الفصل الثالث عشر

5.7K 176 12
                                    

الفصل الثالث عشر

أنا المعافى الآن
سيِّدُ فُرصتي في الحب
لا أنسى ولا أتذكّر الماضي

-أنا.. أنا لا أريد هذا الزواج.
قالتها توبة بسرعة قبل أن تفقد شجاعتها ثم ضمت شفتيها الواسعتان لبعضهما وأخفضت عيناها بحذر تبتعد عن نظراته ثم انتظرت ردة فعله التي خافت منها، لكنه فاجأها بأنه لم يثور أو يغضب كما توقعت أن يفعل، لكن بدلا من هذا شعرت به يتنصب أكثر في وقفته وهو يسألها بصوت عادي لم تتكهن بما خلفه:
-أنتِ ترفضين فكرة الزواج بصفة عامة أم ترفضين فكرة الزواج مني أنا؟
رفعت له عيناها مدهوشة من السؤال، فكما توقعت كان يقرأ روحها بسهولة ويعرف ما تخفيه ولذا تلجلجت ملامحها وأعادت خفض عيناها فتحرك ببطء حتى اتخذ المقعد القريب منها ولملم طرفي عبأته، قبل أن يخبرها بهدوء لا يناسب الوضع أبدا:
-لقد أخبرتك من قبل سوف أعاملك بما يرضي الله وكأنكِ واحدة من أخواتي الخمس، والله سبحانه وتعالى أجاز لكِ الرفض في أي وقت، حتى ولو قبل توقيع العقد بثواني.. الرفض من حقك ومن حقك أيضا ألا تجيبي على سؤالي لكني أفضل أن أعرف هل رفضك لشخصي أم للزواج؟
لم تجيبه وبقيت تعض شفتيها صامته فكاد يبتسم، حقا كاد يبتسم على تلك العادة المتوارثة بين بنات حواء حيث يصمتن ويفترض أن يتنجم الآخرين بالإجابة، لكنه عرف لذلك حرك العصا بين كفه وأخبرها:
-فهمت، لا داعي للإجابة... هل أعرفه؟
فاجأها مرة أخرى، فرفعت عيناها مجددا له لتجده يناظرها بوجه بشوش غير حانق ولا متضايق، فردت عليه تلقائيا:
-أجل.
هز رأسه متفهما ثم سحب نفسا عميقا قبل أن يقف ونظر لها من علوه مدمدما بصدق:
-أتمنى لكِ السعادة توبة .. أي ما كان هذا الذي اخترته.
توجه للباب ينوي المغادرة فأسرعت تقف وهي تهمس له:
-حمزة..
وقف دون أن يستدير لها منتظرا أن تقول ما تريد فأخبرته بنبرة مملؤة بالامتنان:
شكرا لك.
لم يرد ولم يلتف لها وبدلا من ذلك أكمل سيره للخارج بطلته الهيبة، وهو يحمحم مستجمعا بعض من رزانته المعروفة وهدؤه كي يخبر زوج خالتها بقرارها.
وفي الخارج كان الجميع قد ألتم في منتصف الصالة حول المأذون منتظرين أن يخرج مع توبة، وقد بدأت الغمغمات المستفسرة ترتفع في الجو عندما تأخرا ثم صمتوا جميعا حينما ظهر حمزة دون عروسته!
ناظرت ألفت زوجها بارتباك قلق بينما اقترب منه حمزة يخبره:
-عمي أريدك في كلمتين لو سمحت.
بدأ الخوف يحتوي قلب ألفت و هي ترى حمزة ينأى بزوجها بعيدا في أحد الأركان بينما الجميع ينظرون نحوهما بفضول، استمع بهجت أولاً للحظة لما قاله حمزة ثم سرعان ما تحولت ملامحه للذهول وبعدها تبدل لونه لآخر أحمر من الغيظ وكاد يتحرك متوجها للداخل لكن حمزة أوقفه وهو يحاول أن يهدئه، لكن الآخر لم يبدو عليه الاقتناع وقد نكس رأسه شاعرا بالعار، وهنا بلغ قلق ألفت أقصاه فابتسمت بارتباك لمن حولها معتذرة ثم اقتربت من الرجلين لتسمع آخر ما قاله زوجها:
-لا أعرف ماذا أقول لك يا معلم ..
