وابتسم الهلال

155 11 114
                                    

«لَيسَ مُجرَدَ شَهرٍ وَلَيسَتْ مُجَردَ تَفاصِيلْ، إِنهُ حَياةٌ  وَإنَها حَياةٌ في قَلبِ حَياة»

°°°

فتحت عيناها ببطئ،

تخللت رموشها أشعة الشمس المتسلسلة من زجاج الخزانة، بالضبط كما تسللست الأصوات أيضاً،

فهتفت بتذمر

«يا للإزعاج! ألا حقوق لنوم التمر هنا! ليعدني أحدهم إلى المتجر الهادئ! ما هذه الضجة الآن؟»

ومن موقعها الإستراتيجي وسط طبقٍ ناصعٍ تراصت على حوافه رسومٌ لبتلاتٍ أرجوانية، يسار إبريق الماء الزجاجي تحديداً،

من على الرف العلوي لخزانة المطبخ العسلية الكاشفة للحديقة من جهة والصالة من الجهة الأخرى، أخذت تستطلع المنظر أمامها

جميع أفراد الأسرة في حركة، في صخب ملون، حتى أنه يمكن لأيٍ كان تشمم عبق البهجة يختال بوضوحٍ في الأرجاء

كان الأمر أشبه باستعدادٍ لاستقبال عزيزٍ أطال الغياب، ووصلت للتو برقية عودته

حاولت تمرة رفع نفسها من وسط بقية التمرات التي تتحدث فيما بينها؛ لتكمل رصد المشهد

فصافحت أنظارها الحديقة أولاً،

إنها الساعة التي تسبق الغروب، وفيما كانت نسمات المساء تقفز هنا وهناك تلاعب أوراق الشجر وتهدهد الأغصان، كان طفلا العائلة يحاولان مجاراتها، يقفزان يدوران حول كل شيئ_بشراً كان أم جماداً_

يتراقصان على نغمات ماهر زين، في أنشودته التي قالها المذياع الرمادي المتموضع أعلى طاولة المطبخ

يا.. نور الهلال..أقبل تعال..فالشوق طال

فابتسمت تمرة لا إرادياً، وحاولت التمايل للنغم، إلا أن إحدى التمرات حدجتها بنظرة مريبة؛ فتوقفت وأبعدت انظارها للخارج ثانيةً تدعي الإنشغال

نظرت يسار الحديقة، فكان الأب هناك يصاحب السلم البني القديم يرتقيه، تحاول أصابعه إقناع أحبال الزينة المضيئة بالتعلق فوق شجر الحديقة والبوابة،

فيما كان ابنه البكر ذو التسعة عشرة ربيعاً يسند السلم من الأسفل، بينما تعانق كفه اليمنى الهاتف الحالك يحاور أحدهم بصخب؛ حول إذا ما كان هناك إمكانيةٌ لإيجاد مسجدٍ يخرق الحجر لصلاة التراويح الليلة

ليرد الأب وهو منسجمٌ بربط أحد أطراف حبل زينةٍ أزرق الإضاءة، والبهجة

على متن الهلالWhere stories live. Discover now