فضيحة آلجوريث

0 0 0
                                    

" جوريث ! "
تعالت صرخات لوريس بالقرية من طريق الغابة وحتى اعلى الجبل، هناك حيث تسكن عائلة التجار. وحينما وصل وجد صديقه ديكلاسيسس يسبقه عند باب البيت، كان ديكلاسيس يحاول إقتحام البيت بالقوة وجوريث يتصدى له بقوه اكبر محاولاً طرده. إنظم لوريس سريعاً الفوضى التي احدثها الإثنان دون تفكير.
" أنت ! ايه الثعلب الماكر الكاذب ! هل قتلته حقاً ! قل لي ! قل لي ايه الخبيث!"
جر جوريث من قميصه وهو يطرق به الجدار ثم توقف عند سؤاله الأخير كي ينتظر الإجابة. وعيناه تلمع من الدمع "قل لي هل قتلته حقاً ايه المجرم !" نظر جوريث في عينيه وظن أنه عديم إحساس للجريمة التي إقترفها، ولأن كل ما كان يشغل تفكيره هو الرجاء بأن يستفيق الأرنب من غيبوبته كي لا يتعرض للتوبيع والعقاب من والده الشديد. لكنه لم يفكر بالأمر بهذه الطريقة لم يفكر إطلاقاً أن ما فعله جريمة. شعر جوريث بأسى شديد تحول سريعاً الى قوة كبيرة  دفع بها الإثنين خارج بيته. لكن غضب لوريس منه كان أكبر وقبل أن ينهال بالهجوم عليه مجدداً إستوقفه ديكلاسيس وأخبره بالحقيقة كي يهدئ. إنقلبت مشاعره سريعاً وشعر برضى بالأمل الذي منح له ونسي تماماً امر كذب جوريث عليه. غادر المكان سريعاً متجهاً الى المستشفى حيث يرقد الأرنب بالفراش وهناك وجد جموعاً كبيرة من أهالي القرية كلهم يتحدثون بإستياء وإستنكار من فعلة جوريث. لقد سئم الجميع من شغبه هو وأصدقاءه، وكذلك من مقالبهم التي لم تتوقف منذ أن أتو على الدنيا. صحيح أن الجميع يقدر المجهود الكبير الذي كان يبذله والده لتهذيبه دوت جدوى او اي مردود سوى زيادة في الطيش لكن يأسه منه وتركه لإبنه هكذا جعل مصائبه وتماديه يزداد وهذه المره لقد تجاوزوا الأمر حده بالفعل. الجميع في نقاش حاد وكل يشكو من جوريث وأصدقائه حتى العجوز المسنه لم تسلم أطباقها وأوانيها منهم. سريعاً ما تضخمت المشكلة أضعافاً مضاعفاً بسبب تاريخه مشاكله الذي لا يشفع له بشيء. وعلى الرغم من ان امره قد جمع الكل بالمستشفى ولا تكاد تخفى فعلته عن أحد بالقرية الا ان  أبويه لم يكونا على أي علم او درايه من ما حدث، كانا في هذه الأثناء في البيت جالسين بسلام مع صديق قديم للعائلة يحتسون شاي الظهيرة سوياً، لكن ديكلاسيس سيقطع عليهما هذا السلام فور تمكنه من دخول البيت وتنفيذه لمخططه بفضحه. الا ان جوريث عنيد حقاً وآخر ما يرغب به هو ان يعلم والده بهذا الخبر. وفي داخل المنزل:
" ما هذا الضجيج ؟"
تساءل صديق العائلة بيكار
" الأحمق جوريث لابد أنه يعبث مع أصدقائه الفاسدين."
قال والد آراك، بينما ضحكت والدته جوينا ببهجه بمجرد ذكر اسم طفلها المحبوب على قلبها جوريث، فهي تحبه حباً جماً وما من شيء بالوجود اقرب لقلبها من ابنها الأصغر جوريث. لكن صديقهم لم يكن راضي عن ذلك فهو يعرف جوريث حق المعرفة ويعرف أصدقائه الفاسدين فشار عليهم ناصحاً انه ينبغي الإنتباه والحرص على جوريث وإنتقاء أصدقاءه له بدقه! لم تعتبر جوينا ذلك تتطفل من بيكار فهو صديق قديم يكاد يكون جوريث كابن له هو الاخر حتى ان جوريث لا يناديه الا عمي من شدت قربه. اما آراك فقد شعر بضجر وهم شديد وقال بصبر فارغ.
" بيكار، بيكار، إن جوريث بعينه هو الفساد. أظن أن أباء أصدقائه هم المخطئين بالسماح له بمصادقة إبننا !"
بغضب وحميه رفضة جوينا تعليقه، لم يرغب آراك بمناقشت الأمر معها فهي لا ترى الحقيقة ولا تستطيع أن ترى جوريث الا ملاكاً حتى وإن أقدم على جريمة شنيعه، كتلك الجريمة التي يحاول التستر عليها عند الباب. وقال كي يفر من النقاش.
" أنا ذاهب كي ألقن هذا المزعج درساً مؤلماً كي يتعلم إخفاض صوته حينما يكون لدينا ضيوف !"
قال آراك بغضب وهو يتجه الى الباب، حيث الخبر بإنتظاره. لكن جوينا سبقته كالطفلة مهرولتاً الى جوريث جوريث كي لا يتعرض للأذى من والده كالمره السابقة حينما كسر له يده، فوالده رجل جثل عنيف الطبع وبالرغم من قسوته على جوريث الا أنه لم يتمكن من تربيته كما كان يريد وإنتهى به المطاف متكاسلاً عنه لا سيما أن جوريث يملك قدمان سريعة وكذلك أم عنيده لا تتوقف عن الدفاع عنه فلا عجب في يأسه منه. تبعهما الصديق القديم بيكار وبذالك الثلاثة كلهم ذهبوا لإستقبال خبر جريمة إبنهم جوريث من ديكلاسيس الذي لا يزال يحاول الدخول وبإصرار الى بيت جوريث.
