الجزء الثالث

847 32 0
                                    


لم تتوقع نفسها بأنها ستنام في عمق حتى وقت متأخر في الصباح. حين ايقضها ضجيج الطبيعة في الخارج اعتدلت في جلستها على السرير لتنظر عبر زجاج النافذة الذي كان يرتجف مصدرا صريرا من شدة الهواء. الجو كان معتم و غائم بشدة.
سحبت الغطاء أكثر تغطي نفسها من البرد الذي اجتاحها. جالت بعينيها في أرجاء الغرفة المتواضعة جدا مقارنة بغرفتها في منزل والدها. سرير فردي يقبع تحت النافذة و ما تبقى من مساحة بالكاد يكفي لخزانة صغيرة و مرآة معلقة على الحائط أسفلها رف يحاول الصمود ثابتا.
تتابعت طرقات المطر على زجاج النافذة لتزداد شدة.
نهضت و هي لا تعرف ما الذي ستفعله أو ما الذي ينتظرها.

أخذت نفسا و هي تنظر الى نفسها في المرآه تمشط شعرها بعد ان استبدلت منامتها التي أحضروها لها بذات ثوبها الأخضر الذي اشترته سابقا.
لم تعتد على هذه الحياة لكن عليها ان تتحمل و تعتاد ذلك.
انتبهت للقرط الذي وضعه لها سيف ليلة البارحة. لترفع كفها لا ايراديا الى و جنتها تماما حيث لامستها أنفاسه. و هي تستعيد ذات الاحساس الذي انتابها.
عقدت حاجبيها أكان عليه تثبيته بأسنانه. مدت يدها تجرب نزعه لكنها لم تستطع حاولت أن تستخدم قوة أكبر لكنها فشلت. زفرت بحده، ماهذا القرط العجيب؟
جمعت شعرها في جديلة تتدلى على كتفها و عقدته بالمنديل الذي كانت تلف رأسها به.
ابتسمت برضى لتخرج نحو جديها المزعومين اللذان لا تفهم حتى حديثهما لكنها بدأت تحبهما. كما أنها تعلم بأنها حين تخرج لن تجد سيف فحتما بأنه غادر مع اول خيوط الصباح. هذا الامر جعلها تشعر بشيء من الانزعاج لانها تفتقد للامان بدونه و تشعر بالارتياح في نفس الوقت لانها لن تتوتر من وجوده.
" صباح الخير "
قالت ذلك و هي تراهم يجلسون قرب المدفئة التقليدية التي تتوسط الغرفة يضعون سفرة فطور بسيطة على الأرض.
ردو عليها ذات التحية و هم يطلبون منها الانضمام اليهم و تناول الفطور بصحبتهم.
و قبل أن تهم بالجلوس طرق الباب لتنظر اليهم بخوف لبرهه لكن سرعان ماتشجعت و قالت للعجوز الذي أراد النهوض ليفتح.
" أنا سأفتح يا جدي "
ابتسم لها مطمئنا
سارت بسرعة حين تكرر الطرق لتفتح مباشرة لتبتسم بارتياح وتتألق عيناها حين رأت سيف يقف يرتدي معطف مطر داكن عاقد الحاجبين يحمل أكياس في يديه.
قال بغضب
" لم تفتحين قبل السؤال من؟"
لم تعرف بما ترد بل تنحت جانبا ليدخل و يناولها الأكياس
" لن تفتحي الباب مرة أخرى دون أن تتأكدي من خلف الباب "
التقطت عنه الأكياس بصمت و تعود للداخل غير محتملة توبيخه لها.
نزع معطفه ليعلقه و يلحق بها. رحب به العجوزين و طلبا منه الانضمام للفطور و كذلك فعل.
كانت تتناول فطورها بهدوء و هي تشعر بأن عينيه تراقبان كل حركة تقوم بها.
نهضت و انشغلت بالنظر الى مافي الاكياس لتبتسم حين ترى بأنه فكر باحضار حاجيات و بعض الملابس لها و للعجوزين.

" أتمنى أن تناسبك "
سمعت صوته لتلتفت اليه يقف خلفها لتقول بامتنان و هي تمسك سترة صوفية صفراء
" شكرا لك فأنا حقا بحاجتها "
لترتديها مباشرة متناسبة مع فستانها الأخضر
سألها
" هل كل شيء على مايرام؟ هل تحتاجين الى شيء "
هزت رأسها نافية بصمت مطرقة بصرها لينتبه بأن هناك امر يدور في بالها.
" ماذا هناك؟"
فرعت بصرها اليه
" لا أعرف شيئا عن أبي "
اقترب منها ليضع يديه على كتفيها
" غلبا كل شيء يسير على حسب الخطة و الا لكنا علمنا"
ادارت ظهرها له مدارية دموعوها و الخوف يملأ قلبها
" غالبا؟ أنت حتى لست متأكدا "
قال و هو يراها تميل برأسها للأسف و ترفع كفيها لتغطي و جهها
" نعم لا استطيع أن أتأكد لكني أثق بوالدك و من معه و بأنهم لن يستسلمو بسهولة "

في انتظار المستحيل ... مكتملةWhere stories live. Discover now