قاطعه حمزة:
-لا حاجه لهذا يا عمي نحن أهل حارة واحدة والأنسة توبة لم تخطأ في شيء.
وهنا لمح ألفت التي اقتربت متوجسة فخفض عيناه باحترام وهو يستأذنهما:
-عن أذنك يا عمي سأذهب الأن.
بمجرد أن غادرهما حمزة معتذرا ألتفت لزوجها وسألته بخوف:
-ماذا حدث؟
دمدم بهجت بشفتين مكتومتين من الغيظ:
-الذي حدث أن ابنة أختك مرغت وجوهنا في التراب.
أما حمزة فاقترب من أمه وأخواته ليخبرهم:
-هيا بنا يا أمي.
ناظروا بعضهم باستغراب ودهشة، لتسأله أمه بصوت خفيض:
-ماذا حدث؟
أغلق حمزة عيناه فهو يعلم أن أمامه ليل طويل مع أخته تقى وأمه وأنه لن ينام اليوم إلا بعدما يمتصون كامل الصبر لديه لذلك أخبرهما برد مبهم وهو يتركهما ليتوجه لأصدقائه المنتصبين بتوتر:
-سأشرح لكم فيما بعد.
......
أخيرا خرج الجميع، خرج حمزة مع أهله وخرج باقي المدعوين بعدما حاول بهجت أن يبرر لهم الوضع بوجه أحمر من الحرج، وبمجرد أن أغلق الباب خلف آخر شخص سمح لغضبه الهادر أخيرا أن ينفلت فصاح في منتصف الصالة:
-أين تلك الفاجرة؟
كانت ملامحه تدل على نيته وعلى أنه غاضب بطريقة لم تحدث قبلا لذلك اسرعت ألفت تمسك ذراعه تتوسله وهي خائفة على مصير الأخرى:
-اهدأ .. اهدأ بالله عليك لا تفعل لها شيء.
ألتف لزوجته فاتحا عيناه على وسعهما وهو يهدر بها:
-لا أفعل لها شيء؟... سوف أكسر رأسها على تلك الفعلة السوداء.. لقد مرغت سمعتنا بالطين.. ابتعــــــدي!
صرخ بها وهو يزيح ذراعها المتمسك به بعيدا، ثم بخطوات تدك الأرض دكا توجه نحو الغرفة التي تقبع فيها تلك الأخرى وفتح الباب بحدة جعلتها تنتفض في مكانها بذعر من منظر بهجت الذي أسرع نحوها ليشد شعرها بقسوة فارتفع صراخها بينما هو يصيح:
-يا **** سوف اقتلك على فعلتكِ هذه..
كان ينهال عليها بالصفعات واللطمات على وجهها وأنحاء جسدها، بينما هي تحاول أن تحمي نفسها بذراعيها وخالتها من وراءه تصرخ به أن يكف عن هذا فيزيحها هي الأخرى بقسوة، ثم يعود لتلك المتكومة على نفسها ليكمل ضربها بينما يسألها بحرقة رجل وُصم بالعار:
-أخبريني هل أجبرتك عليه؟ .. ها؟ .. هل أجبرتك عليه كي تأتي وترفضي اليوم بعدما أتى الناس والعالم.. لقد أحنيتِ رأسي .. اللعنة عليكِ ..
كانت توبة مرمية فوق الأرض وجسدها ينتفض من ألم الضربات، بينما بهجت كان كالمجنون فمرة يضربها بيده ومرة أخرى يركلها بقوة غير عابئ بأي شيء بينما ما يزال يصرخ:
-أهذا يكون جزاءي بعدما أويتكِ في منزلي أيتها الـ ***؟
أوشكت أن تفقد وعيها من قوة ضرباته وقد أسودت الرؤية أمامها ووهن جسدها وراعيها، فلم تعد حتى تدافع عن وجهها بينما نزف أنفها بشدة جعلت خالتها تصرخ مفجوعة من منظر ابنة اختها، وأسرعت ترمي بجسدها فوقها وهي تصيح في وجه زوجها مترجية:
-كفى.. كفى ستموت بين يديكِ.
-فلتمت تلك الفاجرة على فعلتها هذه .. سود الله وجهها.
لم تبعد جسدها عنها وتلقت باقي الضربات من زوجها وهي تصيح به بحدة:
-كفى .. لقد أخرجت غضبك وأنتهى الموضوع.. أرحمها.
كان بالفعل قد نفس عن غضبه فوقف يلهث بقوة وقد تعرق بدنه كله، وهو ينظر باتجاه توبة التي اختبأت في حضن خالتها ليصيح بتحذير:
-اسمعا.. لا يوجد جامعة بعد اليوم.. ولا خروج حتى من عتبة هذا البيت.. حياة الخروج والدخول دون حساب، واللف لنصف الليل انتهت .. أنا سأعيد تربية هذه الـ ***.
ثم شتم صائحا وهو يضرب أحدى الانتيكات الخزفية لتقع منكسرة بصوت مدوي جعلهما تنتفضان في مكانهما على الأرض، وغادر الغرفة ليترك ألفت المسكينة وهي تحتضن ابنة اختها لتهدهدا بصوت حنون:
-هش .. هش لا تبكي حبيبتي .. لا تهتمي سيمر كل شيء..
تشبثت بها توبة بقوة أكبر ودفنت وجهها الباكي في عنقها وهي تشهق،
فتشد عليها خالتها وهي تقبل جبينها بحب وتكمل هدهدتها المطمئنة.
............
فتحت رؤية الباب بحذر وهي توازن كوب اللبن الدافئ لتنظر نحو ياقوت الممسكة بيد أم السعد النائمة، بينما كانت تشرد بعينها بعيدا وملامحها مبتئسه، لذلك اقتربت منها تضع الكوب جانبها:
-هل أعطيتها المسكن؟
سألتها بصوت منخفض لتهز ياقوت رأسها المنهك بأجل قصيرة وعادت تتأمل الفراغ فأشارت رؤية للكوب:
-لقد سخنت لكِ بعض الحليب لتشربيه فأنتِ لم تأكلي شيء منذ الصباح.
جعدت ياقوت أنفها باشمئزاز واضح:
-لا أريد، أن مجرد رائحته تصيبني بالغثيان.
رفعت رؤية الكوب ووجهته نحوها بإصرار:
-لا يوجد هذا الكلام هيا اشربي حتى ولو رشفتين كي تستطيعي الوقوف على قدمك.
أخذته منها على مضض وقد تذكرت الأن أن هناك روح بداخلها مسؤولة منها، لذلك بلعت رشفة ثم الأخرى ولم تستطع أن تكمل وقد شعرت أنها ستتقيأ، فضمت شفتيها لبعضهما وهي تبعد الكوب وحينما ألتفت تفاجأت برؤية المقتربة منها بطريقة غريبة وهي تبتسم وعيناها الفضولية متسعة على آخرها، فانكمشت للخلف وسألتها:
-لما تنظرين لي هكذا؟
زادت ابتسامة رؤية وهي تقترب لتستفتر:
-هل تشاجرتِ أنتِ وأخي سليمان؟
اتسعت عين ياقوت بصدمة وسألتها بحدة:
-ومن أين عرفتي؟
-إذا لقد تشاجرتما.
هتفت بنصر وقد أوقعت ياقوت الهبلاء في الفخ ولم تعبأ في أن ترد عليها بل قامت بإمساك ذراعها وهي تسألها بفضولها القاتل:
-لما تشاجرتما؟.. أن أخي سليمان طيب ولن يفعل شيء ليضايقكِ إذا بالتأكيد أنتِ من فعلتِ.