" اوه، ديكلاسيس !! مرحباً مرحباً بك، أتعلم أنني ممتن أن تسمح لإبني المغفل هذا بأن يكون صديقك يا إبن المختار."
قال آراك ظناً أنهما يلعبان سوياً عند الباب، وفي الواقع كان الإثنان كانا يخوضون صراعاً مستميتاً بالخارج.
إنزعجت جوينا كثيراً من تعليق آراك هي لم تكن تكره ديكلاسيس لكن عشق آراك وإعجابه الشديد فيه وتمنيه ليل نهار لو أنه كان إبنه بدل جوريث جعل الغيره تتملكها وتحمل له كرها بتزايد، بل وإمتد هذا الكره الى عائلة المختار كلهم فرداً فرداً برويد. أفرغت غضبها من تعليقه  على الطفلين وأمرتهما بمغادرة المكان فقد أزعجا ضيفهما بالفعل. إصطنع جوريث الضحك ووضع يده حول عنق ديكلاسيس متظاهراً بأنهما صديقين وكان يشده بعيداً عن والديه بعنف ويقول
" أسفان أسفان، نعتذر على الإزعاج سنغادر في الحال أنا وصديقي الجديد ! "
" إبتعد عني أيه المعتوه !"
صاح ديكلاسيس بإنزعاج شديد وكأن جوريث حشره عملاقه تتطفل عليه. هذه اللحظة أظهرت للجميع كمية الكره التي بداخله إتجاه جوريث فصيحته نظراته كانت تحمل الكثير. الإثنان لم يروقا لبعضهما يوماً لطالما شعر جوريث بذلك، لكنه لم يكن يعلم أن ديكلاسيس يحمل كل هذا الكره إتجاهه، توقف للحظات وترك رغبته الشديدة بالتستر على نفسه وظل يتأمل مقت ديكلاسيس في تعجب. وتذكر يقيناً أنه لم يتعرض له يوماً بل كان دائماً يحاول تجنبه هو وصديقه لوريس بسبب محبة ابوه آراك له. وبالنسبة للآخر فبالواقع هو كذلك لم يكن يعلم أنه يحمل يخفي كله هذا الغيض الذي تفجر فجأة. ربما هو يكرهه بهذا القدر المبالغ فيه لانه يراقب أفتعاله للمشاكل بدقه فصار يغلي من المقت لوحده كلما رأى جوريث يتسكع بالقرية. أبعد يد جوريث عنه بصبر فارغ ونظر له بغضب وقبل أن ينطق بالخبر للجميع. قفز جوريث عليه وحاول إغلاق فمه بالقوة، الآباء لايزالون يظنون أنهم يلعبان لكن ديكلاسيس الملقى على الأرض حرر فمه من يدا جوريث وصرخ بالخبر
" إبنك جوريث يا عم كان يحاول قتل الأرنب !!"
إسود وجه جوريث، لكن الجميع ظن أنها مزحه ولم يصدق أحد سوى الأمر آراك، وقبل أن يسألوا ديكلاسيس عن التفاصيل رأو أفواجاً من أهالي القرية يسيرون كانهم في مظاهرة ثائره يقودهم والد الأنب قاصدين بيت ألجوريث. هنالك إختبئ جوريث عند أمه سريعاً وهو يختلس النظر الى والده الذي كان يرميه بنظرات حارقه كأنها شرار. والناس من حولهم تصيح غضباً وتشكي منه. "جوريث؟ مالذي فعلته هذه المره". قالت أمه بهمس يتملكه حزن شديد فطر له قلبه، فنسى أمر وابوه وخوفه الشديد منه وكذلك أمر القروين الثائرين وإكتفى بالنظر في عيني امه اليائسة هذه اول مره في حياته يرى في عينيها نظرتاً كهذه ولأنه لا يجيد تحمل المسؤولية ولا يعرف مالذي عليه فعله لم يتمكن سوى أن يختبئ خلفها من نظرتها التي أوجعته أكثر من أي شيء آخر، فهو لا يحب أحداً بالكون كحبه لها. إتهم الجميع جوريث بالخيانة فحاول التبربر قائلاً أنها لم تكن محاولة قتل حاول كانو يحاولون إختبار سرعة الأرنب فقط فقاموا إسقاط حجر عملاق عليه ولم يضعوا بالحسبان إطلاقاً يتوقعوا أن سرعة هذا الحجر المرتطم من أعلى التل سيفوق سرعة أسرع فتيان القرية! هدئ البعض، وإضمحت ظنون أخرين، لكن هناك فئه كبير
لاتزال غاضبة كالبركان. تصدت أمه للجميع وحدها وحاولت أن تحميه بقدر المستطاع لكنها تلقى كلمات جارحة هي الأخرى من القروين. 'مهمله' 'الفشل بالتربية' غيرها، لم تتحمل ذلك فذرفت الدموع من عينيها وهي تعترف بالخطئ وتعد الجميع بالتعويض.
"امي، لا ... "
قال جوريث، لم يتحمل بكائها وحملها لخطئه فغادر المكان يجري. ولحقت به صرخات القروين
" هي تعال الى هنا أيه المجرم !"
"إرجع ! فنحن من سيقوم بتربيتك هذه المره "
" هذه نهاية التدليل !"

***

قرية ليدينياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن