الفصل ١٠

1.6K 168 94
                                    


مع طلوع الصباح، والشمس ما زالت زرقاء كئيبة
، تضايقت من الجلوس، فخرجت امشي بالزقاق القديم..

ربما المشي في الهواء البارد يخفف من وهج النار، وتذهب عني بأفكارها، بملامتها، وانغماسي بالجنون والخيانة.

لكن لا، ها هي النار بذات نفسها، متوقدة على عتبة باب بيتها، اسفل مصباح اصفر عنيد، تمد ساقيها، حافية مجدداً، وتشتغل في عقد من الخرز الفيروزي..

الساعة السادسة الا قليل.. ما ببالك حتى تفعلي باكرًا؟ الا تنامين؟

لم اتوقف لاتأمل وجهك الصباحي، يكفي انني تمسيت به-

بل تابعت المشي والزقاق خاوٍ..

"مهموم؟"

سمعت صوتك يرن في حنجرتي، ويسحب مني صوتي، فالتفت اليك..

لم يكن بشر سواي واقف في الزقاق، وانت..

أعدت ما قلته، هذه المرة وانت تنظرين الي-

"مهموم؟"

"موهوم"

اجبتك بالحقيقة، وبقيت مكاني كنصب تذكاري لشهيد منسي..

أما عنك، فأعدت العقد الى العلبة، وجمعت الخرز الفيروزي عن حجرك..

اوقعت عدة خرزات، فتدحرجت في الزقاق..

نفسي التي كانت تلومني عليك الليلة الماضية، أمرتني بالانحناء وجمع الخرز معك..

جمعتها لك، وانت توقفتِ عن اللحاق بخرزاتك حين انحنيت انا..

وآخرها كانت خرزتين اسفل قدميك، أبت نفسي ان تنحني وتلتقطها، لذلك وضعت ما بيدي في علبتك فقط.

قلت لي بينما تغلقين بالعلبة ونظرك على غطائها-

"ان كنت موهوماً بكذبة سعيدة، اختلقتها وصدقتها بنفسك.. أبقها، فمع الوقت لا يبقى لك نَفَس الا عبرها"

"هل انت موهومة بشيء؟"

انظري الي ارجوك.. احفظي وجهي..

ابتسم فمك، عيناك بقيت خاوية، كعظامي تماماً، وقلتِ-

"توهمت لخمسة عشر سنة، احييت في قلبي شعلة من العشق، وفي ذاكرتي اكواماً من الشعر والحكايا، ثم تحقق مرادي.. لم يكن كما حلمت، لذلك بقي وهماً جميلاً وها انا موهومة به"

"بمن؟"

"زوجي، حبيبي الذي عرفته بعمر الرابعة عشر بينما هو في الثلاثين.. انتظرت، وكبرت على وهمه، حتى يُسمح لي بالبقاء معه.. بحثت عنه وعثرت عليه.."

ثم ضحكتِ، وزدتِ على كلامك "ليس علي الشكوى من احلامي أليس كذلك؟ انا من صنعها في خيالي، انها ذنبي انا وحدي"

صوتك، ترتيب كلماتك، تعابير وجهك ويديك، كلها تقول انك امرأة لا تتحدث كثيراً مع الناس-

Veni, Vidi, Amavi ĮĮ ضَلّ/يحيث تعيش القصص. اكتشف الآن