فتحت ياقوت فمها بذهول ثم اعادت غلقه قبل أن تهسهس لها:
-وما دخلك أنتِ؟
تحولت ملامح رؤية للاستنكار البالغ وهي تدعي الحزن:
-لا والله سأحزن، كيف تقولي لي ما دخلي؟ ألم نصبح أهل يا ابنتي؟ والله أنا أخاف عليكِ كأنكِ أختي بالضبط... لذا اخبريني هل الموضوع متعلق بامرأة ما؟
واتساع مقلتي ياقوت فضحها عند اللئيمة الأخرى التي لمحت ذهولها فهتفت ضاربه كفيها ببعض:
-كنت أعرف، دائما ما تكون هناك امرأة في الموضوع..
ثم عبست في وجه ياقوت وهي تسألها بحنق:
-لكن السؤال المهم هنا، لما تركتِ بيتك؟.. المرأة الناصحة لا تترك بيتها أبدا.
انهار تماسك ياقوت وأخبرتها بصوت منكسر وقد وجدت أحد أخيرا لتصارحه:
-لكنه تركني أذهب ولم يصر علي لأبقى.
لوت فمها وحركته يسارا ويمينا دلالة على عدم الرضا:
-لأنكِ خائبة الرجا، بالطبع لن يتمسك بكِ.
رفعت لها ياقوت عين بها مسحة من الدموع وقد كانت مثل الطفل الساذج وهي تسألها:
-لما لن يتمسك بي؟
مطت رؤية شفتيها بحنق على غباءها واقتربت منها تشرح لها:
-هل رأيتِ دليل قاطع على أنه يخونك معها؟
هزت ياقوت رأسها بأجل صغيرة وأجابتها بمرارة:
-لقد رأيتها مرة عنده في المكتب ومنذ يومان وجدت تذكرتين باسمها قد خبأهما في درج المكتب.
كانت رؤية تستمع لها وهي تسند ذقنها على أصابعها وعندما انتهت رفعت نصف حاجب لتخبرها بتهكم حانق:
-والله مرارتي ستطق مما تقولينه.
قوست ياقوت شفتيها وغمغمت لها بحدة:
-رؤية!
-ماذا؟ .. رؤية ماذا؟.. ألم تفكري للحظة واحدة أنه لو كان يخونك كان سيخبأ التذاكر في الشركة وليس في البيت؟
خمدت ثورة ياقوت فجأة وهي تفكر في هذا الاحتمال الذي غاب عن فكرها لكنها ماتزال تعاند:
-لكن التذكرتين كانتا باسمها.
زفرت رؤية بقوة وهي تنظر للسماء:
-عوض الله علي عوض الصابرين.. ولما لم تسأليه يا ذكية؟
مطت ياقوت شفتيها وخفضت وجهها وقد شعرت بالحرج:
-لقد سألته لكن.. لكن بعدما حزمت حقائبي وقلت له أني أريد الذهاب لبيت أعمامي فرفض أن يجيبني.
كورت رؤية فمها بفهم قبل أن تخبرها:
-أرأيتِ؟ .. إذا لأجل هذا السبب هو لم يتمسك بكِ لأنه شعر أنكِ لا تثقين به.. وأكثر ما قد يضايق الرجال أن يشعروا بعدم ثقة زوجاتهم فيهم، المرأة الناصحة تفتش من وراء زوجها دون أن تشعره بأنها تشك به.
-إذا ترين أنني مخطئة؟
سألتها ياقوت بارتباك فضح عدم خبرتها فأغمضت رؤية عيناها قبل أن تسحب نفسا عميقا وقد أخذت مهمة تعقيل هذه الفتاة على كاهلها:
-أجل مخطئة، أنا لي نظرة في الناس لا تخيب أبدا، وأخي سليمان لم يكن سيدعكِ تجلسين هنا لحظة واحدة لو كان يعرف أنه مخطأ، إذا هو يشعر ببعض الغضب منك لأنكِ لم تسأليه واتهمتيه جزافا دون أن تسمعي مبرره، لو ستأخذين نصيحتي فستكون أنكِ يجب أن تذهبي له وتتحدثا معا حول كل شيء وتصارحيه بمخاوفك دون عصيبة ودون أن تضعيه في موضوع الاتهام.
