كلوميبرامين

الفصل الثالث❤

🎶كلوميبرامين🎶

صمت الطبيب المعالج للحظات قبل أن يقول بتعب واضح من نبرة صوته قبل شحوب وجهه وإنعقاد حاجبيه فى تفكير عميق : بقيت خطوة واحدة على بدء العلاج .......وهنا سيكون دورك الأول ....زم شفتيه قليلا وقال:
لابد من تقبُّل كلوديا للإضطراب والخوض فى أطوار العلاج...
سيكون كل ما نفعله هراء ...إذا لم تفعل!.
أدرك سام ما تعنيه كلمات الطبيب ..نهض بغتة متلهفا لرؤيتها والاطمئنان عليها قائلا: حسنا أيها الطبيب .... هل يمكننا متابعة حديثنا فيما بعد؟
نهض الطبيب محيياً سام فى المقابل قائلا:بالطبع ...يمكنك الرحيل الآن.
................................................................

بعيون منتفخة  ..متهدلة للأسفل قليلا ..
بها إحمرار يوضِّح كم الألم الذى أعايشه ..
كم القلق الذى يلازمنى ك توأم ملتصق ...

ليس كما تظنون ... إن أقصي درجات القلق التى قد تصلون إليها يوماً ...لن تبلُغ  ..ولن تُضاهي ما أعانيه من قلق يقض مضجعى ...لا أستطيع النوم كباقي البشر ....
بإمكانى ترككم تتخيلون بشرا بلا نوم !!...
يمنعني العيش بسلام نفسي ..

لا يمكننى سماع صوتى الداخلى الهادئ  كخاصتكم ... صوتى الداخلى مختلف ....قليلا ....!!
فى الواقع........ كثيرا !!
إنه أشبه بوسوسة الشياطين ....لكن الفارق أنها وسوسة دائمة ....غير منقطعة ..!

فى رأسي طفل يبكى بصراخ هائل ..يطلب نفس الشئ طوال الوقت بلا راحة أو رحمة.

الساعة الآن ...تدق الرابعة فجراً .. البرد قارس
..رغم المدفأة المركزية على مدار العام...بالطبع ..نحن فى السويد .. يمكنك أن تموت كئابة وتعاسة دون مزاح !!
 
هاهو القلق ينهش صدرى منذ الآن .. قفلت باب دورة المياه ...
الباب خلفى تماما و...
وسوستى تحدثنى أن أتأكد من غلقه مرارا وتكرارا ..أشعر بالقلق يتزايد إن لم أفعل. .وهذا مؤلم!
رأسي ملوية بشكل قهرى نحو المفتاح ..تتشبث  قدمى بالأرض بقوة أفقدتها لونها الأحمر وأبدلته بالأصفر ..وكلا قبضتاى متمسكتان ببعضهما ...
أسنانى تكز عليهما فى قوة تمنعهما التحرك نحو المفتاح .....
لا أريد لسام أن يشعر بما يحدث ...
ربما تؤذي معرفته علاقتنا سويا ...من طرفه هو على أقل تقدير .....
على أية حال ..أفضِّل الموت ..على أن أرى نظرة شفقة واحدة فى عيون من أحبّ !!
أعلم أن لدى وسواس قهرى...
ف "جوجل" لا يوجد فى العالم عبثاً ..
و بما أننى لا أعمل ...فلا يمكننى إقناع سام بأننى ذاهبة الى العمل بينما انا ذاهبة الى الطبيب ..
قد يستغرق هذا وقتا طويلا ..لا أريد المجازفة!
وهذا غير ممكن ...
حسناً ...حسناً...حسناً....سأتأكدْ مرة واحدة فقط وأنصرف ...مرة واحدة.....مرة واحدة...مرة واحدة...!!!!!!!!!!

تحولت هذة  ال "مرة واحدة"الى عدة مرات ...حتى تناهى إلى مسمعى صوت سام المتأفِّف (كلوديااااااا....أريد النوم عزيزتى ...لا تعبثى ب الباب )

شهقت بقوة مرتدة الى الوراء ..إصطدم ظهرى بالحوض ...نظرت إلى كلا كفاى فى رعبٍ قَلِق ....أرى هذة الجراثيم الحقيرة تصعد عليهما تنهش بشرتى ...لابد من غسلها بسرعة .....بسرعة بسرعة .....بسرعة. .....!!!!!
  
أكره هذا الصابون .... لكن .....لكن ..
ها هى جرثومة أخرى ...والثانية ...والبقية ..
اااااااااااااااه ....
صوتى يصرخ ....الطفل يبكى ...الشياطين ترقص .....عقلى يعوى ....
كل هذا فى رأسي !!!

تركت دورة المياه بسرعة تغلبت فى جزء من الثانية على ذلك القلق الذى ينبش صدرى ك كلب قبور ..!

فى غمرة بحثي عن إضطرابى مؤخراً...قررت فتح إحدى الفيديوهات لأحد الأشخاص المصابين بنفس الإضطراب ...
الوسواس القهري....قاهر ذاتى !
سمعته يقول واصفا للجميع كيف يكون القلق عند المصابين بالوسواس القهرى...
لقد  صوَّر الأمر بمهارة...إنه أشبه بأن تكون واقفا فى منتصف الطريق.... وسيارة ما على وشك الاصطدام بك لا محاله .....

لا السيارة تراك ...ولا تقدر انت على الحراك!

هكذا يكون شعورى طوااال اليوم ...على عكسك تماماً..فإنك تتخلص من ذلك الشعور لحظه إبعاد ساقيك عن المكان الذى كنت متواجدا به ...
حياتى تدور فى هذا ال "منتصف الطريق"وسيارة ما _فى عقلى فقط_تكاد تصطدم بى....تهشمنى كالزجاج !!!.
.....................................................
و الآن..الساعة تدق الثامنة مساءاً ..
لقد جاء سام منذ نصف ساعة تقريبا من العمل..وهو منهك للغاية...
قمت بجلى الصحون قبل مجيئه بفترة طويلة..
لأن هذا يأخذ وقتاً..لأننى أعيد جليها عدة مرات ..
وهذا ليس بإرادتى الحرة بالطبع ...
بإمكانك انت، أن تُعيد جلى الصحون إذا شعرت بالغضب كنوع من التنفيس عن غضبك ...
إلا أن الامر مختلف لدىّ!!
انا أجلى الصحون مقهورة بذلك !!
عند رؤية سام لي ذات مرة وأنا أفعل ....صار يضحك حتى أدمعت عيناه ...لم أستطع إظهار ألمى حينها ..وقلقى المريض من إتساخ الاطباق رغم نظافتها....أظهرت إبتسامتى هكذا بسيطة سبَّبَت إرتعاش زائد فى أطرافى  ...
لم يُعلِّق سام ...
فقط إحتضننى بقوة !!

يتبع.....