ارتفع هدير الدراجة النارية تزامنًا مع شتائم السيد جيم الذي يعاني يومًا عصيبًا كما يبدو؛ ففي اليوم السابق، أعلن عميد الكُلية أنه لن يتم استلام أي عمل من قبل الطلاب غير المسجلين، وقد كان جيم من حفنة غير المسجلين فلم يؤخذ عمله.
كان يحتاج إلى المزيد من الوقت لتجميع ما عليه من رسوم دراسية، فهو لا يزال يعمل بجهد كعامل توصيل لجني المال. وفيما كان يفكر في كيفية جمع ما عليه قبل نهاية الأسبوع، انعطفت الدراجة بجنوح وانسيابية في الشوارع.
وفي زحام السير، كانت الحرارة الجهنمية تنبعث من الطريق المرصوف، والعوادم الخانقة تُنفث من مؤخرات السيارات.
وكان جيم يراجع الدروس التي تلقاها من السيد عين، وكما كان واضحًا، فلم يكن عميد الكلية وحده من تلقى الشتائم والسِباب، بل حظي السيد عين بنصيب منها كذلك؛ ففي آخر لقاء بينهما أعلن له السيد عين أنه سيخضع لاختبار مفاجئ فيما تعلمه مسبقًا، لهذا تراه يراجع دروسه مع كل إشارة مرور، وعند كل عتبة باب، ثم يتبسم بسمة شيطانية فور أن يتذكر آخر ما حدث.
في ذلك اليوم، كان السيد عين في المطبخ يصنع العصير، عندما توجه السيد جيم بخفة صوب مكتبه، بحث بين أوراقه بسرعة ووجد مُبتغاه، ورقة الأسئلة، أخرج هاتفه الخلوي من الجيب الخلفي لبنطاله الچينز، وأخذ لقطات سريعة.
« لدي ما يكفيني في الكلية، لا ضير من هذا»
همس لنفسه ثم عاد حيث كان كأنما لم يحدث شيء.
والآن، سرعان ما زالت بسمته الشيطانية عندما قابلته تلك الأسئلة الفضائية التي لم يجد جوابًا لها، فصار نادمًا لفعلته التي لم تجدِ نفعًا، بل يشك أن السيد عين لم يعطه دروسًا بخصوص تلك الأسئلة.
_ أيها البغيض ما الذي تعنيه بترابط الأبعاد ببعضها وتأثيرها؟
كان يتذمر من ذاك السؤال كلما صادفه، فهو واثق كل الثقة أن عين لم يشرح له هذا الأمر.
وعلى أي حال، كان يأكل حزنه ويستمر في العمل، وتستمر الدراجة في التنقل بين الشوارع في تهور، يسابق الزمن في إنهاء توصيل الطلبيات؛ كي يتسنى له البحث عن وظيفة أخرى، وأثناء شروده انتبه أنه تخطى المنعطف المطلوب فداس على المكابح ليتدارك المنعطف قبل أن يتخطاه بمسافة أبعد، فلم يكن سوى أن سمع صفير سيارة عالٍ، واحتكاك إطار بالإسفلت، وكل ما يتذكره وقتها هو بريق زجاج ساطع على وجهه...
***
وجد نفسه في فراغ أبيض ناصع، تلفت يمنة ويسرة ثم استدار، فإذا بالسيد عين واقف وهو عاقد اليدين خلف ظهره، مع بسمة هادئة.
_ هل أنت مستعد للاختبار سيد جيم؟
_ مهلًا، لم يحن الوقت بعد، أنا لم أنتهي من المراجعة، هذا ليس عدلًا.
أنت تقرأ
نفخة روح |عنصر الشخصيات|
Randomنفخة روح، لأن الشخصيات يجب أن تحيا، ولأن القصة بلا شخصية، لا تكون