بلعت ياقوت ريقها بصعوبة وكلام رؤية يدور في جوانب عقلها وهي تسأل روحها، هل اخطأت فعلا؟
سمعا باب البيت يُفتح ومن الخطوات الرصينة أدركا أنه حكيم، وقد صدق ظنهما فقد فتح عليهما الباب بعد لحظتين وقد أرخى ربطة عنقه وظهر التعب واضحا للغاية على ملامحه:
-مساء الخير.
حياهم بصوت منخفض وهو يقترب ناظرا لأم السعد الغافية:
-كيف حالها؟ هل حدثت أي مضاعفات؟
هزت ياقوت رأسها بـ لا صغيرة وهي تجيبه بنفس النبرة المنخفضة:
-لا الحمد لله لقد تناولت طعامها والمسكن وغفت بعد ذلك.
وقفت رؤية تسأله باهتمام:
-يبدو أنك لم تأكل، هل أضع العشاء؟
هز رأسه المنهك وهو يرمي بجسده على المقعد القريب زافرا بقوة:
-أجل رؤية ضعيه فأنا جائع للغاية.
-عيوني.
تلك المرأة تحب الطعام جدا، فكر حكيم بتسلية وهو يراها تهرول للخارج بحماس فظهرت شبح ابتسامة على فمه بينما يلتف لياقوت ويسألها:
-ألم يأتي سلطان بعد؟
تجهمت ملامحها على سيرة عمها وكانت ماتزال غاضبة منه منذ مكالمة الصباح فدمدمت:
-لا لم يعد ولا أظن أنه سيعود اليوم.
اعتدل حكيم في جلسته باهتمام وقد استغرب ما قالته فسألها مستفسرا:
-لما تقولين هذا؟
أشاحت ياقوت بعينها بعيدا وظهر الحنق عليها واضحا، فانعقد حاجبيه وهو يسألها بجدية:
-ماذا هناك ياقوت؟ .. تحدثي.
لوت فمها وهي تخبره بنبرة مليئة بالحنق:
-لقد اتصلت بي توبة اليوم لتخبرني أنها ستعقد قرآنها و..
-ماذا؟
لم يحتاج حكيم لأكثر من هذا ليفهم ما حدث فهب في مكانه خالعا نظارته وهو يعي حجم المصيبة بينما سألته ياقوت باستنكار:
-أكنت تعلم أن هناك شيء بينهما؟
زفر بقوة وهو يلتف لها مجيبا بعدما مسح على ذقنه الغير حليقه:
-أجل كنت أعلم.
تيبست في مقعدها وهي تناظره وشعور من الضياع يصيبها فتحاول أن تجمع الخيوط بعضها ببعض كي تفهم بينما حكيم أسرع يخرج هاتفه وهو يغادر الغرفة:
-سأتصل بهذا الأحمق قبل أن يفعل شيئا متهورا.
وصل له صوت رنين طويل قبل أن يجيب أخاه وصوته ثقيل للغاية وقد ظهر صوت هواء شديد من خلفه:
-ماذا تريد؟
جز حكيم على ضروسه بقوة وهو يهسهس به بصوت حاد:
-أين أنت سلطان؟
ألتف سلطان حوله ليرى السيارات المصفوفة وقد أثقل الخمر رأسه فلم يتضح له أين هو لذا رد على حكيم بنفس النبرة الثقيلة:
-أنا في شارع ما.
شتم حكيم بقوة وهو يسأله:
-أنت ذاهب لها أليس كذلك؟
رغم أن لسانه ينطق الكلمات بصعوبة لكن ظهر البؤس والمرارة واضحا فيه وهو يرد عليه:
-أريد أن أرآها وهي تمنح نفسها لشخص آخر .. أريد أن أرى عيناها وهي تخونني.
أبيضت مفاصل حكيم الممسكة بالهاتف ومنع نفسه من أن يشتم بصعوبة بينما يخبر أخاه بنبرة حادة حازمة:
-سلطان الآسر أريد أن تكون في البيت خلال نصف ساعة وإلا سأتصرف بشكل لن يعجبك أبدا.
ثم لم يمنحه أي فرصة ليعترض وأغلق المكالمة وزفر بقوة وهو يتأمل الصالة الفارغة حوله وقد اشتدت موجات الصداع لديه.
.....

توبة شهريارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن