" أثر " / 13

913 35 0
                                    

" أثـر " / 13

نـورا : هـي ابدأ يا ياسين ..

ياسين : قررت نستلم اني هالجزء ، ونحكيلكم وقت كانت ماسة تحت العمليـة شن لصار .

-

حبيبتي زي الملاك راقدة داخل ، وقلبي هني مش قادر يهدأ ، كان كل شئ فيت خايف ، واقف برا مش قادر حتى نخش داخل ، كنت كل شوي نبعت لمنتهى رسالة ، " منتهى طمنيني ، منتهى شن صار ، منتهى معاش فيا صبر " ، كنت فاتح صورتك ونتفرج على عيونك الذابلات الي داسة فيهم الدنيا كلها ، نقرأ فمحادتتنا ونسمع ف المكالمات المسجلة ، ضحكتك قداشها حلوا ، فيها بحة تصدقي اول مرة نركز عليها ؟ ، تتكلمي بتأنِ وبالشوي ، وتسكتي برضو بنفس الطريقة ، الجو هلبا صقع ، لكن كنت دافي بصوتك وصورك ودموعي ، حطيت السماعات في ودني غمضت على عيوني واني مقعمز على الكرسي الي فجردينة المستشفى ، ندعيلك فخاطري ونحاول نمسح دموعي باش م يشوفهم حد من الناس الفايتة ، نتخايل فيك شادة في ايدي فمكان فيه هلبا ناس ومعازيم لابسة فيلـو أبيض زي قلبك وبنفس الملامح الي تعودوا يسحروني ، نتخايل فيك في حوشنا بنفس الهدوء الي نحبه فيك ، تضحكي باش اداري حشمك ولا ضيقتك ، تخايلتك في هلبا مكانات وفي هلبا مواضع ومواقف ، حاس روحي فاللحظة هادي نحبك اكتر من اي وقت ، نحبك بطريقة متشبهش الي قبلها ، نحبك بقوة وبخوف وبأنانية .

واني فعز هيامِي بصوتك ، جي راجل قعمز فـجني ، نحيت السماعة احترامًا ليـه ،، ساكت م قال شئ ، بعد شوي وقـت تكلم بلهجته الي واضحة مصرية وقال بمعنى : من بكري نراقب فيك تبكي وتمسح في دموعك ، عندك حد داخل !
تنهـدتّ بطريقة خلت هواء الأردن كله يخـش لجسمي .. بعد شوي سكوت : حبيبتي .
ابتسم الراجل وعاود سألني : انت من وين ؟
اني : ليبي .
حسيت فضوله كبر من جيهتي  .
قال بمعنى : جاي انت وياها بروحكم ؟
ابتسمت واسترسلت : لا هيا جاية مع عيلتها واني لاحقها .
سكت ويستنى فيا نكمٰل ..
وفعلًا كملت حكيتله القصة من اول م عرفتك شن صار ، لمعت الدموع في عيونه ، قعد يدعي انك تفيقيلي ونروح اني وياك زي م جينا .
مسحت الدموع الي هربوا مني : هيا حبيبتي واني اقوى من المرض ، حتفيق اني واتق فيها مستحيل تخليني .
الراجل كان مثأثر بطريقة واضحة ، فهمت منه انه بنته مريضة برضو ، بس حالتها خطيرة والسرطان جايها في الدماغ وخاشة في غيبوبة ليها اكتر من اسبوعين ، وجعني هلبا لدرجة لقيت روحي نطبطب عليه وندعيله ونطمن فيـه .
الراجـل : أثر بنتي فقدت البصر بسبب المرض .
فيسع شبحتله : بنتك اسمها أثـر .
ضحك قالي اي .
وريته الـعلامة الي ف ايدي وحكيتله عليها ، عرفت هالمرة زي اول مرة انه هالأثـر مش صدفة ، الجرح الي في ايديك اني موجود هني باش نبوسه لين يبرأ .

كـان الوقت يمشي على قلبي بكل غلـه وببطء كبير ، ناض الراجل مشي ورجعت اني لـوحدتي الفاضية من الدنيا كلها الا انتِ وتفاصيلك ، وياريتني نرجع بالوقت لتالي لوحدة من الليالي الي رقدتك فيهم في حضن صوتي ، نوقف الوقت ونعيش غادي ، مع براءتك وانتِ هادية وصوت نفسك الي رهيف وحنين كأنه شارع من شوارع طرابلس ، بكيت هلبا تاني ولساني م بطلش يدعي دقيـقة ..

بعد نص ساعة تقريبًا بدت المطر تصب ، م حاولتش نتحرك من مكاني قعدت تحتها حسيتها تغسل ف قلبي وحسيتها جت باش تتبتلي انه غـيث ربي حيرجع يصب على حياتي ، دعيتلك هلبا ، دعيـت وكل شئ فيا واثق انك حتفيقي ، دعيلتك من قلب مستعد يبيع الدنيا كلها بمقابل يشوفك واقفة قدامه تاني ، بنفس الطريقة الي شافك بيها اول يوم ، بنفس الوقفة وقرنت الحاجب والصوت الجاف ونظرة اللامبالاة ، بنفـس البرود والعصبية وقوة الشخصية ، بنفس الحنية الي رجعتلي بانتلي ، بنفس الهدوء والملامح الي تشبه في سكوتها وآمانها قلب ليبيا ، بنفس الضحكة ونبرة الصوت القنينة ، بنفس البراءة والرقة والحدة والجمال والقوة والضعف والآمان والقسوة والقلب الأبيض .

كنت صقعان هلبا ، ونفكر هلبا وخايف هلبا ، وكنت برضو عارف انه مفيش حاجة فالدنيا تقدر تريحيني من هذا كله الا رسالة صغيرة من منتهى فيها انه العملية نجحت ، انت بتنوضيلي وانك بعد اقل من شهر حتكوني مرتي .

كنت في غربة لما انتِ كنت داخل ، من لما جيت هني معمريش حسيت بهالشعور ، كنت حاس روحي جايب معاي ليبيا كلها هني ، جايب دفاها وريحة ترابها وبحرها وشوارعها ولعب صغارها واعيادها وبدايات شتاها وليالي صيفها ، اول مرة نحس بالغربة ، نحس لـو قدر الله تصيرلك حاجة حنعيش باقي عمري لا عندي بلاد ولا حوش يلمني ، كنـت خايف هلبا هلبا خـايف ، للحـد الي مخليني نبكي بطريقة تخوف وغريبة ، دموع سنين الـيوم طلعوا ، طلـعوا على كرسي في جردينة في وحدة من مستشفيات الأردن فيوم شتوي مصقع معبي بالغيوم ، الشمس فيه كـانت تحت العمليَة ، كنت عارف انه هالشئ اختبار من ربي باش يزيد يقربنا ويقوي هالحب ، باش يوريني قداش نحبك ، ونوروا الناس انه الحب اقوى من كل شي ديما ، اقوى حتى من الأمراض الخطيرة ومن الحروب ومن المسافات ❤️ ..

نـورا نصر / يتبـع

" أثـر " Donde viven las historias. Descúbrelo ahora