★ الفصل الخامس ★

2.5K 115 2
                                    

★ الفصل الخامس ★


★ عقد إسماعيل حاجبيه بإستفسار قائلاً :
_( وهو ايه الى انت وصلتله يابني ؟؟ ايه السبب الى وصل بنتي للحالة دي وايه الى خلاها تفقد الذاكرة ؟ وهي مالها بالضبط فهمني يابني الله يكرمك انا حاسس اني مش عارف بنتي ولحد دلوقت مش فاهم حالتها ولا عارف ازاي بنتي تكون تعبانه وبتتعالج وانا معرفش ولا حسيت في يوم انها مش طبيعيه )
ثبت الطبيب انظاره في عيني إسماعيل وتسائل بسخرية مبطنة :
_( وهو انت تعرف بنتك اصلاً يا عم الحج ؟؟!!!!!)
تلجلج اسماعيل في إجابته بإحراج وأخذ يفرك كفيه ببعضهما البعض بتوتر واضطراب ....
أشفق الطبيب على حالته هذه وأراد التخفيف عنه فحرك رأسه ليومأ له بدعم قائلاً :
_( متقلقش يا حج بنتك كويسة هي بس عندها مشكلة واضح دلوقتي بالنسبالى انها نمت معاها من وهي صغيرة وانتوا عززتوا المشكلة دي عندها )
أشار حسام بسبابته على صدره قائلاً باستنكار متعجب :
_( احنا !!!! ازاي ؟؟؟ )
زفر الطبيب بضيق وعقد كفيه امامه على سطح مكتبه وراح يشرح لهم حالتها بالتفصيل :
_( من حوالى سنتين ونص تقريباً جاتلي أبرار وكانت خايفة جدا ..... كانت كل يوم تيجي تقف قدام العيادة بالساعات وبعدها تمشي .... وقتها انا كنت جهزت العيادة لكن لسه مبدأتش شغل أو بمعنى أصح مكنش لسه حد جالى عشان اكشف عليه .) ثم أبتسم بمرح محاولاً التخفيف عنهم وقال :
_( خريج جديد بقى والمرضى بيوثقوا جدا في الدكاتره النفسيين وبيحبونا جداااااا )
أبتسم اسماعيل رغماً عنه فقد كانت بالفعل هذه فكرته عن الاطباء النفسيين فهم كانوا بالنسبة له ليسوا الا أطباء تأخذ أجر على الاستماع الى المشكلات التافهة لدى البعض او علاج المجانين
بينما أستأنف الطبيب حديثه قائلاً :
_( كنت بقف ورا الستارة وأشوفها وهي نازلة .... كانت بتحاول تدخل بس كانت بتمنع نفسها في اخر لحظة وتمشي .... زي ما يكون بتحارب نفسها .... لحد ما في يوم خرجت انا ليها عشان أسألها اذا محتاجة حاجة بس لقيتها جريت بسرعة اول اما سألتها .... ومرة ورا مرة لقيتها دخلت العيادة وبدأت تحكي مشكلتها والى كانت ااا....)
صمت لبرهة محاولاً اختيار كلمات بسيطة يشرح بها حالتها المعقدة لهم ومع صمته هذا تعلقت به أعين كلاً من حسام وأبيه بترقب قلق ...
عاد الطبيب ليستأنف حديثة قائلاً :
_( أبرار بتشوف خيالات في اوضتها .... وطبعاً الخيالات دي مجرد اوهام من نسج خيالها .... احياناً تشوف حد بيضربها ... احياناً تحس بحد بيراقبها من بعيد ... واحيانا اكتر الخيالات دي تكلمها و بعد ما عملتلها الفحوصات اللازمة على دماغها وسؤالها عن عيلتها ... لقيت انها مريضة بانفصام ...)
اتسعت عين كلاً من حسام وابيه ليهتف حسام بذهول :
_( انفصام شخصية !!!!)
حرك الطبيب رأسه نافياً وقال :
-( لا يا استاذ حسام ... أبرار مريضة بانفصام نفسي ... بمعني ان عقلها بينفصم عن الواقع ويختلق خيالات واوهام زي الاشخاص الى بيكلموها دول والى في الغالب بيكونوا غير موجودين على ارض الواقع والمرض ده بيكون من أهم أسبابه العامل الوراثي ودا اتأكدت انا انه مش سبب مرضها لما سألتها عن افراد عيلتها واذا عندهم تاريخ مرضي او لا وهي وقتها أكدت ان محدش في عيلتكم عنده المرض ده وبالتالى انا أتعاملت معاها على أساس السبب التاني للمرض والى هو سبب نفسي مش وراثي بمعنى ان في حادثة مثلا او صدمة عصبية او او ... الخ هي الى سببتلها المرض ده ....
_ تنهد اسماعيل بهم مما علمه عن صغيرته والتى اكتشف انه لم يكن يعلم عنها شئ وتسائل :
_( طاب وفقدها الذاكرة ده يا دكتور ايه علاقته بحالتها وهترجعلها ولا لا )
أومأ الطبيب بتفهم وقال :
_( متقلقش دا طبيعي )
عقد حسام حاجبيه متسائلاً :
_( طبيعي ازاي يا دكتور !! )
عاود الطبيب الشرح لهما قائلاً :
_( ايوة يا أستاذ حسام دا طبيعي .... عقلها أقنعها أنها لازم تختفي ولانها مش قادرة تختفي أختارت الاختيار الاقرب للاختفاء والى هو انها تنسي كل حاجة .... هي مش فاقدة الذاكرة كمرض لا هي فاقدة الذاكرة فقدان نفسي ........ والى انا متأكد منه ان في يوم الحادثه حصلت حاجة وخلتها توصل لحالة انها تقتنع انها لازم تختفي وتبعد عن كل الى تعرفهم وأخدت الحادثة دي حجة للاختفاء والبعد عن الجميع ... ومتأكد كمان ان الحاجة دي انتوا كنتوا السبب فيها )
عقد حسام حاجبيه باستنكار وهتف برفض من ان يكونوا هم السبب في إيذاء ابنتهم :
_( احنا السبب ايه ؟ لا طبعاً احنا مش السبب ... دا حتى يوم الحادثة ده كنت مسافر انا ومراتي وولادي في محافظة تانية عند اهلها وبابا كان في الشغل يبقى احنا السبب ازاي )
ضيق الطبيب عينيه بترقب وقال :
_( وهو انتوا بس كل عيلتها !!! ممكن حد من اخواتها البنات ... او امها .. او عمتها ولا خالتها .. او)
قاطعه حسام بعصبية :
_( اخواتي البنات ايه بس دول متجوزين وكل واحدة في بلد ... وماما اا....)
صمت قليلاً متذكراً لتتوسع عيناه شيئاً فشيئاً بأستيعاب .... التفت ليطالع ابيه قائلاً :
_( بابا ... هي ماما راحت عند خالي في اليوم ده ؟؟)
صمت اسماعيل يحاول التذكر بينما يعلقت به انظار كلاً من حسام والطبيب بترقب وساد الصمت للحظات قبل ان يقطعه اسماعيل قائلاً :
_( لا في اليوم ده مراحتش كانت في البيت )
أرجع الطبيب ظهره مسترخياً على ظهر المقعد ونطق بظفر :
_( من اول اما حكيتولي انها قالت ان ماما بتكرهني وانا شاكك بس دلوقت بس اتأكدت )
ألتمع الغضب بعيني حسام وصاح بضيق :
_( انت تقصد ايه ؟؟؟!! ماما لا يمكن تأذي أبرار ... دي بنتها انت مجنون ولا ايه !!)
