الفصل ٣

3.2K 297 230
                                    

..

في عز المساء اشتهيت فنجان قهوة، طقس صغير ووقعه جميل، ولو علمت أنه سيكون صدفة لبداية هلاك حتمي، لاستغنيت عنه، واخترت بداية اخرى..

ودخلت اطلبه من مقهى عشوائي في قلب المدينة-

"قهوة تركية- سادة، هل من طلب إضافي سيدي؟"

وشيء دفعني لأن اقول "بل اجعليها اثنان قهوة، احدهما مع سكر وسط"

وجلست أنتظر قهوتي، أبعث برسالة نصية الى أبي، لأطمئن انه سيبقى مع اختي ولا يتهرب كعادته..

كنت جالساً وحدي على طاولة صغيرة في الزاوية لا تشغل حيزاً حتى وانا موجود، وضعت النادلة فنجاناً أمامي، محتارة أين تضع الثاني-

فأخذته منها، ووضعته باحترام أمام الطيف المتخيل على الكرسي امامي..

وذهبت النادلة حين ابتسمت للا شيء الجالس امامي..

"تحبين القهوة سكر وسط ما.. احس بروحك هنا، ان فيّ اطمئنان جميل"

تنهدت وارتشفت من الفنجان السادة، وتابعت حديثي معها، مقنعاً نفسي بوجودها-

"لم أبكٍ بالدموع عليك، أرجو العذر.. ربما أحرقت نفسي في الظلام لأنال شيئًا من النور يومًا ما، فلم يكن رحيلك الذي منحك أنت النور حتماً شيء لابكي عليه.. بل افهمك"

اخفضت صوتي أزيد "أنا سعيد لأجلك، ولو أن الشوق سيعذبني مع الأيام، ولو ان طريقة رحيلك انتزعت مني ما تبقى وهَوَى معك، انا راضٍ ومسلّم للقدر، كما انت راضية ما... الليلة كما وكأني انسان مختلف، ها انا مطرود وهذه ليست اول مرة، الا ان ما اشعر به هو الحرية لدرجة انني اتمنى لو ابقى مطرودًا ومنسيًا"

قمت بطوي منديل ورقي ووضعه بجانب فنجانها-

"لا تحبين علامات احمر الشفاه على الفنجان، وبذات الوقت لا تخرجين الى موعد قهوة دون وضعه"

وسكت مطولاً، حتى برد فنجانها وانتهى فنجاني-

"انا احبك، احبك كثيراً وسأبقى.. احبك وان لم أعد أراك بعيني وألمسك بيدي، ما زلت مؤمناً بأن الحب حر.. وبما أنك الآن حرة، لن اكرهك، بل سأحبك اكثر.. واكثر.. يا عصفورتي يا جميلة الجميلات يولاند"

شعرت بدغدغة في قلبي، بحال من السعادة التي أقاومها، حالي الذي كان يتألم لفقدان امه، انتهى مع هذا الفنجان-

لماذا؟ لا أميز. مثل السحر..

لعلها حقاً أمامي تبتسم لي وتستمتع برائحة قهوتها دون مذاقها.

فضحكت بعفوية، مصدقاً ومؤمناً أن الروح عادت، وان الجسد كان سجن لها وتحررت.

حقاً آمنت، وانتشيت بسعادة حتى تتالت ابتساماتي وتوسعت، بعدها ضحكت بفرح-

Veni, Vidi, Amavi ĮĮ ضَلّ/يWhere stories live. Discover now