||رحيل||

225 18 72
                                    

في غسق الليل حيث لا تدب الارض قدم و لا يحوم على العرين اطيار ....

و في تلك المحطة القديمة التي لا يضيء عتمتها عدا بعض اعمدة الانارة التي صدأ معدنها و بالكاد تقدر ان تنير ذلك الجزء الضئيل من الارض ....

اين جلس ذلك الشاب المجهول مطأطأ الراس على احدى الكراسي التى اكلها القِدم !

كان يحدق في الفراغ ضاما كفيه نحو راسه بينما لا يجول بذهنه الا الظلال  !!

يشده التفكير العقيم و  الاستماع الى وقع الامطار على متن الارض مما شوش هدوء الليل و عتمة الارض المبللة  ....

و تلك التي تتجلى قربه .... مشاهد السواد !

..... بحركة آليه يمد يده نحو جيبه يتفقد ذلك الجسم الصلب و كانه يساله بكلمات صامتة ...

هل انت بجانبي ؟! هل اشتقت لان اسفك الدماء مجددا !!

شفتاه لم تنبس باي حرف غير ان اللمعان الذي غادر مقلتيه قد يحكي الكثير ! لكنه فقط اكتفى بالمغادرة !

و في وسط هذه المحادثة الصامتة اتت تلك الانوار معلنة

الرحيل !

كيف يرحل الآن و الى اين ؟؟

كيف طاوعه قلبه ان يترك والدته التي ابكاها دما تتحسر عليه تحسرا يطفئ قلبها !!

بل من توقع من ذلك الطفل الذي تربى في العز بين ابناء اللطبقة المخملية ..... ان يهرب تاركا خلفه كل شيء

قد يتساءل احد ماهو الكل شيء .... و قد يتبادر الى الاذهان انهم الاهل ...... و الديار و الاصدقاء !

لكن ليس للفتى اي من ذلك بعد الآن ...

فقد تخلى عن كل ذلك من اول لحظة صار فيها مجرما !!

تخلى عن كل شيء تماما كما قد تخلى عن خطواته التي انسحبت محدثة فوضى بانعكاسه على برك الماء الضئيلة .... نحو تلك الحافة التي انارت اضواءا للتو !

و كما من المفترض ان يكون  .... الحافلة شبه خالية ..

الا من بعض الثملين او فتيان الشوارع ...

من قد تخيل ان هذا الفتى الذي عاش حياتا وردية سيركب بحافلة كتلك ...

يجر نفسه نحو اقرب مقعد فارغ !

يرمي عليه ذلك الجسد الضئيل الذي تبلل  بزخات المطر التي جلس تحتها لساعات !

لابد ان الجميع قد صرفوا نظرهم نحو هذا الفتى الغريب الذي دخل مبللا مغطيا وجهه بقبعة قميصه الخلفية و خصلاته الفاحمة !

بينما جاهد وسط صراعه .... للنظر من تلك النافذة التي تناثرت عليها القطرات المنهمرة من السماء و التي تتسابق نحو الاسفل !

دماء على أحرف خرساء Where stories live. Discover now