(الفصل الخامس والثلاثون)

12.1K 784 227
                                    

توجهت بيرال مع إيراكس ولوثر بعد أن أخبراها أن والدها مريض ويريد رؤيتها لكنهما أخفيا كونه يلفظ أنفاسه الأخيرة، رغم كونها قلقت بشدة من هذا الطلب المفاجئ، لكنها أخفت قلقها تحت تعابيرها الهادئة، ولم يخفَ ذلك على إيراكس فقد استشعر ضربات قلبها السريعة عند ركوبها على ظهر أندرو.

وصلوا للجزيرة الهادئة بغضون نصف ساعة فقد حلق أندرو بسرعة شديدة يتبعه لوثر على ظهر تنين الملك رودريك، اتجهت بخطى سريعة نحو جناح والده لتجده مسجى على فراشه الملكي بوجه أصفر شاحب وعينان غائرتان، شهقت بتفاجأ وهربت الدماء من وجهها وهي ترى حالته المزرية.

تقدمت نحوه بخطوات بطيئة غير مصدقة وجلست جانبه على السرير بأعين مترقرقة بالدموع المالحة
أمسكت يده الساخنة إثر ارتفاع حرارة جسده وهمست بألم " أبي "

فتح رودريك عينيه التي بهتت زرقتها حين استشعر يدها الباردة التي تحضن كفه، تحدث بصوت جاهد في إخراجه من حنجرته المتعبة، فخرجت كلماته متقطعة وخافتة" حبيبتي، أحمد الله أنك أتيتِ سريعًا فقد خشيت أن أودع الحياة قبل رؤيتك "

هطلت دموها من مقلتيها حين سمعت كلماته المتعبة فأردفت بتشجيع " لا تقلق، ستكون بخير "

هز رودريك رأسه بألم وهمس بخفوت " إنها دقائقي الأخيرة ابنتي، لا داعي لإنكار ذلك "

اقتربت منه تحتضنه بشدة وشهقاتها تعالت بالمكان وهي تمتم بكلمات غير مفهومة تترجاه بأن يتماسك من أجلها، لكن رودريك أغمض عينيه بألم وحزن على حال ابنته أكثر من حزنه على مفارقة الحياة.

ابتعدت عنه تمسح دموعها بكفيها وأردفت بابتسامة حزينة " أنت قوي والدي لا تستسلم للألم، من المؤكد أن طبيب المملكة سيعالجك وستشفى من مرضك"

" وهل لدغة أفعى الموت لها علاج؟ " هتف بها ناظرًا لعينيها، فشهقت الأخرى بتفاجئ، فلدغة هذه الأفعى السامة لا علاج لها.

أردف يوصيها بعد أن زفر أنفاسه المتألمة " اعتني بنفسك صغيرتي، ولا أريدك أن تحزني علي، فهذا قدري، ونهاية كل امرءٍ الموت، لذلك أريدك قوية متماسكة كي أرتاح في قبري "

هزت رأسها بغير تصديق مما تسمعه إذناها أجهشت ببكاء مرير يمزق نياط القلب، وحاولت تشجيعه ليكون أقوى لكن أجله دنا، ولا مفر من ذلك، أغمض رودريك عينيه براحة وهمس " الآن أستطيع الموت وأنا مرتاح بعد أن رأيت وجهك الجميل صغيرتي "

عادت بيرال ترمي نفسها بين أحضانه الدافئة وأنفاسه التي باتت ثقيلة وشحيحة، ولا يسمع بالغرفة سوى صوت شهقاتها لفقدان أعز شخص على قلبها.

بقيت ساعات لا تدري كم طالت وهي تحتضنه بين ذراعيها، تغفو جانبه تتمع بآخر لحظات لها مع والدها وأخر فرد من عائلتها.

بينما بالخارج يقف إيراكس، يستند على الحائط خلفه يستمع لشهقاتها المؤلمة وقلبه يتمزق حزنًا على محبوبته، ولم يكن لوثر أقل حزنًا منه، فهو رافق الملك في مشواره الطويل بحكمه، كان له بمثابة الشقيق الكبير الذي يعلمه وينصحه بكل شأن وأمر صغيرًا كان أو كبير.

لؤلؤة البحر (رباط)Where stories live. Discover now