تغاضى الطبيب عن اهانة حسام له وقال مبتسماً بسماجة :
_( انا مقولتش انها أذتها انت الى فكرت في كده)
جز حسام على ضروسه ونطق بضيق :
_( ممكن تتكرم وتقولنا قصدك ايه بدل الاستفزاز ده )
تنهد الطبيب وقال :
_( انا اتأكدت من كلامكم ان المشكلة الى عند أبرار بسبب والدتها .... كلامها او تصرفاتها او اي رد بيصدر منها بيعزز الخيالات والاوهام دي لحد ما المشكلة كبرت ووصلت للأنفصام وعلشان كدا انا لازم أقابل والدتها واتكلم معاها علشان أعرف المشكلة الى عند أبرار ايه واتعامل معاها على الأساس ده .... بقالى سنتين ونص بسمع منها عن الخيالات والاوهام وبحاول احللها واربط خيوط الخيالات دي ببعضها علشان أوصل لنتيجة ودلوقتي بس عرفت اني كنت ماشي غلط .... ) صمت للحظات ثم تابع بشرود .... ( دلوقت بس عرفت مشكلتك وعلاجها يا أبرار ..... وهعالجك صح المرة دي )
***********
★ جلست والدة أبرار أمام الطبيب بعد طلبه مقابلتها والحديث معها ..... مازالت لم تتقبل بعد ما أخبرها به زوجها وأبنها فكيف تكون ابنتها مريضة نفسية وهى لا تعلم !!! هي لم تشعر قط بأي أمر خارج عن المألوف في أبنتها لابد وان هناك خطأ ما .... نعم لابد وأنهم مخطئون .
وعند هذا الخاطر الاخير أنفرجت أساريرها الواجمة ليأتيها صوت الطبيب منبهاً إياها من شرودها ....
_( هخيب آمالك يا حجة لكن بنتك فعلاً مريضة وبتتعالج عندي من فترة طويلة )
أتسعت عيناها تعجباً من هذا الذي أستطاع التوغل بعقلها ومعرفة ما يخطر به ولكن سرعان ما أنقلب تعجبها الى ضيق وهتفت بعناد :
_( لا انا بنتي مش مريضة .... مريضة ازاي وانا محسيتش بأي حاجة غريبة في تصرفاتها )
شخر بسخرية قائلاً :
_( المفروض انا الى أسألك السؤال ده يا حجة !!! انتى ازاي امها ومعرفتيش ها ؟ صحيح مرضها دا ملوش أعراض والشخص بيكون تصرفاته طبيعية جداً لأبعد حد الا ان دا نش عذر ليكي .... امال فين قلب الام ولا دي شعارات وخلاص ؟ ولا ..... )
ضيقت عينيها بتوجس متسائلة :
_( ولا ايه ؟؟!)
ثبت أنظاره بقوة على حدقتيها متسائلاً :
_( ولا انتي فعلاً بتكرهيها وعايزاها تختفي من حياتكم ؟؟)
هبت من على المقعد بغضب صائحة :
_( انت مجنون ولا ايه !!! دي بنتي .... معقول هكره بنتي !!!! انت سامع نفسك بتقول ايه !!!!!!!)
مط شفتيه بلا مبالاة وقال :
_( مش انا الى بقول .... بنتك هي الى بتقول)
فقدت أعصابها لتصرخ في وجهه :
_( بنتي غلطانه .... ايوة غلطانة هو علشان قولتلها كلمتين في لحظة غضب ابقى بكرها ... كل الامهات كدا )
أسفرت شفتاه عن ابتسامة ظفر وقال كمن قبض على طرف خيط يخشى أنقطاعه :
_( ايوة الكلمتين الى هم ايه بقى ؟؟؟ )
عاودت الجلوس على مقعدها بارتباك وقالت بتمتمة خافته أقرب الى الهمس :
_( ز .... زي ما اااا زي ما كل الامهات بتقول ... اااا ... ااا اني تعبت وو و )
أكمل مضيقاً عينيه بتدقيق على ملامحها المرتبكة :
_( وايه ؟ وانك بتكرهيها ؟؟؟ )
أومأت برأسها وأشاحت بوجهها متحاشية النظر لعينيه المسلطة عليها ليعاود هو تسائله دون ان يترك لها المجال لإنهاء النقاش :
_( كم مرة قولتيلها كده ؟؟؟ ولا نقول من امتا بتقوليلها كدا ؟؟؟ )
أبتلعت ريقها بتوتر وتمتمت وهي مازالت مشيحة بعينيها بعيداً عن أنظاره :
_( من اما كانت صغيرة .... اربع سنين تقريباً )
********
وانكشف عن روحي الستار
بقلمي بسمة عبد الغني

وأنكشف عن روحي الستار ..بقلمي بسمة عبد الغنيWhere stories live. Discover now