الطيب منح الكاتب أكثر من فرصة، مناسقة خلف رومانسية التصنيف المختار، لكنها وعنترة الغاضب الذي توقفه عبلة عن قطع أوردة كل ما حوله، صادفوا كثيرًا مما هو من طراز:

على قيد أنملةWhere stories live. Discover now